الأوزون

يحتفل العالم الثلاثاء القادم باليوم العالمي للحفاظ على طبقة الأوزون 2014 تحت شعار "حماية طبقة الأوزون : المهمة لا تزال مستمرة"، ففي عام 1994 أعلنت الجمعية العامة اعتبار يوم 16 سبتمبر للاحتفال باليوم الدولي للحفاظ على طبقة الأوزون، وهو اليوم الذي وقعت فيه أكثر من 190 دولة على بروتوكول مونتريال 1987 الذي يحدد الإجراءات الواجب إتباعها على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي للتخلص تدريجيا من المواد التي تستنزف طبقة الأوزون.
فطبقة الأوزون هي غلاف غازي هش يحمي كوكب الأرض من الإشعاعات الشمسية الضارة مما يساعد على حفظ الحياة على هذه البسيطة.. وساعد التخلص من استخدامات المواد المستنفذة للأوزون الخاضعة للرقابة وما نجم عن ذلك من تخفيضات، لا في حماية طبقة الأوزون خدمة لهذا الجيل والأجيال القادمة فحسب، بل شكل مساهمة كبيرة أيضا في الجهود المبذولة على صعيد العالم لمعالجة تغير المناخ، ووفر الحماية لصحة الإنسان وللنظم الإيكولوجية من خلال الحد من وصول الأشعة فوق البنفسجية الضارة إلى الأرض، ووفقا للاتفاقية التي وقعتها الدول المذكورة تلتزم الدول الأطراف المعنية بخفض استهلاكها تدريجيا من المواد المستنزفة لطبقة الأوزون إلى 85 % بحلول عام 2007 وصولا إلى التخلص التدريجي التام بحلول عام 2010.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون - في رسالته بهذه المناسبة - إلي أنه منذ ربع قرن وأكثر، وحد العالم جهوده لعكس مسار نفاد طبقة الأوزون الجوي التي تحمي الأرض من الإشعاعات المضرة المنبعثة من الفضاء، وطبقة الأوزون الآن في طريقها إلى التعافي خلال العقود القليلة المقبلة، ومن المسلم به على نطاق واسع أن بروتوكول مونتريال المتعلق بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون من أنجح المعاهدات البيئية في التاريخ، فهو يضع ضوابط ملزمة قانونا تحكم إنتاج واستهلاك المواد المستنفدة للأوزون على الصعيد الوطني، ويحظى بتصديق عالمي من 197 طرفا.
وتكشف نتائج أحدث الأبحاث العلمية أهمية بروتوكول مونتريال، فمن دون هذا البروتوكول والاتفاقات المرتبطة به، كان من الممكن أن تتضاعف مستويات المواد المستنفدة للأوزون في الجو عشر مرات بحلول عام 2050، كما أن العمل المشترك وقانا من ملايين الحالات من سرطان الجلد.
وذكر مون أن للبروتوكول أيضا إسهاما كبيرا في مكافحة تغير المناخ، ذلك أن العديد من المواد المستنفدة للأوزون هي من أقوى غازات الاحتباس الحراري.. وتغير المناخ يضر بالمجتمعات المحلية والاقتصادات والنظم البيئية في مختلف أرجاء العالم..لذلك، من الضروري أن نعمل على التخفيف من حدة هذا الخطر، متحلين في ذلك بما أبديناه من وحدة الصف في مواجهة أخطار نفاد الأوزون، فلنتخذ مما بذلناه من جهود لحفظ طبقة الأوزون مصدرا للإلهام، فقد أثبت بروتوكول مونتريال أن العمل الحاسم الذي يقوم المجتمع الدولي، بما في ذلك القطاع الخاص، يمكنه أن يحقق نتائج تحدث التحول المنشود، لما فيه مصلحة الجميع، لنقتدي إذن بهذه التجربة ونطبق الدرس الذي تعلمناه منها في المهمة العاجلة المتمثلة في مجابهة تحدي المناخ.
