القاهرة - مصر اليوم
اختار سفاح منشأة ناصر، ضحاياه بعناية فائقة، مشترطا فيهم كبار السن والوحدة، لتنفيذ عمليات القتل التي اتبعها بعد سرقتهم، يحرق جثثهم للتخلص من الأدلة، ويظهر الواقعة كأنها قضاء وقدر، لتسهم الصدفة في الإيقاع به، بسبب شنطة جلدية وهاتف محمول.
"، عقار 44 المكون من 5 طوابق، والذي كان يقطن به المجني عليه حسن محمود، مدرس لغة إنجليزية بالمعاش (قعيد)، حيث كان يقضي ما تبقى له من حياته بشقة بالطابق الرابع.
مشهد مثير داخل العقار محل سكن المجني عليه، حيث الحزن يسيطر على الجميع، الوجوه شاحبة منذ وقوع الجريمة، لم تر أعينهم النوم، وكيف ينامون وما من أحد يأمن على نفسه بعد ما حدث.
"أم أنتكة"، جارة القتيل التي تسكن بالطابق الخامس، تتحدث عن الواقعة بصوت مهزوز وبكاء، "كنا نايمين في أحلاها نومة، لقيت جارتنا في البلوك المقابل، بتنادي عليا يا أم أنتكة، إلحقي شقة المستر بتولع، افتكرته ناسي حاجة على البوتاجاز، وجريت أنا وفاطمة جارتي خبطنا عليه، لما مافتحلناش الباب افتكرناه مش موجود، قلنا ننقذ الشقة ولما كسرنا الباب شفنا نار ودخان وشقة بتولع، خفت من الحريقة وجريت على شقتي وقفلت الباب عليا وطلعت أصرخ من البلكونة أستغيث بالناس في الشارع: إلحقونا يا ناس شقة المستر بتولع، الشارع هيولع المستر عنده 3 أسطوانات غاز في الشقة، وفضلت أصرخ لحد ما أغمي عليا، ومن ساعتها مش قادرة أتحرك من مكاني، شفنا الموت والرعب بعنينا، أول ما سمعت إن المستر مات بالطريقة دي حزنت عليه".
تلتقط منها الحديث "أم منة" التي تسكن بالشقة الملاصقة للقتيل: "كنت باشتري حاجات، وسمعت اللي حصل جريت على البيت، لما الحكومة شافت الحادث والأسطوانة كانت في غرفة النوم، بلغونا إنها جناية، والمباحث حققت معانا كلنا، بس إحنا لا نعرف عنه غير كل خير، كنت باهزر معاه وأقوله هو إنت اسمك إيه يا مستر كان يضحك بطيبة ويقوللي اسمي حسن".
وأضافت: "طول عمره بيحترم نفسه وبيحترمنا وبيجري وراء الميتين، أي حد عنده حالة وفاة بيجيب تاكسي ويروح مع الميت، كان صاحب واجب في الظروف الصعبة، بالرغم من إعاقة رجله، لكن كان راجل محترم وخدوم، كان دايما وشه بشوش ومبتسم، ومعاه شنطة جلد بيروح وييجي بيها وعيالنا يطلعوهاله الشقة، وكان بيوزع الجنيهات والبونبوني على الأطفال كلها، إحنا شفنا الموت بعنينا، نزلنا الشارع بنطلع في الروح ومغمى علينا".
الأسطي "ناصر" جار القتيل أضاف: "المنطقة معظمها أرزقية والناس في الأجازات بتنام للظهر وبتكون الدنيا هادية، وفي يوم الأربعاء الساعة دقت 11.30 صباحا، اتفاجئت ببنتي سميحة بتنادي عليا وبتصرخ هي ومراتي وبيقولولي الحق يا بابا شقة المستر بتولع، جريت بسرعة لقيت حريقة ونار جامدة، وأنا لوحدي مش عارف أعمل إيه صرخت واستغثت بالجيران يلحقونا".
