بيروت ـ وكالات
يواصل الناقد والباحث اللبناني سامي سويدان في كتابه «أسئلة النقد والشعرية العربية» (دار الآداب،2013) مشروعه في تقديم النقد كفنّ له أسسه وقواعده ومنهجياته. ويُعدّ سويدان من النقاد الذين اجتهدوا طوال مسيرتهم النقدية على وضع النقد الأدبي في إطاره المنهجي الصحيح والعمل على تحديد هويته بعيداً من الإلتباس، عبر إخراجه من فِخاخ القراءات الإنطباعية السريعة أو الأحكام المُسبقة والإمتثالية. يبحث سويدان في مصطلح «النقد» ويقترح اعتماد تسميات أخرى تكون أكثر ملاءمة وإفصاحاً في الدلالة على واقع الحال مثل «الدرس النقدي للأدب»، «الدراسة الأدبية»، «البحث الأدبي»، لأنّه يرى أنّ أساس الدراسة الأدبية المنهجية هو نوع من القراءة الحذقة والواعية للأعمال الأدبية. وبمعنى آخر هو توغّل في تفاصيلها واستنباط أبعادها ومراميها. هنا يبرز توازي سويدان مع تودوروف بكتابه «نقد النقد» الذي اشتغل عليه وترجمه، وهو أمام كثرة المساهمات النقدية غير المفيدة أو بمعنى آخر القاصرة، يجد أن نقد النقد بات ضرورة مُلحّة لتوضيح الغموض وفضح الإختلال ووضع الأمور في نصابها في الطروحات النظرية والإجراءات التطبيقية والعملية. يتألّف هذا الكتاب (350 صفحة) من قسمين: «النقد العربي والطروحات الشعرية» و»النقد الحديث والمقاربات النصيّة»، وهو في قسميه بيان لوجهة نظر في دراسة النصوص الإبداعية، تمضي من «الحدود» التي توقفت عندها مساهمات سابقة لتُشيد ما يُمكن اعتباره «منهجية مستحدثة ثلاثية الأبعاد». إلاّ أنّ مقدّمة الكتاب هي بذاتها قسم يستحق الوقوف عنده مُطولاً لما فيها من إيضاح لمفهوم النقد الذي ظلّ- ومازال - مثار جدل بين المبـــدعين والقرّاء والنـــقاد أنفسهم. وفيها يخلـــص الكاتب إلى أنّ العمل النقدي يستحيل أن يكتفي بذاته، بل يعتبر أنّ النصّ النقدي هو نصّ اعـــتراضي بامتــياز، بمعنى أنّه «يُقيم على ضفتيّ مرسلة - نصّ أوّل (أدبي) بين المرسل (المبدع) والمرسل إليه (المتلقّي) مرسلة- نصّاً ثانياً (نقدياً) مقابلاً للأول، يدخل معـــه في جدلية يتجـــسّد في خصوصيتها ما يأتي به من جديد ومثير».