وتقع طبقة الأوزون عاليا في الغلاف الجوي، بين 10 و40 كلم فوق سطح الأرض، فوق المكان الذي تحلق فيه معظم الطائرات، في منطقة تعرف بالإستراتوسفير، وهي تحتوي على 90% من كل الأوزون في الغلاف الجوي، وتعمل مثل واق طبيعي للشمس، فتمتص الأشعة فوق البنفسجية (UV) وتحمي الأشخاص والحيوانات والنباتات من أشعة الشمس الضارة، من دون طبقة الأوزون، نصبح معرضين للأشعة فوق البنفسجية 70 مرة أكثر من تعرضنا لها اليوم ، وسيعاني عدد أكبر من الأشخاص من حروق الشمس وسرطان الجلد ومشاكل في العيون.
وطبقة الأوزون هو الجزء من الغلاف الجوي لكوكب الأرض والذي يحتوي بشكل مكثف على غاز الأوزون، وهي متمركزة بشكل كبير في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي للأرض.
ومن خلال تقرير عن طبقة الأوزون اكتشف كل من شارل فابري وهنري بويسون طبقة الأوزون في 1913 وتم معرفة التفاصيل عنها من خلال دوبسون الذي قام بتطوير جهاز لقياس الأوزون الموجود في طبقة الستراتوسفير من سطح الأرض بين سنة 1928 و1958 قام دوبسون بعمل شبكة عالمية لمراقبة الأوزون والتي ما زالت تعمل حتى وقتنا هذا، وعلى الرغم من أن تركيز الأوزون في طبقة الأوزون قليل، إلا أنه مهم بشكل كبير للحياة على الأرض فعندما تسقط دفقة من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس عبر طبقة الأوزون فإن طبقة الأوزون تمتصها فتتفكك جزيئات الأوزون بسبب ذلك وبعد ذلك تعيد الدفقة التالية من الأشعة فوق البنفسجية تشكيل الأوزون المفكك وفق آليات بالغة التعقيد نتيجة لذلك لا يصل إلي سطح الأرض إلا كميات محدودة جدا من تلك الأشعة القاتلة السامة للإنسان والحيوان والنبات بسبب تكرار عملية التفكيك وإعادة تشكيل طبقة الأوزون.
وتوزيع الأوزون في طبقة الستراتوسفير سماكة الأوزون هي الكمية الإجمالية في عامود رأسي من الهواء وهي تختلف لأسباب كثيرة، حيث تكون أقل عند خط الاستواء وأكبر مع المرور عند القطبين، وهي تختلف أيضا في المواسم حيث تكون أكثر سماكة في فصل الربيع وأقل سماكة في فصل الخريف، والأسباب لذلك معقدة يتضمن ذلك دورة الغلاف الجوي وقوة الشمس، وهناك تقرير عن طبقة الأوزون يبين أن تآكل الطبقة يتم من حدوث التفاعلات التالية تقوم الأشعة فوق البنفسجية بتحطيم مركبات الكلوروفلوروكربون يؤدى إلى انطلاق ذرة كلور نشطة وتتفاعل ذرة الكلور النشطة مع جزيء من غاز الأوزون وينتج عن تفاعل ذرة الكلور مع جزيء الأوزون جزيء أكسجين وأول أكسيد الكلورين وتتفاعل ذرة أكسجين نشطة مع أول أكسيد الكلور حيث تنطلق ذرة كلور نشطة لتحطيم جزيء أوزون جديد وهكذا تتم الدورة.
وتشير وثيقة موجزة من التقييم العلمي لاستنفاد الأوزون عام 2014، والتي صدرت حديثا واشترك في إعدادها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، إلي أن طبقة الأوزون التي تحمي الحياة من إشعاعات الشمس فوق البنفسجية التي تسبب الإصابة بالسرطان تظهر أول مؤشر على أنها تزداد سمكا بعد سنوات من التآكل الخطر.
وقال خبراء إن "الدراسة أظهرت نجاح الحظر الذي فرض في العام 1987 على انبعاث الغازات التي تضر بالطبقة الهشة التي توجد على ارتفاع عال وهو إنجاز يساعد في منع ملايين الحالات من الإصابة بسرطان الجلد وحالات أخرى".
وجاء في التقرير أن فتحة الأوزون التي تظهر سنويا فوق القارة القطبية الجنوبية توقف اتساعها في كل عام وإن كان سيمر عقد قبل أن تبدأ في الانكماش.. وأشارت دراسات سابقة إلى أن طبقة الأوزون توقفت عن التآكل، وبدأت طبقة الأوزون الواقية لكوكب لأرض في التعافي، بسبب التخلص التدريجي منذ ثمانينات القرن الماضي من بعض المواد الكيميائية المستخدمة في التبريد والمبيدات.
