مكتبة الإسكندرية

افتتح الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، بمشاركة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، واللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، اليوم، لقاءً فكريًا يحمل عنوان "ثروت عكاشة.. بين السياسة والثقافة"، وذلك في سياق الاحتفالات الجارية بمئوية الدكتور ثروت عكاشة؛ وزير الثقافة الأسبق ورائد النهضة الثقافية الكبرى في مصر المعاصرة.شارك في الندوة الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، من خلال رسالة مسجلة، والدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسي العالمي وشقيق الراحل الدكتور ثروت عكاشة، إنصاف أوهيبة، ممثلة مؤسسة أندريه مالرو بمداخلة افتراضية من مقر المؤسسة في باريس.

كما حضرت الندوة نورا عكاشة ابنة الراحل الدكتور ثروت عكاشة، وأعرب الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، عن سعادته لاحتفال مكتبة الإسكندرية بالرائد العظيم الدكتور ثروت عكاشة في ذكرى مئويته، مؤكدًا أنه كان شخصية عظيمة أثرت مصر والمنطقة العربية بإسهامات ثقافية كبيرة نحترمها ونحتفي بها اليوم.وأكد مدير مكتبة الإسكندرية أن تراث مصر الحقيقي هو ثقافي بالدرجة الأولى، وأن السلعة الثقافية هي أهم ما تصدره مصر للمنطقة العربية والعالم، لذا فإننا نعتز بهذا الرائد العظيم.

وأضاف: ثروت عكاشة له إنجازات عظيمة، منها عملية نقل آثار النوبة، وتحقيق كتب التراث، ومؤلفته الفذة، وكل واحدة منهم تكفي أن تجعل منه رائدًا مستقلاً. وأشار إلى أن الدكتور ثروت عكاشة كان بحق رب السيف والقلم، حيث بدأ ضابطًا، وكان له دور كبير في ثورة يوليو 1952، ثم تحول إلى العمل الثقافي في عهد عبد الناصر، وهي فترة كانت زاخرة بإنجازات ثقافية مازلنا نحصد نتائجها حتى الآن.

وشدد الفقي على أهمية الحفاظ على هوية مصر وثقافتها، لافتًا إلى أن الدكتور ثروت عكاشة كان حارسًا أمينًا لهما، ونقطة تحول بارزة في الثقافة المصرية.ومن جانبه، تقدم اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية بالشكر لمكتبة الإسكندرية لدعوته للمشاركة في الاحتفال بمئوية الكاتب والمفكر العظيم الدكتور ثروت عكاشة، مؤكدًا أن عام واحد لا يكفي للاحتفاء بإبداعاته وإنجازاته الفكرية والثقافية، وأضاف: "ليس جديدًا على مكتبة الإسكندرية أن تحتفل برموز الثقافة المصرية وتعريف الشباب والأجيال القادمة بدورهم في الثقافة المصرية، والدكتور ثروت عكاشة هو أحد منابر التنوير في الثقافة المصرية في العصر الحديث".

وفي كلمتها، قالت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، إن الراحل الدكتور ثروت عكاشة كان له دور مؤثر في حياتها ومسيرتها بإنشائه أكاديمية الفنون والكونسرفتوار، موضحة أنه تم اكتشاف موهبتها من خلال أسرتها وتمكنت بعدها من استكمال دراستها بالأكاديمية. وأضافت: "لولا ثروت عكاشة لما توافرت الفرصة لفنانين كبار مثل حسن شرارة ورمزي يسه وعدد من مغنيي الأوبرا العالميين".

وأكدت وزيرة الثقافة أن الدكتور ثروت عكاشة وضع حجر الأساس للعمل الثقافي في محافظات وقرى مترامية من خلال قصور الثقافة. وأضافت: "كمسئولة في الدولة، أشعر بالفخر ولي الشرف أن استكمل الخطوات العظيمة التي أسسها الدكتور ثروت عكاشة في استراتيجيته لوضع بنية أساسية ثقافية في جميع أنحاء مصر، وهي استراتيجية مستمرة بعد مرور 60 عامًا". وأشارت إلى أن الدكتور ثروت عكاشة أنشأ صروحًا ثقافية كبيرة منها المسارح والسيرك القومي ومسرح البالون والفرق الفنية، لافتة إلى أن وزارة الثقافة تحاول إحياء هذه الصروح وأنشطتها من جديد.

وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم إن الاحتفال بمرور مائة عام على ميلاد الدكتور ثروت عكاشة يشهد مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتنوعة، تنظمها هيئات وقطاعات وزارة الثقافة على مدى العام الجاري 2021، وتشمل مؤتمر بعنوان: "ثروت عكاشة.. فارس الثقافة المصرية" في إبريل 2021، وإطلاق جائزة ثروت عكاشة لترجمة الفنون السمعية والبصرية من اللغة العربية وإليها، وتنظيم معرض في أوائل شهر إبريل يتناول مجال الفن التشكيلي، في فترة ثروت عكاشة، بالإضافة إلى كتاب وثائقي عنه، وإدراج احتفالية خاصة بالدكتور ثروت عكاشة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومؤتمر بالمركز القومي للترجمة في أكتوبر 2021، لمناقشة ما ترجمه الراحل ثروت عكاشة من أعمال، واحتفالية كبرى تقام في معبد أبو سمبل، خلال شهر سبتمبر 2021.

من جانبه، عبر الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، عن سعادته بالحديث عن الدكتور الراحل ثروت عكاشة، الذي بدأت علاقته به في عام 2002، مضيفًا أنه لآخر لحظة في حياته كان حريصًا على الكتابة، وأصدر كتبًا عظيمة تعد مرجعًا قويًا في الفنون.

