القاهرة - مصر اليوم
اتفق نقاد وكتاب على أن مجموعة عمار علي حسن الأخيرة "عطر الليل"، والتي تحوي مائة وخمسين نصا من القصص القصيرة جدا، تقدم تصورا جماليا مكثفا لمعان كبرى، بما يجعلها تحتاج إلى قارئ من نوع خاص، بوسعه أن يلتقط رؤية واسعة في عبارات ضيقة.
وقال الدكتور شاكر عبد الحميد الناقد والمفكر ووزير الثقافة الأسبق، خلال ندوة أقامتها دار بتانة التي نشرت المجموعة، إن هذا النوع من الكتابة ليس سهلا، وهو يذكرنا ببيت شعر لمحي الدين ابن عربي: "أتحسب أنك جرم صغير .. وفيك انطوى العالم الأكبر".
وأضاف إن المجموعة بها روح صوفية، تذكرنا بكتابات ابن عربي والنفري وجلال الدين الرومي، وفي الوقت نفسه نرى فيها ما يذكرنا ببعض قصص الأمريكي إرنست هيمنجواي والفرنسي ألان روب جرييه، وكذلك ما تشي به بعض التعليقات التي تجري على لوحات تشكيلية معبرة، وما جاد به فن الحكمة والأمثولة.
وأكد عبد الحميد أن المشترك بين معظم القصص هو وجود عالم زاخر بالمكونات الإنسانية والحالات النفسية، واندياح الزمن بما يجعلنا غير قادرين على تحديده بدقة، وتلخيص الحياة وتكثيفها، ووجود علاقات غير مكتملة، وأنسنة للجمادات انحيازا إلى وحدة الوجود، إلى جانب الولع بعالم الأحلام والكوابيس.
من جانبه ، قال الدكتور عبد الخالق فاروق الكاتب والمفكر الاقتصادي، الذي قدم الندوة، إن لغة المجموعة تتماشي مع طريقة الكتابة التي عرفناها في روايات عمار علي حسن وقصصه، حيث المزج بين الصوفية والرومانسية والواقعية، وتضفيرها في سبيكة ناصعة، مؤكدا أن قصص المجموعة تحتاج إلى قراءتها غير مرة للإلمام بمراميها، والاستمتاع بجمالها في الوقت نفسه.
واعتبر الناقد عبد الكريم الحجراوي أن قصص المجموعة تكسر المألوف، وتتجاوز المستحيل، وتُحدث الدهشة في نفس قارئ لم يعد الواقع يُحقق شيئاً من رغباته، وهي لا تبعد الروح الصوفية بخوارقها، والتي تحمل في طياتها بعداً رمزياً لافتاً.
وأضاف "مع غلبة الجانب العجائبي على مجمل قصص «عطر الليل»، فإنّ ذلك لم يمنع وجود قصص واقعية كثيرة، تناقش العديد من القضايا من زوايا جديدة وثمة قصص عبّرت عن أمثال، وحكم، وأبيات شعرية، راسخة في الذهن العربي، بحيث تنوعت القضايا التي تناولتها المجموعة في 185 قصة قصيرة جداً، ما أثرى المجموعة بأفكار كشفت عن سعة خيال كاتبها واتساع دائرة اطلاعه".
وفيما تحدث الكاتب حسين عبد الرحيم عن الفانتازيا الكامنة في نصوص المجموعة ، تساءل الكاتب صبحي موسى عن سر انتقال عمار علي حسن من كتابة رواية ضخمة مثل "جبل الطير" إلى إنتاج أقاصيص لا تزيد الواحدة منها عن مائة كلمة.
أما الكاتب محمد بركة ، فقال إن هذا النوع من الكتابة ليس بجديد على صاحبه، مشيرا إلى قصص قصيرة جدا وردت في مجموعته الأولى "عرب العطيات"، واصفا إياها بأنها كانت حافلة بالحس الإنساني، واللغة الشاعرية، والشجن، فيما قالت الكاتبة عزة رشاد إن عمار علي حسن مولع بالتجريب الدائم، ومحاولة التجديد الدائم في الكتابة الأدبية على مستوى الشكل والمضمون.
وتحدث الكاتب محمد جاد الله عن توسل الكاتب بالحكاية والأسطورة معا في سبيل تحقيق رغبته في تغيير حالنا النفسي والاجتماعي إلى الأفضل.
يشار إلى أن "عطر الليل" هى المجموعة الخامسة لعمار على حسن بعد "عرب العطيات" و"أحلام منسية" و"التى هى أحزن" و"حكايات الحب الأول" إلى جانب تسع روايات هى "بيت السناري" و"باب رزق" و"جبل الطير" و"شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفى" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، إلى جانب، كتابين فى النقد الأدبى: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، كما أن له عشرين كتابا فى التصوف والاجتماع السياسى، وتحت الطبع روايتا "خبيئة العارف" ومجموعة "أخت روحى".