القاهرة - مصر اليوم
لم يكن "عمار"، 17 عامًا، سوداني الجنسية، يتخيل أن حلمه في السفر، سيودي به إلى حتفه على يد أصدقائه بعد أن اقترض من أحدهم 3 آلاف جنيه، عجز عن ردها، فاستدرجوه مساء الخميس الماضي من منزله، وعذبوه في منطقة مهجورة ثم أعادوه مرة أخرى في حالة يرثى لها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بعد 5 أيام.
وقبل شهر ونصف من هذا اليوم، انتقل المجني عليه "عمار" للعيش مع عمته وزوجها داخل شقة متواضعة في مساكن صقر قريش في الحي العاشر في مدينة نصر، تمهيدًا لإنهاء إجراءات سفره إلى بريطانيا، وتعرف على أصدقائه الذين غدروا به، حسب ما قال "فلبس ع." زوج عمة المجني عليه. ويوم الواقعة –وفقًا لفلبس- كان الضحية يجلس برفقة عمته "سونا" في المنزل، وعند حلول التاسعة والنصف مساءًا، طرق أحدهم باب المنزل بشدة، ففتح "عمار" الباب وبعد تبادل الكلمات مع الطارق، أخبرها "أنا نازل لصحابي وجاي تاني"، فتابعته بعينها حتى اختفت آثارهم في ظلمة الشارع. وداهم "سونا" القلق على عمار، فاتصلت بزوجها "فلبس" وأخبرته بما حدث، فحاول طمأنتها، لكنّ ذلك لم يجدِ نفعًا حتى عاد، وظلَّ الاثنان يترقبان عودة المجني عليه حتى الثالثة والنصف صباح الأحد، إذ طرق أحدهم الباب مرة أخرى، "إيه اللي حصل لعمار"، سؤال مملوء بالفزع، وجهته "سونا" لعدد من أصدقائه، بعدما رأته غارقًا في دمائه لا يستطيع الوقوف، فأدخلته حجرتها، وردَّ أحدهم قبل المغادرة "ضربناه وجبناه تاني". ظلَّ "سونا وفلبس" يعتنيان بعمار يومين، ثم أخبرا والدته التي تسكن في منطقة مجاورة فقدمت على عجل، وتولت رعايته، مستفسرة عما حدث، فأجابها بصوت واهن "كان في مشكلة وصحابي غدروا بي" قبل أن يذهب في النوم من أثر التعب. ويوم الأربعاء "قبل الوفاة بيوم"، أفاق عمار بعض الشيء، قائلًا: "واحد ضربني بحجر على دماغي واحنا بنحل مشكلة، وبعدها كتفوني بالحبال، وبدأوا يضربوا فيا بالحجر والسكاكين، ويرموني في حتت منخفضة كذا مرة"، رافضًا الإفصاح عن سبب الخلاف بينه وبين المتهمين الأربعة "لو قومت هعور فوكس ويويا وروبن وألفريد". وتواصل أهل "عمار" مع أقارب المتهم "فوكس" في المنطقة، لكنهم رفضوا المجيء لحل المشكلة، وتؤكد "سونا" وعدد من أقرباء الضحية أن المتهمين من عصابات "النيقس" التي تمارس البلطجة على السودانيين في مصر دون رادع، وينتشرون في مناطق عين شمس والحي العاشر والكيلو 4.5 بمدينة نصر. وفي الثامنة من صباح الخميس، دخل "فلبس" للاطمئنان على عمار، لكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، فاتصل بالنجدة والإسعاف التي انتقلت على الفور لمحل والواقعة، وأحيلت الواقعة للنيابة التي صرَّحت بدفن الجثة وتشريحها، وكلفت المباحث بعمل التحريات اللازمة. وقال المتهمون في التحقيقات إن المجني عليه "عمار" اقترض 3 آلاف جنيه من أحدهم بالحي العاشر، وطالبوه بردها عدة مرات لكنه عجز عن ردها لظروفه المالية بسبب إجراءات السفر ومصاريفه، فاستدرجوه لمكان مهجور ولقنوه "علقة ساخنة" لإعادة الأموال ثم أعادوه لذويه غير قاصدين قتله، وقررت النيابة حبس متهمين اثنين 4 أيام على ذمة التحقيقات وإخلاء سبيل اثنين آخرين.