وقالت اللجنة العلمية للأمم المتحدة في تقريرها إنها "المرة الأولى منذ 35 عاما استطاع العلماء تأكيد حدوث زيادة مستمرة في طبقة الأوزون القادرة على حماية الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تسبب سرطان الجلد وتلف المحاصيل وغيرها من المشاكل الخطيرة".. وقال عالم من وكالة ناسا بول نيومان إن "مستويات الأوزون ارتفعت في المنطقة الواقعة على مسافة 45 كلم فوق خطوط العرض الشمالية الرئيسية 4 %، وذلك منذ العام 2000 إلى عام 2013".
وكان نيومان قد شارك في لجنة تقييم الأوزون، التي تنعقد كل أربع سنوات بحضور 300 عالم من 36 بلدا، وتصدر نتائجها في هيئة الأمم المتحدة، وبالرغم من هذه الأخبار المتفائلة إلا أن التقرير ذكر أن طبقة الأوزون لا تزال بعيدة عن الالتئام الكامل خاصة فوق نصف الكرة الجنوبي الأقصى حيث لا تزال المواد الكيميائية طويلة الأمد التي تفتك بهذه الطبقة تسبح في الغلاف الجوي، وتخلق ثقبا في الطبقة خريف كل عام.. وحسب نيومان لا تزال طبقة الأوزون أرق بحوالي 6 % عما كانت عليه في عام 1980، إلا أن العلماء أجمعوا على أن الجهود الرامية إلى التخلص من المواد المدمرة لطبقة الأوزون تعتبر واحدة من قصص النجاح العظيمة للتضافر الدولي في التصدي لظاهرة التغير البيئي العالمي.
ويقول المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أشيم شتاينر إن "الأنشطة المضطلع بها لحماية طبقة الأوزون لا تمثل نجاحا فحسب، وإنما تواصل تحقيق فوائد متعددة للاقتصاد بما في ذلك الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية"، ويشير إلى أن الأوزون لم يتناقص طوال العقد الماضي نتيجة وقف إنتاج المواد المستنفدة للأوزون والتي كانت مستخدمة من قبل في الثلاجات وعبوات الضغط إلا أنه لم يتزايد حتى الآن.
وقال السكرتير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ميشال جارود إن "التكاتف العالمي لحل مشكلة طبقة الأوزون يعد من أهم قصص النجاح المتعلقة بالحفاظ على البيئة"، وأضاف أن "هذا يجب أن يشجعنا على تشكيل نفس درجة الاهتمام والتضامن لحل تحد أكبر، وهو التغير المناخي".
وأفاد التقرير بأن ثقب الأوزون سيحتاج إلي حوالي 10 سنوات لكي يتقلص حجمه، وصرح الدكتور كين جاكس من وكالة الفضاء الأمريكية ( ناسا) بأن البشر بدأوا يتصرفون بطريقة صحيحة لإعادة الغلاف الجوي إلى ما كان عليه قبل بدء الثورة الصناعية.. وقال العلماء إنهم "غير متأكدين من أن ثقب طبقة الأوزون سيلتأم ذاتيا"، وقال الأستاذ الجامعي دايفيد فوجين من هيئة المسح البريطاني للقطب الجنوبي إن "نتائج اختبارات تجريها منظمته ستلقي مزيدا من الضوء على النتائج التي توصلت إليها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية"، وأضاف أن "علينا أن نكون حذرين، لأن البيانات التي بحوزتنا عن منطقة القطب الجنوبي تحتاج لعدة أسابيع ليتم تحليها، إلا أننا نأمل بتأكيد ما اكتشفه برنامج الأمم المتحدة للبيئة".
وكشفت البيانات الصادرة عن علماء وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عن حقائق جديدة خاصة بثقب الأوزون الذي يتشكل كل عام في طبقة الغلاف الجوي فوق القارة القطبية الجنوبية، ووجدوا أن انخفاض نسبة الكلور في طبقات الغلاف الجوي لم يؤد بعد إلى ما يمكن أن نطلق عليه تحسنا في الثقب، وقد رصدت الأقمار الصناعية استقرار مساحة الثقب في الغلاف الجوي بفضل الحظر العالمي بموجب هذه الاتفاقية لمادة الكلوروفلوروكربون المستنفدة للأوزون والمعروفة عالميا بالفريون.
