القاهره - صفاء عبدالقادر
تحتفل روسيا غدًا الخميس، بمرور 72 عاماً على نشأة قطاع الطاقة النووية بها، ومع وجود 34 مفاعل تحت الإنشاء في 12 دولة، بداية من فنلندا وحتى الصين، تُعد مؤسسة روس أتوم النووية هي المؤسسة الأولى في العالم في إقامة وتشغيل محطات الطاقة النووية خارج روسيا، حيث تشغل روس أتوم تلك المكانة المتميزة لسنوات عديدة، كما أنها تلعب دوراً رئيسياً في الشرق الأوسط، حيث تم تأكيد اقامتها لعدد من المحطات والمشروعات النووية في كل من مصر وتركيا والأردن وبعض الدول الأخرى في المنطقة. وعند النظر لتاريخ القطاع النووي الروسي، فإننا نتعلم جميعاً كيفية التعامل مع التحديات وإدارة التغيرات القادمة من أجل البقاء في المقدمة على الدوام.
وعلى عكس المنشآت النووية الحالية والتي بلغت قمة التطور التكنولوجي من خلال اعتمادها على أحدث ما توصل إليه العلم في هذا المجال، إلا أن ظروف وامكانيات العمل في المنشآت النووية في الماضي كانت مختلفة تماماً خاصة مع النماذج البدائية لتلك المحطات، حيث كان العلماء يعتمدون على معدات وأدوات بدائية جداً، من أجل التطوير ووضع المعايير والقواعد لتلك الصناعة الناشئة وقتها. وفي النهاية يتفوق الابتكار وتظهر ثمار الجهود. ففي عام 1954 أطلقت روسيا أول محطة نووية للاستخدامات التجارية في مدينة أوبنينسك على بُعد 100 كم جنوبي غرب موسكو. وعلى الرغم من القدرة الإجمالية للمحطة الأولى كانت 5 ميجاوات فقط، وهو ما يمثل جزءا ضئيلاً من قدرات المحطات الحالية والتي قد تتخطى 1200 ميجاوات، إلا أن الملفت للنظر والمثير للاهتمام في تلك المحطة الأولى أنها كانت خطوة تاريخية هامة في المسيرة النووية الروسية، حيث تمت إقامتها بعد أقل من 5 سنوات من صدور قرار الحكومة الروسية بإطلاق برنامج الطاقة النووية للاستخدامات السلمية.
وفي عام 1964، أطلق الاتحاد السوفييتي السابق أول مفاعل للقدرة المائية من طراز VVER (مفاعل الماء المضغوط) والذي أصبح على مدار السنوات من أكثر المفاعلات النووية استخداماً والأكثر اعتمادا على مستوى العالم، حيث مازال العديد من هذه المفاعلات يعمل اليوم في جميع دول العالم التي أقيم بها.
ومن أحدث الابتكارات التكنولوجية لمؤسسة روس أتوم في مجال المفاعلات النووية، مفاعل القدرة المائية من الجيل الثالث المتقدم (أو الثالث بلس)، والذي يمثل أحدث تصميمات هذا النوع من المفاعلات في العالم. وقد تم إطلاق أول محطة من نوعها تعمل بهذا النوع من المفاعلات في روسيا أوائل عام 2017. وسوف تعتمد محطة الضبعة النووية في مصر على هذا النوع من المفاعلات أيضاً وهو مفاعل القدرة المائية VVER 1200 والذي يمثل أحدث أنواع المفاعلات النووية وأكثرها أماناً في
وأكد الدكتور يسري أبو شادي، خبير الطاقة النووية في الأمم المتحدة والرئيس السابق لقسم الهندسة النووية في جامعة الإسكندرية، على أهمية العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر وروسيا في تشكيل مستقبل مصر النووي، حيث يقول: "إنّ الدور الحيوي الذي تلعبه روسيا في دعم مصر في أزمات ومواقف وظروف سياسية عديدة كان له تأثير هائل في بناء صورة إيجابية للغاية لروسيا بين المصريين. ولهذا فإنّ التعاقد مع مؤسسة روس أتوم الروسية في إقامة محطة الضبعة النووية كان نتيجة للتميز الروسي في المجال النووي، بالإضافة للوقفات التاريخية التي ابدتها روسيا في مساندة مصر خلال العقود الماضية. لقد قامت مصر باختيار مفاعلات VVER-1200 والتي تنتمي للجيل الثالث المتقدم (الثالث بلس) من المفاعلات النووية، وتُعد هذه المفاعلات هي الأكثر أماناً على مستوى العالم حالياً".
قال الدكتور عبد العاطي سالمان، رئيس هيئة المواد النووية الأسبق: " تُعتبر روس أتوم من أكثر الشركات تقدماً في إقامة وتشغيل محطات الطاقة النووية على مستوى العالم، كما أن مصر وروسيا يتمتعان بعلاقات تعاون وصداقة تاريخية ممتدة عبر عشرات السنين خاصة في المجال الفني والتكنولوجي والتعليمي، بما في ذلك مساهمة روسيا الحيوية في إقامة السد العالي في أسوان والدعم الروسي لمصر في العديد من المجالات. لذا من المهم للغاية أن تستفيد مصر من المعرفة ونقل التكنولوجيا الروسية عن طريق التعاون الثنائي بين البلدين في هذا المشروع العملاق".