أمستردام - مصر اليوم
نظم رواق حوار في مؤسسة عكاظ بمدينة أمستردام يوم الخميس 26 ديسـمبر 2013 مائدة فكرية حول الكتاب الجديد (صورة الإسلام في المقاربة الأكاديمية الأوروبية: المقاربة الأكاديمية الهولندية نموذجا)، لمؤلفه الباحث المغربي التجاني بولعوالي، والذي صدر مؤخرا عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ضمن سلسلة "دراسات استراتيجية". بعد كلمة الترحيب التي تقدم بها الأستاذ عبد الحفيظ الشريف باسم مؤسسة عكاظ، التي تنشط منذ سنوات طويلة على مختلف المستويات التربوية والاجتماعية والفكرية، أعطيت الكلمة للبروفيسور جمال مصطفى السامرائي؛ قيدوم الصحافيين والإعلاميين العرب على الصعيد الأوروبي، الذي ساهم في تأسيس أكثر من 25 مجلة وجريدة، كالجسر والطاحونة وقوارير والقمة وصوت المغرب وإسلام تايمز وغيرها، بالإضافة إلى العديد من المؤسسات الثقافية والأكاديمية كالمركز الثقافي العربي في هولندا، وجامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، واتحاد الصحافيين العرب في الاتحاد الأوروبي وغير ذلك. وقد عبر الأستاذ السامرائي عن سعادته بحضور هذا اللقاء الفكري والإعلامي المتميز الذي يتعرض إلى تجربة فكرية مهمة توثق لوجود الإسلام والمسلمين في الغرب، كما سلط الضوء على جوانب لافتة من تجربته الإعلامية التي تمتد عبر حوالي نصف قرن من الزمن. ثم إنه عبر عن إعجابه الكبير بمؤسسة عكاظ التي تحضن كفاءات علمية وثقافية وجمعوية مغربية متمكنة وطموحة يندر مثلها في هولندا والكثير من الدول الأوروبية، ودعا الجميع إلى المبادرة بتأسيس جريدة أو مجلة تتحدث بلسان الجالية المغربية، التي تقدر بحوالي 400 نسمة ولم تتمكن إلى حد اليوم من أن تملك مؤسسة إعلامية قوية! عقب ذلك، قدم الباحث المغربي التجاني بولعوالي مداخلة حول كتابه الجديد، أشار فيها إلى بعض الأسباب التي جعلته يشتغل على هذه الموضوعة الجديدة، التي لم يسبق أن ألف فيها أحد، إذ أن أغلب الذين تناولوا صورة الإسلام في الغرب ركزوا على تمظهراتها في وسائل الإعلام والسياسة والأدب والسينما وأحيانا المناهج الدراسية، أما صورة الإسلام في المقاربات الأكاديمية تكاد تغيب، وهنا تتحدد أهمية هذا الكتاب وقيمته المضافة. ثم أومأ الباحث إلى علاقة الدراسات الأكاديمية الهولندية بعلم الاستشراق، وحاول الإجابة عن مختلف الأسئلة الإشكالية؛ هل يتعلق علم الاستشراق بالدراسات التقليدية التي انكبت على الشرق القديم والعالم الإسلامي فحسب، أم أنه يتجاوز ذلك إلى الأبحاث الحديثة والمعاصرة التي اهتمت بمختلف قضايا الشرق والإسلام السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية وغيرها؟ فهل يعني هذا أنه يمكن الحديث عن علم استشراق معاصر؟ ثم ما موقع المؤسسات الجامعية والبحثية الأوروبية والغربية، التي تشتغل على قضايا الإسلام والمسلمين داخل الغرب وخارجه، من علم الاستشراق؟ هل تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه أم أنها مفصولة عنه؟ وقد توصل الباحث إلى أن ما يكتب اليوم حول الإسلام يتجاوز ما كتب في الدراسات الاستشراقية التقليدية أضعافا مضاعفة، فإذا ظل علم الاستشراق قديما في خدمة الحركة الامبريالية الغربية، التي كانت تسعى إلى ممارسة سلطتها الاستعمارية على شعوب العالم الثالث، فإن الدراسات الأكاديمية والعلمية المعاصرة تهدف من جهة أولى إلى التعرف أكثر على حقيقة الإسلام وتخطي حواجز الجهل المتبادل، ومن جهة أخرى إلى ضبط قضايا الإسلام والمسلمين في السياق الهولندي والأوروبي، وذلك تفاديا لمنطق الصدام والمواجهة والتطرف الذي يتهدد المجتمعات الغربية المتعددة الثقافات. وقد فتح في آخر المداخلة باب النقاش، إذ أثرى الحاضرون، كما عي العادة، هذا اللقاء بمساءلاتهم العميقة وإضافاتهم القيمة، التي إن عبرت عن شيء فإنها تعبر عن المستوى الرفيع الذي تتمتع به الكفاءات المغربية والمسلمة المستقرة في هولندا.