وذكرت دراسات مركز (جودارد) التابع لوكالة ناسا تؤكد أن صغر حجم الثقب وزيادة نسبة الأوزون فيه ليس بالضرورة دليلا كافيا على تعافي الغلاف الجوي حيث أن الثقب قد يكون نتيجة انخفاض نسبة الكلور في طبقات الجو، وقد استخدمت الدراسات البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية لرسم خريطة دقيقة توضح اختلاف كميات الأوزون في طبقات الجو ارتفاعا وانخفاضا في منطقة مركز الثقب في الفترة ما بين سبتمبر إلى نوفمبر 2012، حيث يعتبر ثقب الأوزون ظاهرة موسمية، وكشفت الخرائط عن زيادة كميات الأوزون في الطبقات العالية في بدايات أكتوبر، وتعلل الدراسات ذلك بأن هذه الكميات حملتها الرياح فوق المنطقة التي يوجد فيها الثقب في الطبقات الأقل انخفاضا، وأن ذلك لا يدل على تحسن في الثقب نفسه، ولذلك فقد تعطي القياسات التقليدية بيانات عن تحسن في الثقب، إلا أن الحقيقة هي أن الأحوال الجوية فقط هي التي تعطي هذا الانطباع.
وبالبحث في عامي 2006 و2011 حيث كان الثقب في هذين العامين الأكبر والأعمق خلال العقد الماضي، وجدت الدراسات أن الأوزون المستنفد في عام 2011 كان أقل منه في عام 2006، لأن الرياح نقلت كميات أقل من الأوزون في عام 2011 إلى القارة القطبية الجنوبية، وبهذا يرجع العلماء سبب ارتفاع وانخفاض نسبة استنفاد الأوزون في الجو إلى أسباب جوية لا كيميائية.
وبحسب نتائج البحث، فإنه طالما بقيت مستويات الكلور في طبقات الجو المنخفضة أقل من مستواها الذي تم تسجيله في بدايات عام 1990، ستبقى الحرارة والرياح عاملين أساسيين يتحكمان في تغير مساحة الثقب من عام لآخر.
وكان قد صدر قرار عام 1987 بفرض حظر على مركبات الكلوروفلوروكربون في الثلاجات وعلب رش الرذاذ، وهو القرار الذي أوضحت الأمم المتحدة أنه ساعد على تعافي طبقة الأوزون وإنقاذ 2 مليون شخص سنويا من التعرض لسرطان الجلد، بعدما قل معدل الأشعة فوق البنفسجية القادمة إلى الأرض، كما أن الاتفاقية ستساعد في تجنب الأضرار بالحياة البرية والزراعة وعيون البشر وأجهزة المناعة البشرية.. وأكد علماء أن مساحة ثقب الأوزون فوق القطب الشمالي تقلصت بفضل الإجراءات التي اتخذت لحماية طبقة الأوزون، على عكس الثقب الآخر فوق القطب الجنوبي، وجاء هذا الاستنتاج استنادا إلي نتائج دراسات أجراها علماء من معهد (ماساتشوسيتس) التكنولوجي باستخدام المناطيد ومعلومات عن مستوى الأوزون في القطبين حصلوا عليها من الأقمار الاصطناعية.
ولا تزال طبقة الأوزون في القطب الشمالي ضعيفة، أما فوق القطب الجنوبي فهي سيئة.. إن درجات الحرارة المنخفضة تخلق ظروفا ملائمة لتدمير طبقة الأوزون، ومع ذلك لم يؤثر الشتاء البارد جدا والشاذ عام 2011 على طبقة الأوزون بالقطب الشمالي.
إضافة لذلك تم تسجيل انخفاض مستوى حمض الأوزون في طبقة الستراتوسفير في القطب الشمالي، ويعتقد العلماء أن العمل بموجب بروتوكول مونتريال أوقف تدمير طبقة الأوزون في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وهذا يعكس نموذجا جيدا للتعاون بين السياسة والعلم.
تجدر الإشارة إلي أن بروتوكول مونتريال بشأن حماية طبقة الأوزون، كان قد وقع في شهر سبتمبر عام 1987، وهو الوثيقة الوحيدة التي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة.

أ ش أ