وتحدث حواس عن دور عكاشة الرائد في إنقاذ آثار النوبة من خلال حملة دولية كبيرة، وأنه قام بتسجيل كل ما قام به في عملية نقل معبد "أبو سمبل" في كتاب، ساردًا جزءًا من كلمته في افتتاحيه الكتاب؛ "إنها ملحمة عظيمة تلك التي قامت بها الوزارة الوليدة في ذلك العصر والتي أطلق عليها وزارة الثقافة، وتولى مسئوليتها الدكتور ثروت عكاشة وهو إنسان عاشق لتراب مصر لم يفقد الأمل يومًا في إنقاذ جزء عزيز من تراثها، لذا رفض التسليم بحتمية اختفاءه، وبدأ مع شخصيات وطنية من مصلحة الآثار ووزارة الثقافة بحملة عالمية مع منظمة اليونسكو لإنقاذه".

وأوضح حواس أن وزارة الثقافة في ذلك الوقت كان من ضمن مهامها الحفاظ على الآثار والتراث الأثري، لذا فإن مصلحة الآثار كانت تتبعها، ولكن "عكاشة" طورها وحولها إلى هيئة تتبع الوزارة.
وأشار إلى أن الدكتور ثروت عكاشة كان حريصًا على حماية تراث مصر فجاءت فكرة مشروع إنقاذ المعابد واستطاع أن يقنع الرئيس جمال عبد الناصر بالحملة الدولية. وأكد أن العمل الذي قام به عكاشة في هذا المشروع رفع اسم منظمة اليونسكو دوليًا، كما أنه أقنع عبد الناصر بإقامة معرض توت عنخ أمون لتعريف العالم بآثار مصر وآثار النوبة.

وتحدث الدكتور أحمد عكاشة، عضو مجلس الرئاسة الاستشاري لكبار علماء مصر، عن شخصية شقيقه الراحل، الذي وصفه بالمثقف الموسوعي حيث تحدث في جميع كتبه عن جميع الفنون في العالم، مضيفًا أن الإنسان يهتم إما بالعلم أو الفنون ولكن ثروت عكاشة كان من القلائل الذين جمعوا بين الاثنين فهو عالم وفنان.

وأكد عكاشة أن تصنيف العباقرة صعب جدًا لأن سماتهم الشخصية متناقضة وهو ما جمعه ثروت عكاشة في شخصيته، فهو رجل عسكري ورومانسي، يحمل سمات التناقض والتجانس، التجهم وحب الفكاهة، القسوة على الذات والرحمة على الآخرين، بالإضافة إلى تميزه بالإتقان وتحمل المسئولية.

وشدد أن شقيقه الراحل كان لديه حب للمعرفة حتى وصل إلى سن 90 عامًا، ورغم توقفه عن العمل الحكومي في سن 38 عامًا إلا أنه استمر في الكتابة حتى وفاته في وقت كان الحصول فيه على المعلومة شاق جدًا، ولم يكن أحد يقدم له مساعدة.

وأشار إلى عادة كان يقوم بها شقيقه الراحل عند الشروع في الكتابة، خاصة في كتابه "مذكراتي في السياسة" حيث كان يحصل على توقيع من الشخصيات التي يذكرها في كتبه، مشددًا على أنه كان لا يحب الحصول على مناصب، والدليل على ذلك عندما تنازل عن عرض الرئيس جمال عبد الناصر بعضوية مجلس قيادة الثورة لإفساح الطريق أمام زميل آخر يسبقه في الرتبة العسكرية.

واستطرد قائلاً: "نجح ثروت في عمل عروض فنية خاصة للعمال على مسرح دار الأوبرا، وإقامة ندوات للأفلام في القرى، حيث كان يؤمن أن الثقافة والفنون عالمية بشرط تبسيطها الناس"، مختتمًا كلمته بتأكيد أن شقيقه قدوته لأنه علمه تذوق الموسيقى والشعر والفن التشكيلي. وقالت إنصاف أوهيبة، ممثلة مؤسسة أندرية مالرو، إن "عكاشة" وأندرية مالرو، الذي كان يشغل منصب وزير الثقافة في ذلك الوقت، أحدثا ثورة في النهج الدولي في الحفاظ على التراث الإنساني، كما نجحا في مد جسور التعاون بين مصر وفرنسا.وأضافت؛ "في عام 1966 قام "مالرو" بزيارة رسمية إلى مصر وتنقل في موقع المعابد بصحبة "عكاشة"، كما افتتح معرض توت عنخ آمون في باريس والذي حقق نجاح باهر، وفي نفس العام وقع الوزيران اتفاقية لدراسة معابد الكرنك".وأوضحت "أوهيبة" أن الجميع ينسى دور "عكاشة" في الحملة الدولية، رغم أن فكرته جاءت لتؤكد إمكانية بناء السد وتحقيق التنمية بالإضافة إلى الحفاظ على المعابد في الوقت ذاته. وقام الدكتور مصطفى الفقي خلال اللقاء بتكريم السيدة نورا عكاشة، والدكتور أحمد عكاشة، والدكتورة إيناس عبد الدايم، واللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية. من جانب آخر، تنظم مكتبة الإسكندرية في مساء ذات اليوم بمقر المكتبة حفلًا موسيقيًا في إطار هذه المناسبة يحييه اوركسترا المكتبة السيمفوني.

قد يهمك ايضا

مؤتمر في مكتبة الإسكندرية حول المشروعات القومية الكبرى الأربعاء المقبل

تعرف على فعاليات مركز الفنون في مكتبة الإسكندرية خلال شهر آذار