الليرة التركية

انزلقت الليرة التركية إلى أدنى مستوى في تاريخ تركيا على الإطلاق، متجاوزة الانهيار التاريخي السابق الذي شهدته في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وعمّقت من خسائرها في بداية تعاملات الأسبوع، لتهوي إلى مستوى 18.45 ليرة للدولار، مدفوعة باستمرار البنك المركزي في التيسير النقدي بضغط من الرئيس رجب طيب إردوغان. ويعد المستوى الذي وصلت إليه الليرة التركية في تعاملات الاثنين، هو الأدنى في تاريخها بعد السقوط التاريخي الأول في ديسمبر الماضي، الذي بسببه تدخلت الحكومة التركية بحزمة إجراءات حاسمة لدعم الليرة ووقف انهيارها.

وأغلقت الليرة تعاملات الأسبوع الماضي، عند مستوى 18.42 ليرة للدولار بعدما خفض البنك المركزي التركي، الخميس، سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) المعتمَد معياراً لأسعار الفائدة 100 نقطة أساس، ليصبح 12 في المائة، ويواصل السير في الطريق المعاكس، متجاهلاً تحذيرات وكالات التصنيف والمؤسسات الاقتصادية الدولية من الاستمرار في تيسير السياسة النقدية، في ظل استمرار التضخم في الارتفاع بمعدلات قياسية غير مسبوقة منذ نحو ربع قرن. وخفض «المركزي التركي» سعر الفائدة من 14 إلى 13 في المائة، الشهر الماضي، بعد تثبيت دام 7 أشهر. وشدد على أنه سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية على انخفاض دائم في التضخم، ويتم تحقيق هدف 5 في المائة على المدى المتوسط، بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار، بعد تقييم العوامل التي تؤثر على السياسة النقدية، مثل الطلب والتضخم الأساسي والعرض.

ورأى محللون أن التيسير النقدي غير مستدام ويأتي استجابة لمساعي الرئيس رجب طيب إردوغان لخفض تكاليف الاقتراض من أجل زيادة الصادرات والاستثمار وفرص العمل وفقاً للنموذج الاقتصادي الجديد لحكومته، متوقعين المزيد من الانخفاض في قيمة الليرة التركية في المستقبل. وقادت التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة خلال العام الماضي، بجانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً، وأزمة غلاء للأتراك. وبرر البنك المركزي الاستمرار في تيسير سياسته النقدية بالمؤشرات المستمرة على التباطؤ الاقتصادي، وقال من جديد إنه يتوقع بدء تراجع معدل التضخم.

وسجل معدل التضخم السنوي في تركيا 80.62 في المائة، في أغسطس (آب) الماضي، وهو أعلى معدل منذ عام 1998. ويشكل التضخم غير المسبوق منذ ما يقرب من ربع قرن، عامل ضغط شديد على حزب العدالة والتنمية الحاكم، والرئيس إردوغان، الذي أعلن نفسه عدواً للفائدة، معتبراً، بالمخالفة للنظريات الاقتصادية الراسخة، أن الفائدة المرتفعة هي سبب للتضخم المرتفع ولجميع الشرور في الاقتصاد، بعد أكثر من 20 عاماً في حكم البلاد. وتعهد إردوغان بخفض التضخم بشكل ملحوظ في فبراير (شباط) المقبل. في غضون ذلك، تعهد وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين نباتي، مجدداً، بعودة التضخم إلى مساره الطبيعي تدريجياً اعتباراً من ديسمبر المقبل، قائلاً خلال فعالية اقتصادية نظمها اتحاد رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (موسياد) الاثنين: «سنرى كيف ينخفض التضخم كل شهر في هذا البلد وسنعمل معاً، وستتحسن الأمور».

ولفت نباتي إلى أنه بعد فترة وباء كورونا، نرى أن الركود التضخمي ظهر في المقدمة، بينما لم تستطع البلدان المتقدمة والنامية التعافي، مضيفاً: «نحافظ على اتجاه نمو مستقر مع نموذج الاقتصاد التركي الذي يركز على الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات». وأضاف أنه «مقارنة بفترة ما قبل الوباء، كانت تركيا هي الدولة التي زادت من فرص العمل لديها، واعتباراً من أغسطس قمنا بزيادة الصادرات إلى أكثر من 250 مليار دولار، ونهدف إلى تجاوز مستوى عام 2019، الذي حطمنا فيه رقماً قياسياً في إيرادات السياحة، التي بلغت 40 مليار دولار». وتابع أنه «بالإضافة إلى هذه التطورات الجيدة، فإن التضخم هو إحدى المشكلات التي نحتاج إلى حلها في الوضع الحالي... نواصل النضال بحزم لزيادة القوة الشرائية للمواطنين دون التخلي عن نمو الاقتصاد، وسوف نتغلب على التضخم، واعتباراً من نهاية العام، سنبدأ الشعور بهذا الانخفاض بشكل أكثر وضوحاً».

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الليرة التركية تهبط إلى مستوى قياسي أمام الدولار

الحكومة التركية توقع مع حكومة الوفاق في طرابلس مذكرة تفاهم "لتعزيز العلاقات الاقتصادية"