موسكو - أ.ف.ب
وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بحل اخطر ازمة نقدية تواجهها روسيا خلال عامين، لكنه لم يحدد وسائل تحقيق ذلك، ولم يبد مرونة حول الملف الاوكراني، متهما الغربيين ببناء "جدار" جديد في اوروبا والتصرف "كامبراطورية" تملي رغبتها على "اتباعها".
وفيما كان بوتين يتحدث امام الف صحافي روسي واجنبي، كان الاتحاد الاوروبي يعلن سلسلة جديدة من العقوبات التي منع بموجبها كل الاستثمارات الاوروبية في شبه جزيرة القرم الاوكرانية التي ضمتها روسيا في اذار/مارس الماضي.
وردت وزارة الخارجية الروسية بالتذكير بان القرم جزء "لا يتجزأ" من روسيا.
التزم بوتين الصمت منذ بداية الازمة النقدية التي تضرب بلاده وتهدد اعمدة الاقتصاد الروسي، لذلك كان مؤتمره الصحافي مترقبا بشدة لمعرفة موقفه. لكن الرئيس الروسي لم يعلن في هذا المجال اي شيء عمليا، معولا على ارتفاع اسعار النفط لتحسين الوضع.
وقال بوتين "في اسوأ سيناريوهات للوضع الدولي، قد يستغرق الامر عامين لكنه قد يتحسن قبل ذلك".
واضاف "سنعتمد اجراءات استخدمناها بنجاح في 2008" خلال الازمة المالية، واكتفى بالتأكيد على انه لن يتخذ اي تدبير صارم لتوجيه السوق، واصفا الاجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي لمواجهة الازمة ب"المناسبة"، على رغم بعض الانتقادات.
واذ ارجع بوتين السبب الاكبر لتراجع النفط الى "العوامل الخارجية" اقر ايضا بأن روسيا تتحمل حصتها من المسؤولية، لانها لم تحسن الاستفادة بصورة كافية من السنوات الماضية لتنويع اقتصادها الذي يعتمد كثيرا على أسعار النفط والغاز.
في هذه الاثناء، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني الخميس الرئيس الروسي الى "تغيير جذري" في موقفه، ورأت ان الازمة المالية الروسية "ليست نبأ سارا" لاوروبا والعالم.
وقالت موغيريني عند وصولها الى القمة الاوروبية "على الرئيس بوتين والقادة الروس التفكير جديا في (...) تغيير جدي في الموقف حيال بقية العالم" وان يعتمد "اسلوبا تعاونيا" في مواجهة الازمات الحالية.
واضافت ان "العالم لم يكن اكثر خطورة وعدم استقرار مما هو الآن"، داعية الى "علاقة بناءة" مع روسيا من اجل "مواجهة هذه الازمات، وخصوصا في اوكرانيا". وقالت "يجب ان نطور استراتيجية قوية ومسؤولة مع روسيا".
وكدليل على عدم اطمئنان السوق، فان الروبل الذي سجل ارتفاعا في بداية النهار، تراجع بعد المؤتمر الصحافي لبوتين، على رغم ارتفاع كبير لأسعار النفط. ففي حوالى الساعة 13,10 ت غ، سجلت العملة الروسية تراجعا طفيفا حتى 61,14 روبلا للدولار و75,30 روبلا لليورو. في حين ربح مؤشرا بورصة موسكو اكثر من 5%.
وحتى لو تحسن مقارنة بالساعات السوداء يوم الثلاثاء الماضي، بقي الروبل على تراجع بنسبة 40% من قيمته مقارنة بمستواه مطلع العام فيما تهدد الصدمة النقدية التي شهدتها روسيا مطلع الاسبوع الحالي بالتسبب بارتفاع مفاجئ في معدل التضخم الذي اقترب بالفعل من 10% وبالانعكاس سلبا على القطاع المصرفي ما قد يؤثر على الاقتصاد الروسي برمته.
وتقول الصحافة الروسية ان بعض شركات الاستيراد اوقفت شحناتها في انتظار تطور العملة او قامت برفع اسعارها.
وتختم هذه الازمة النقدية سنة مضطربة لروسيا التي تخوض صراعا غير مسبوق منذ سقوط الاتحاد السوفياتي مع البلدان الغربية. واحدثت الازمة في اوكرانيا هوة شاسعة بين موسكو وبين كييف وبروكسل وواشنطن ايضا.
وفيما وجه القادة الغربيون في الايام الاخيرة نداءات الى الرئيس الروسي ليبدي مرونة حول الملف الاوكراني، كان رد الرئيس الروسي حازما، وقال ان موسكو على حق والدول الغربية على خطأ وان الاستراتيجية المطبقة في اوكرانيا هي الصحيحة.
واتهم بوتين السلطات الاوكرانية بشن "حملة تأديبية" ضد المتمردين في الشرق. وقال بصيغة قاطعة "اعتبر اننا على حق في ما يتعلق بالازمة الاوكرانية. وكما سبق ان قلت، فان شركاءنا الغربيين مخطئون".
وردا على سؤال عن قيام جدار جديد بين روسيا واوروبا بعد 25 عاما على سقوط جدار برلين، اتهم بوتين البلدان الغربية بالمسؤولية عن هذا الجدار. وقال "انه جدار افتراضي، لكن تشييده قد بدأ"، مذكرا بسابقة توسيع الحلف الاطلسي حتى ابواب روسيا (دول البلطيق) والدرع المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية.
وقال ان "شركاءنا قرروا انهم المنتصرون وانهم باتوا امبراطورية وان الاخرين اتباع يتحكمون بهم".
واضاف ان "القرم ليست المشكلة، ما ندافع عنه هو استقلالنا وسيادتنا وحقنا في الوجود".
وعلى الصعيد الشخصي، اتاح المؤتمر الصحافي الذي استغرق 189 دقيقة معرفة امرين بشان بوتين، الاول انه في حالة حب والثاني انه لا يعرف قيمة مرتبه.
ولم يوضح بوتين، المنفصل عن زوجته وابنتيه منذ عام 2013، مع من يعيش حياته، مكتفيا بالقول "كل شيء على ما يرام، لا تقلقوا".