بيروت ـ مصر اليوم
عبد المجيد الرافعي ليس مجرد رجل أو طبيب، هو ذاكرة مدينة طرابلس، بل هو ذاكرة عربية، ذاكرة التجربة البعثية بكل آلامها ومصائبها، سقطاتها وخضاتها، هو ذاكرة البعثيين بما تحمل من انتصارات وإخفاقات.
وقبل سنوات خلت في زمن عربي كان أخف وطأة وكلوحاً،... أجرى الصحافي زياد عيتاني لقاءً مع الطبيب القيادي الطرابلسي البعثي، طيب الصيت والسمعة، النائب السابق عبد المجيد الرافعي، في حوار كان الغرض منه تسجيل صفحات من ذاكرة رجل وحزب ومدينة وأمة.
فتح الرافعي لزياد دفاتر الماضي دون أن ينسى التصويب على المستقبل، اعتبارًا وتلمّسًا للدروس من أحداث وأخطاء، وتطلعاً بل تفاؤلاً بمصير أمة عشقها وعمل لها طوال حياته، منذ كان طبيبًا مناضلًا قبل أن ينضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي كرفيق ومرشح باسم الحزب إلى الانتخابات النيابية، ثم رمزًا واعدًا صاعدًا في القيادتين القطرية والقومية.
في عصر الانحسار العربي، بل الحسرة والعُسرة، بقي عبد المجيد الرافعي متفائلاً بمصير أمته ومستقبلها، وتجلّى ذلك في كلماته الأخيرة في السنوات الماضية، والتي ظهرت على شكل استذكار للماضي وشجونه من خلال الحوار المطوّل الذي نُشر أولاً في موقع "أيوب" على مدار خمس حلقات، ما بين 21 أيار/مايو و18 حزيران/يونيو 2017، ويُنشر في هذا الكتاب، أو في مقالاته التي نشرها في جريدة النهار في السنوات الأخيرة، تعليقاً على أحداث، أو تحريضاً على الانتهاض مجدداً من بين رماد السنين، ووسط الانكسارات.
ويضم الكتاب بعضًا من ذخائر رفيق درب الرافعي الأستاذ نقولا الفرزلي، من أرشيفه الخاص، مكتوبًا ومصورًا، في احتفاء بالرفيق عبد المجيد الرافعي، ومسيرته النضالية الطويلة، وما كان يمثّل، في ذاكرة حزب وأمة. ولقد غادر الدكتور عبد المجيد الرافعي هذا العالم بعد أن قال كلماته الخالدة... وربما كان أفضل أسلوب للكتابة عن رجل مثله هو تركه يتكلم، بنقل ما قاله دون أي تعديل، لتكون كلماته بحق المذكرات والوصية، ولتكون مقالاته الأخيرة المنتقاة بعناية، هي معالم طريق الانبعاث.