بيروت ـ مصر اليوم
عن "دار سؤال" في العاصمة اللبنانية بيروت، وفي 327 صفحة من القطع المتوسط، صدرت رواية "حفلة أوهام مفتوحة" للكاتب والشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي.
وهي الرواية الثانية له التي تصدر عن الدار نفسها، بعد روايته الاولى "وطأة اليقين: محنة السؤال وشهوة الخيال" سنة 2016، وفازت بجائزة كتارا للرواية العربية، دورة 2017، عن فئة الروايات المنشورة.
تدور أحداث "حفلة أوهام مفتوحة" حول حادثة اختفاء كاتب وشاعر بلجيكي معروف يدعى "يان دو سخيبر"؛ في ظروف غامضة ولم يترك خلفه سوى رسالة واحدة، ذكر فيها أنه سيقوم بإعدام كل ما كتبه من روايات ودواوين شعر، وكل ما رسمه من لوحات، حرقا في حديقة منزله الكائن بمدينة اوستند البلجيكية، على بحر الشمال. لكنه لم ينفذ ذلك القرار، لسبب مجهول، ثم اختفى؛ ولم يعثر البوليس البلجيكي على أي أثر له.
ولأنه شخصية عامة، شغلت حادثة اختفائه الرأي العام والصحافة والإعلام في بلجيكا، وبعد أن فشل المحقق في هذه القضية "إيريك فان مارتن" في استخدام كل أساليب التحقيق الجنائي في عملية البحث والتحري، أتته فكرة اللجوء إلى قراءة روايات الكاتب المفقود، وهي ثلاث؛ روايتان مطبوعتان وثالثة على شكل مخطوط. ثم قرأ دواوينه الشعرية، وعرض بعض قصائده على ناقد أدبي، وعرض بعض لوحاته الأخيرة على ناقد تشكيلي، ثم استمع لآرائهما؛ بهدف محاولة توظيف الأدب والفن في التحقيق الجنائي، والتقاط ولو خيط يوصل إلى سبب اختفاء هذا الكاتب، ومعرفة إلى أين ذهب.
وبالتالي، يبدأ تسلسل عرض الروايات الثلاث، ضمن هذه الرواية: الأولى بعنوان "غريب على أرضٍ غريبة" صدرت سنة 1988، تتناول السيرة الذاتية لوالد يان دو سخيبر؛ آلفونس دو سخيبر، الجندي البلجيكي الذي فقد الذاكرة في الحرب الكورية سنة 1951، واكتسب هناك الهوية الكورية، ثم يتم تسفيره إلى تركيا، بسبب نسبة الشبه الكبيرة بينه وبين جندي تركي مفقود في الحرب.
ومن تركيا؛ يسافر إلى بلجيكا سنة 1961 بقصد العمل في مناجم الفحم، ويبقى فاقدً للذاكرة وحس الانتماء لبلجيكا من 1951 ولغاية 1985، حين يعيد إليه الموت كل ذاكرته، في لحظة واحدة.
والرواية الثانية بعنوان: "موتى يعيشون أكثر منا" صدرت سنة 2013 وتتناول تجربة يان وصديقه الشاعر الكردي التركي أوميد سرختي، المنشق عن حزب العمال الكردستاني، والذي أحبته مترجمة كولومبية، عبر قراءة قصائده وترجمتها لهذه القصائد من التركية إلى الأسبانية، حتى قبل أن تلتقي به وتعرفه عن قرب، ثم انفصالها عنه.
والرواية الثالثة - المخطوط، كانت بعنوان "قطار أعمى لا يخلف مواعيده"، تتناول حياة باحث ألماني اسمه "يورغن راينر"، يجيد لغات كثيرة، ومهووس بالاستماع لقصص وحكايات وأحاديث المسافرين والمسافرات على متن القطارات.
تنتهي رواية "حفلة أوهام مفتوحة" بنهاية مفتوحة؛ إذ لا يكتشف المحقق إيريك فان مارتن سبب اختفاء الكاتب البلجيكي يان دو سخيبر، ويقدم استقالته من العمل.
مساحة الأمكنة والحيوات في هذه الرواية واسعة ومتداخلة ومتشعبة؛ إذ تجري أحداثها في بلجيكا، كوريا، تركيا، سوريا، كردستان، كولومبيا، لبنان، ألمانيا، فلسطين وباكستان.
كذلك تتقاطع مصائر وأقدار البشر في هذه الرواية التي تعالج فكرة الهوية والانتماء، إلى جانب معالجتها مواضع وأفكار عديدة، منها: الحب، الأمل، اليأس، الثورات، الغربة والاغتراب، الخيانات، الانكسارات والخيبات.
كتب هوشنك أوسي على صفحته في الفيسبوك حول تجربته الروائية الثانية قائلا: "في "حفلة أوهام مفتوحة" هناك تحد لوطأة اليقين؛ من حيث الحجم، والقصص.. ذلك أن الرواية الثانية أصغر من الأولى، بحدود 60 صفحة، وأكثر غزارة في القصص وتقاطع الحيوات بين البشر والأوطان والشعوب، أكثر من الرواية الأولى؛ يعني؛ قصص أكثر، وكلام أقل".
وأضاف أوسي: "في "حفلة أوهام مفتوحة" هناك محاولة اعادة الاعتبار للشعر، ودحض وهم وأكذوبة أن "زمن الشعر ولى" وأنه "زمن الرواية" وحسب.. الشعر حاضر في هذه الرواية، كأبطال، وكنصوص، بعيدا من توظيف لغة الشعر في لغة السرد".
أهدى هوشنك أوسي روايته هذه إلى الطفل الكردي السوري: آلان عبدالله شنو (الذي غرق في بحر إيجا يوم 2/9/2015). وأهداها أيضا "إلى ضحايا الأوهام... وضحايا الحقائق".