محكمة القضاء الإداري

تنظر محكمة القضاء الإداري  في الفيوم بقيادة رئيس المحكمة المستشار حمدي عبد الله أحمد مرسي، الأربعاء، أولى جلساتها  للمرافعة في القضية رقم 6526 لعام 2013 قضائية والمعدلة برقم 167 قضائية دائرة الفيوم، والتي رفعها المستشار القانوني صابر عمر عثمان، والمعروفة إعلاميًا بـ "الدير المنحوت" في محافظة الفيوم، والمؤجلة من جلسة   24 يونيو "حزيران" 2015 إلى جلسة الأربعاء  المقبل 18 من نوفمبر "تشرين الثاني" لدخول خصوم جدد، والرد على تقرير هيئة المفوضين، وتقديم مستندات، وأدلة جديدة إلى هيئة المحكمة.

كان نقيب المحامين في الفيوم محمد مختار، محامي المدعي قد اختصم في الجلسة المُنقضية، وزيري "الآثار" و"السياحة" في الدعوى وإعلانهم.

ويحضر هذه الجلسة، ويترافع فيها نقيب المحامين في الفيوم، ومحامي المدعي مصطفى منسي، المستشار القانوني صابر عمر، وأكثر من 15 محاميًا تضامنًا مع المدعي، وذلك لرد مساحة 120 كيلو متر مربع  في محميتي وادي الريان، ووادي الحيتان في الفيوم، استولى عليها مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم بالرهبان وتعديهم على القوات المسلحة والشرطة أثناء تنفيذ قرارات الإزالة لإنشاء سور حرساني، والتنقيب عن الآثار داخل المحميتين وليس "التعبد"، كما يزعمون، وكما هو موثق لدينا بالأدلة الدامغة التي لا تدع للشك مجالًا من خلال المستندات وقرص مدمج كأدلة جديدة لهيئة المحكمة الموقرة، فضلًا عن تصديهم، ومنعهم شق الطريق الإقليمي الذي يمر في وسط المحمية في الوقت الذي أصدرت فيه الكنيسة المصرية قرارً بشلح راعي دير الأنبا مكاريوس الأنبا  إليشع، وتخلي الكنيسة عن هذه المجموعة  التي تنتحل صفة الرهبانية التي تتسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة.

 ويقدم محامي المدعي إلى هيئة المحكمة  في هذه الجلسة، حافظة مستندات جديدة  للرد على تقرير هيئة المفوضين، كما تضم  صور رسمية  لصدور أحكام  جنائية بحبس عدد من الرهبان وأحكام إزالة وصور فوتوغرافية وقرص مدمج يدين الرهبان بالتنقيب عن الآثار في هذه المنطقة التي عثروا فيها على مجموعة من الشواهد الأثرية.

كان المستشار القانوني المحامي صابر عمر عثمان، قد قدم من  قبل  إلى هيئة المحكمة حافظة مستندات متضمنة 21 مستندًا وتضم  عقد إتفاق الدير المنحوت والمطعون عليه في ذات الدعوى، وجميع قرارات الإزالة التي صدرت لإزالة التعديات التي قام بها رهبان الدير المنحوت  على محمية وادي الريان في منطقة العيون الكبريتية الطبيعية، وإقامة العديد من المباني الخراسانية وكنيسة جديدة ومخبز ومساكن وتحويل أجزاء من المحمية إلى أرض زراعية تقليدية وحظائر للمواشي وحرمان الحيوانات البرية النادرة والمهددة بالانقراض والطيور المهاجرة  من دخول  المحمية لسيطرتهم على العيون الكبريتية التي تتدفق بالمياه وسط جبال وصحراء المحميتين.

وأيضًا إنشاء سور خرساني أكثر من 15 كيلو متر ضمن المساحة التي استولى عليها الرهبان الذين يقدر عددهم من  50 إلى 60 راهبًا، وتقدر هذه المساحة بـ 120 كيلو متر مربع، وفيها طريق الجمال أقدم طريق صحراوي، الطريق المؤدي إلى محافظة الإسكندرية والصحراء الغربية، ومنع التدفق السياحي إلى المنطقة والذي يقدر بأكثر من 150 ألف سائح سنويًا،  وتعدي رهبان الدير المنحوت  بالأسلحة على مكتب جهاز شؤون البيئة في المنطقة وتحطيمه ونهب متعلقاته.

