يتبنى البرلمان الكوبى، اليوم السبت، قانونا جديدا حول الاستثمارات الأجنبية التى تشكل آخر خشبة خلاص لاقتصاد النظام الشيوعى، الذى لم ينجح حتى الآن فى الانطلاق، على الرغم من الإصلاحات التى طبقت منذ سنوات عدة. وقد قال الرئيس راؤول كاسترو ذلك، وكرر قوله: هذا القانون "حاسم" بالنسبة لاقتصاد البلاد الذى أنهى 2013 على زيادة إجمالى الناتج الداخلى بنسبة 2.7%، أى دون التوقعات (3.6%) بعد سنوات عدة من تحقيق نمو مماثل. وتستهدف هذه "الضرورة القصوى" للأموال النقدية، بحسب تعبير الرئيس، عجزا بنيويا فى الاستثمارات يطال خصوصا الزراعة التى تمثل النقطة السلبية فى الاقتصاد الكوبى، وإنما أيضا كل القطاعات الإنتاجية فى البلاد. والقانون الجديد- الذى لم تنشر تفاصيله رسميا بعد- سيكون هدفه أيضا إطلاق "منطقة" إنمائية خاصة يأمل النظام الكوبى أن تحقق ازدهارا فى محيط المدينة الساحلية الكبرى ماريال على بعد 50 كلم غرب العاصمة هافانا، فى أكبر مشروع على الإطلاق لبنى تحتية فى كوبا تم تدشينه فى يناير. ولبلوغ معدل نمو سنوى يتراوح ما بين 6 و8%، كما يأمل النظام، تهدف كوبا إلى زيادات سنوية فى الاستثمارات بواقع 25% إلى 35% مقابل 4.4% فقط فى 2013، وفق الأرقام التى نشرها المكتب الوطنى للإحصاءات. ولفت بافل فيدال- أحد كبار الخبراء الاقتصاديين فى الجزيرة فى الآونة الأخيرة- إلى أن "تشكل الرأسمال الإجمالى المرتبط بإجمالى الناتج الداخلى بلغ 13,6% خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو أدنى بكثير من المعدل فى أمريكا اللاتينية حيث تجاوز 20%. ولجذب الرساميل الأجنبية إلى كوبا، على الرغم من الحصار الاقتصادى الذى تفرضه الولايات المتحدة على البلد منذ نصف قرن، يعرض النظام الشيوعى خصوصا نظاما ضريبيا مرنا للغاية، بحسب المعلومات الجزئية التى نشرتها وسائل الاعلام المحلية. وستستفيد الشركات بذلك من إعفاءات ضريبية على الأرباح طيلة ثمانية أعوام مع احتمال تمديد هذه الفترة، وفور انتهاء سريان مفعول فترة الإعفاء هذه ستدفع الشركات ضريبة بنسبة "15% من الأرباح الصافية الخاضعة لاحتساب الضريبة"، أى نصف المعدل المعمول به حاليا، كما أكدت صحيفة جوفنتود ريبيلدى الرسمية هذا الأسبوع. لكن إذا ما كان النشاط يتعلق بـ"استغلال موارد طبيعية، متجددة أم لا، فإن معدل الضريبة على الأرباح يمكن أن يرتفع حتى 50 بالمائة بناء على قرار من مجلس الوزراء"، كما أضافت الصحيفة. إلى ذلك، يتعين تقديم ضمانات بالنسبة إلى أمن الاستثمارات. وقالت صحيفة جوفنتود ريبيلدى أن "الاستثمارات لن يكون بالإمكان مصادرتها" إلا لأسباب منفعة عامة أو مصلحة اجتماعية". لكن فى هذه الحالة، فإن "المصادرة ستتم وفقا للدستور والمعاهدات الدولية مع تعويض مناسب يتم تحديده بموجب اتفاق مشترك"، بحسب الصحيفة. وفى الستينات، فى السنوات الأولى من انطلاق الثورة الكوبية، قرر فيدل كاسترو تأميم كل الأصول الأجنبية فى كوبا. ويبقى أمر واحد غير مؤكد يتعلق بإمكانية استقبال شركات برأسمال أجنبى بالكامل، فى حين أن الغالبية الساحقة من التواجد الأجنبى اليوم هى داخل شركات مختلطة يملك الجانب الكوبى أغلبية الأسهم فيها. لكن على كل حال هناك نقطة مؤكدة هى أن الشركات الاجنبية لن تكون حرة فى التعاقد (مع موظفين) بطريقة مباشرة، وسيكون عليها أن تستمر فى دعوة شركة حكومية لإدارة العاملين. وأخيرا، وعلى الرغم من أن القانون الجديد لا يمنع قيام كوبيين مقيمين فى الخارج بالاستثمار، إلا أنه لا يشجع على ذلك أيضا، كما أعلن وزير التجارة الخارجية والاستثمار الاجنبى رودريغو مالميركا، الجمعة. وقال مالميركا أمام نواب، بحسب ما نقلت وكالة برنسا لاتينا المحلية، إن "كوبا لن تذهب لتفتش عن الاستثمار الاجنبى فى ميامى"، حيث يقيم القسم الاكبر من مليونى كوبى يعيشون فى الخارج، وأضاف أن "القانون لا يحظر ذلك، والسياسة لا تشجعه". وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، فإن وزير التجارة أوضح أنه سيكون فى إمكان الكوبيين فى الخارج أن يستثمروا فى الجزيرة "طالما تعلق الأمر بأشخاص لا تتعارض مواقفهم مع العملية الثورية، وغير مرتبطين بالمافيا الإرهابية فى ميامى (المناهضة لكاسترو)". ويأتى تبنى هذا القانون المرتقب منذ أشهر عدة ليحل محل تشريع يعود تاريخه إلى 1995، بينما تعود المخاوف حيال دعم فنزويلا لكوبا، وهى أبرز شريك تجارى وداعم سياسى لهافانا. ولفت الخبير الاقتصادى بافل فيدال إلى أن "القانون الجديد هو الفرصة الأخيرة لكى تحقق الإصلاحات أخيرا أهداف النمو، وكذلك تنويع الاقتصاد وتقليص تبعيته حيال فنزويلا".