واستكمل ناصر: "كنت فاكر إن المستر ناسي حاجة على البوتاجاز، ولما الأنبوبة ولعت الستات في البلوك كانو بيجروا ويقعوا هما والعيال فوق بعض، وفيه ناس أغمي عليها من رعب الموقف، وبدأت أجيب حديدة وكسرت الباب أنا وابني، لحد ما النجدة وصلت خلال 10 دقايق كانت موجودة، واتصدمنا لما عرفنا إن المستر في الأوضة وسط الحريق، كان نايم على بطنه وربنا ساتره بين السرير والدولاب، والمفاجأة إن القاتل كان واقف في وسطينا بيطفي الحريق معانا، ولما دخلت دورة المياه لمحاولة تصليح البلاعة وجدته يقوم بإصلاحها دون أن ينظر لي، ولكنه يتابع ما يحدث وبدأ يظهر عليه القلق، حينما استغرب الجميع من وجود أسطوانة الغاز في غرفة النوم بجوار القتيل، وكانت هي كلمة السر في تلك الجريمة، ولكن لم يشك أحد".
وقال الأسطى ناصر: "عندما حضر المتهم لتمثيل الجريمة مع الشرطة، أحضرنا كيروسين لحرقه على ما فعله، إلا أن الشرطة حالت دون ذلك، وكلنا يقين أنه سوف يحاكم وسينال جزاءه.. المستر عاش وحيد بسبب عجز قدمه ومات وحيد".
وأضافت إحدى جيران القتيل، أن معلومة بسيطة من طفل صغير بالبلوك كانت سببا في الوصول إلى القاتل، حيث أخبر طفل يدعى "شريف" المباحث أنه رأى محمد الكهربائي ومعه المكوجي يطرقان باب شقة المستر ليسألوه هل يريد كي ملابسه كالمعتاد، وعندما علم القاتل أن القتيل يعيش بمفرده وتوهم أنه معه الكثير من المال عزم على قتله بعد الحصول على المعلومات المطلوبة من المكوجي.
وقالت جارة القتيل: "المجرم وهو بيمثل الجريمة طلع عندنا الأول كان بيأمن بيشوف الأبواب مفتوحة ولا مغلقة علشان ينزل يقتله ويسرقه، ولو كان شاف حد وقتها كان ممكن يخنقه أو يقتله بأي طريقة، مع العلم إننا طول عمرنا أهل وجيران بنحب بعض، وكلنا جايين من أماكن محترمة، إحنا مش من سكان الدويقة، وكنا فاكرين المستر أستاذ في الجامعة".
وتتابع الجارة حديثها: "دا مينفعش يتحاكم ويتعدم بس مش كفاية، هو أذاه بعد ما ضربه وقتله وحرقه وقفل عليه الأوضة، عذبه مرتين في دنيته ووراله النار بعينه، منه لله ربنا ينتقم منه، المفروض الشرطة تضربه ضرب موت وتخنقه وتولع فيه زي ما عمل في المستر، عيالنا خايفين، أنا معايا ولدين بيخافوا يطلعو السلم لوحدهم، أنا نفسي من وقت الجريمة، خايفة ومرعوبة وكارهة الشقة ومش حاسة إن فيه أمان، وممكن يحصل معايا كده، لازم القاتل يتعدم والناس كلها تعرف ويكون عبرة للجميع، طلبت من 7 عيال في الشارع وبتاع حمص الشام يطلعوا معايا لما نزلت أجيب طلبات البيت، بسبب خوفي ورعبي من اللي حصل للمستر، مش عارفين نعيش ولا عارفين ناكل ولا نشرب".
وتحكي الطفلة ياسمين عن الجريمة وتقول: "كلنا فرحنا لما سمعنا إن المستر مش موجود في الشقة، واتصدمنا لما طلعوا جثته مولعة من الشقة، عمري ما هانسي اللي حصل، ولحد ما أكبر مش هانسي شكله، كان طيب وحنين علينا وبيعلمنا حاجات كويسة وبيدينا فلوس وبونبوني، أنا وأصحابي كنا بنتسابق في المذاكرة لأن اللي بيجيب درجات عالية بيكون ليه هدية من المستر لما بيشوف الشهادة، واللي مش جايب درجات عالية مش بيزعلوا وبيديلوا بونبوني برضو، ربنا يرحمه".