كما تقدم المحامي ببلاغ إلى النائب العام  الأسبق المستشار طلعت عبد الله، وكيلًا عن "منسي "بصفته الصحافية وشخصه لكونه من أبناء محافظه الفيوم يحمل بلاغ النائب العام رقم 7096 في 4 مايو "آيار" 2013، ضد الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة التابع لوزارة الدولة لشؤون البيئة بصفته،  وتتمثل واقعه البلاغ في قيام المبلغ ضده بالاشتراك مع آخرين مذكورين في عقد الإتفاق المؤرخ في 30أبريل "نيسان" 2013 وهم الطرف الأول عن جهاز شؤون البيئة الدكتورة فاطمة أبو شوك، والطرف الثاني دير الأنبا مكاريوس  الإسكندري "الدير المنحوت " وينوب عنه الراهب إليشع المقاري، والطرف الثالث ممثلي السكان المحليين، وهم محمد عبد القادر ألشيمي ومفرح عبود محمد وعادل دهيم  ألرمحي عن قبيلة ألرمحي وعبد المنعم صلاح المالكي عن قبيلة المالكي.

ويمثل رعاة الإتفاق على العقد كل من وزير "التنمية المحلية" الدكتور محمد بشر، والكنيسة المصرية ويمثلها سكرتير قداسة البابا تواضروس القمص انجليوس، ووزير الدولة لشؤون "البيئة" الدكتور خالد فهمي، ووزير "الداخلية" ويمثله مساعد أول الوزير للأمن العام اللواء عابدين يوسف، ومحافظ الفيوم الأسبق المهندس أحمد على.

بإصدار عقد  سلبي اتفاقي في 30 أبريل "نيسان" 2013، والامتناع عن تنفيذ القرار رقم 23 لعام 2011 بإزالة كافة التعديات على منطقة العيون في الدير المنحوت" دير القديس مكاريوس الإسكندري" في محمية وادي الريان في الفيوم حسب مفهوم عقد وزير "البيئة" المشوب بجريمة جنائية حسب المادة 123 من قانون العقوبات والمادة 48 من قانون جريمة الاتفاق الجنائي، حيث أضر إتفاقهم بالمصالح العليا للبلاد في صورة إهدار المال العام وإضرار بمصالح أهالي الفيوم الذين مسهم القرار، والمبلغ أحدهم، وإخلال رهبان الدير المنحوت ببنود الإتفاق المبرم بين كافة الأطراف وخرقهم كافة البنود والقرارات والقوانين الخاصة بالمحميات الطبيعية.

وطالب مقدم البلاغ، النائب العام، بإصدار قرار عادل وعاجل بإجراء تحقيق قضائي في هذه الواقعة التي تمس السيادة المصرية ولكن لم يحرك النائب العام ساكنًا.

وتعود مشكلة تعدي رهبان دير المنحوت الأنبا مكاريوس إلى الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير, وكشفها أهالي الوحدة المحلية لمركز ومدينة يوسف الصديق, وتكشفت تفاصيلها ببلاغات ومحاضر رسمية حررها محمد إسماعيل محمد، ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة يوسف الصديق  السابق محمود عبد الصمد, وعدد من موظفي جهاز شؤون البيئة في المحافظة, وحملت المحاضر أرقام  2962 إداري مركز يوسف الصديق لعام 2010، و349, كما حررت إدارة المحمية محاضر ضد الدير آخرها رقم 3457 جنايات وآخر برقم 4441 إداري مركز يوسف الصديق، مُشيرًا إلى صدور 3 قرارات مخالفات ولم يتم إزالة التعديات.

على الرغم من صدور القرارات 765 لعام 2010 ، و23 لعام 2011، و3457 لعام 2011 من قبل وزارة "البيئة" بشأن تعديات الدير، فإنّ الدولة لم تستطع تنفيذ قرارات الإزالة خشية الدخول في صدام مع الكنيسة.

