الخرطوم - مصر اليوم
أصدر بنك السودان المركزي توجيهات لجميع البنوك والمصارف في البلاد، الخميس، بصرف المبالغ المحولة من المغتربين للمستفيدين بالعملة نفسها، وتعد تلك الخطوة السابقة الأولى من نوعها منذ رفع العقوبات الأميركية عن البلاد، الجمعة الماضية، وتستفيد منها أسر أكثر من خمسة ملايين سوداني مغترب. وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قررت تخفيف العقوبات المفروضة على السودان لأسباب تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وممارسات تتعلق بالتطرف، وفي إطار هذا التوجه رفعت إدارة الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الحظر عن مؤسسات وشركات سودانية، الجمعة الماضية.
وقال البنك المركزي السوداني إن تلك الخطوة تستهدف تحفيز العاملين في الخارج على تحويل مدخراتهم عبر الجهاز المصرفي في البلاد. وقال البنك إن القرار يشمل صرف أصل وأرباح الودائع الاستثمارية المحفوظة بالنقد الأجنبي لدى المصارف. وتقدر تحويلات المغتربين السودانيين بنحو ستة مليارات دولار سنويًا، وكان أكثر من 90% من تلك التحويلات يتم خارج النظام المصرفي، ولم تكن تتجاوز التحويلات السنوية عبر البنوك نحو 120 مليون دولار، وارتفعت قيمتها العام الماضي إلى 150 مليون دولار، بعد تطبيق سياسية الحافز، وهي مقاربة سعر الدولار في البنك مع سعره في السوق الموازية.
وعزف السودانيون عن تلقي التحويلات عبر الجهاز المصرفي، لصعوبة الحصول على العملة الصعبة من خلاله، في ظل منع نحو 40 بنكًا وطنيًا وأجنبيًا طوال فترة الحصار، الممتدة لـ20 عامًا، من استقبال أو إرسال عملات أجنبية، وخاصة الدولار، إلا أن هناك بنوكًا كانت تتحايل على تلك العقوبات عن طريق عمليات مصرفية عدة، وهو ما زاد من تكلفة الحصول على العملة الصعبة. ومن المتوقع أن ينهي القرار، الذي يعد أهم مكاسب رفع الحصار الأميركي عن السودان، تم قبل أسبوعين، عقودًا لتجارة العملة غير الشرعية، التي لجأ لها السودانيون للتعايش مع تلك العقوبات. ولجأت بعض الأسر إلى السفر خارج البلاد لفتح حسابات في دول مجاورة، كمصر وإثيوبيا، لتلقي أموال التحويلات من الخارج بالدولار. ووفقُا للمستشار المالي والمحلل الاقتصادي، الدكتور قرشي بخاري، فإن المضاربات على الدولار ستتراجع بنسب عالية بعد زيادة المعروض من العملة الأميركية، وتدفق تحويلات المغتربين بالعملات الحرة، كما أن أرصدة البنوك سترتفع، ما سيمكنها من تلبية طلبات المستوردين والمواطنين بصورة تدريجية.
وأكدت مصادر مصرفية سودانية أنه في حالة رغبة أسر المغتربين في تحويل العملات الصعبة إلى العملة المحلية، سيتم الصرف بالسعر التشجيعي، الذي يعلن كل صباح داخل البنوك السودانية، ويباع الدولار حاليا في السوق الموازية في الخرطوم بـ21 جنيهًا، بينما يبلغ سعره التشجيعي في البنوك 18 جنيهًا. وأضافت المصادر أن البنوك ستبدأ تنفيذ توجيهات البنك المركزي الأسبوع المقبل، والتي لن تتطلب من المستفيدين سوى إرسال أرقام حساباتهم والرقم التعريفي للبنك (السويفت) الخاص بالجهة المحولة للعملة الصعبة، سواء كانت فردًا أو شركة أو جمعية. وأوضحت أن البنك سيوفر النقد الأجنبي للمستفيد حال إكمال إجراءات التحويل، التي لا تستغرق سوى ساعتين بفضل التقنيات العالمية المصرفية الحديثة، والتي تستخدمها حاليًا غالبية البنوك السودانية، وسيزيد استخدامها بعد رفع الحصار عن تلك التقنيات.
ومن المتوقع أن تجمع المصارف السودانية أكثر من 171 مليار دولار، خلال عام تقريبًا، إثر قرار فك التحويلات المالية إلى السودان، في 12 أكتوبر / تشرين الأول، فيما أعلن جهاز تنظيم العاملين السودانيين في الخارج، الخميس، عن نظام ذكي ستطرحه الدولة قريبًا لجذب مدخرات المغتربين السودانيين.