وأكدوا أنّ رهبان دير الأنبا مكاريوس والمعروف باسم الدير المنحوت اعتادوا التعدي على المحمية الطبيعية في وادي الريان بإقامة المنشآت وإتلاف النباتات النادرة بها وإقامة إنشاءات عشوائية بالمخالفة لقوانين البيئة والمحميات الطبيعية، وأحضروا كميات كبيرة من البلوك الأبيض من محافظات المنيا وسوهاج عن طريق سيارات نقل كبيرة اجتازت الدروب الصحراوية بالمخالفة لقراري المحافظ أرقام 664 و1962 لعام 2009 والخاصة بحظر نقل البلوك الأبيض، واستخدموها في بناء سور ضخم  من دون ترخيص، وعندما انتقلت أجهزة البيئة ورجال الوحدة المحلية لمركز ومدينة يوسف الصديق إلى المكان وجدت كميات كبيرة من البلوك الأبيض  تزيد على 30 ألف، وأثناء محاولة وقف أعمال البناء، تعدى الرهبان عليهم بالسب والضرب والقذف بالطوب والحجارة, وحاولوا نقل البلوك إلى أماكن أخرى باستخدام سيارات وجرارات غير مرخصة، وتم ضبط 4 سيارات محملة بما يزيد على 17 ألف وحدة من البلوك الأبيض كانت في طريقها إلى الدير محيط الدير العتيق في وادي الريان والتي تعد من أهم المحميات الطبيعية في مصر، ويقع جنوب غرب محافظة الفيوم، وهو عبارة عن منخفض عميق من الحجر الجيري الأيسوني، تنصرف إليه كميات من مياه الزراعة في الفيوم.

وتتكون محمية وادي الريان من البحيرة العليا والسفلى التي تتميز بثروتها السمكية النادرة، بالإضافة إلى منطقة الشلالات وجبل المدورة ومنطقة عيون الريان، وجبل الريان، وتعيش في منطقة العيون مئات الحيوانات البرية وما يزيد على 100 نوع من الطيور المهاجرة ويتخللها 3 عيون كبريتية طبيعية جنوب غرب البحيرة السفلى. كما يوجدمنطقة قارة جهنم المعروفة بـ"وادي الحيتان" حيث حدث انتحار جماعي للحيتان في هذه المنطقة منذ ما يقرب من 40 مليون عام، بسبب انحسار البحر المتوسط حتى الإسكندرية، وكل فترة يتم اكتشاف هيكل جديد لهذه الحيتان وتضم أكثر من 600 هيكل عظمي لأنواع الحيتان الأولية.

وأعلنت منطقة وادي الحيتان محمية طبيعية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 943 لسنة 1989 والمعدل بقرار رقم 2954 لسنة 1997، وقد اعتبرت اليونسكو عام 2005 المحمية موقعًا تراثيًا طبيعيًا عالميًا، وتم افتتاحها رسميًا في 10 فبراير "شباط" 2008، كما تم إعلان بحيرة وادي الريان من الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية للطيور المهاجرة، وفقًا لإتفاقية "رامسار"، وهي معاهدة دولية للحفاظ على الأماكن الرطبة.

وفي جبال منطقة وادي الريان يقع دير الأنبا مكاريوس السكندري والمعروف بـ"الدير المنحوت" لأنه محفور في الصخر، وبدأت قصة بناء الدير العتيق عام 1960 عندما ذهب الأب متي المسكين إلى وادي الريان وأقام لفترة طويلة، في كنيسة أنشأها هناك بعد طرده من وادي النطرون ثم تركها قبل أن يعود مجموعة من الرهبان للدير ليعيشوا ويتعبدوا فيها عام 1995.

وتنص المادة الثانية من قانون المحميات على منع وحظر إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أية أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية في منطقة المحمية، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة.

وبرغم الحماية القانونية للمحميات إلا أنّ المحميتين تعرضت إلى أكبر قدر من انتهاك القانون والتعدي على الثروات الطبيعية والتنقيب عن الآثار وهذا التعدي يتم تحت سمع وبصر كافة أجهزة الدولة.