الاقتصاد البريطاني

تماسك الجنيه الإسترليني يوم الثلاثاء، لكن تعاملاته بنيت في الغالب على الأمل وجني الأرباح وارتفاع العائدات البريطانية، ما ترك التجار في حالة قلق بخصوص التداعيات الأوسع لانخفاضه القياسي. فمع تراجع الدولار، ارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة واحد بالمائة في آسيا إلى 1.0805 دولار وارتفع بنسبة خمسة بالمائة تقريبا عن أدنى مستوى سجله مساء الاثنين عند 1.0327 دولار. وقدم بنك إنجلترا وعدا مُسكنا إلى حد ما بمراقبة الأسواق والارتفاع إذا لزم الأمر. ويوم الاثنين، أعلن البنك المركزي أنه لن يتردد في تغيير معدلات الفائدة عند الضرورة، وذلك بعد هبوط الاسترليني غير المسبوق. وذكرت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية أن البنك لم يقرر بعد تطبيق زيادة طارئة على معدلات الفائدة، مخالفا توقعات بعض خبراء الاقتصاد البريطانيين، وهي خطوة أعادت الجنيه الاسترليني إلى نفس معدل الانخفاض الذي كان يعانيه قبل التصريحات.

وأدى صعود الجنيه الإسترليني يوم الثلاثاء إلى تقليص معظم خسائر اليوم السابق، لكن كي جاو، محلل العملات في سكوتيا بنك في سنغافورة قال إنه قد يكون «قصير الأجل». ولا يزال الإسترليني منخفضا بنسبة 20 بالمائة هذا العام على خلفية قوة الدولار. وقال رئيس بنك إنجلترا أندرو بايلي، إن البنك يراقب التطورات في الأسواق المالية عن كثب في ضوء إعادة تسعير الأصول المالية، على أن يُجري البنك تقييما كاملا لخطة نمو الحكومة البريطانية خلال الاجتماع المُقرر المقبل في أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأضاف بايلي أنه خلال الأسابيع الماضية، قامت الحكومة بعدد من الإعلانات الهامة، مشيرا إلى خطة ضمان أسعار الطاقة التي من شأنها تخفيض الذروة المرتقبة للتضخم، بالإضافة إلى خطة النمو الحكومية التي قدم وزير الخزانة البريطانية المزيد من التفاصيل عنها.

وتابع رئيس بنك إنجلترا بأن «دور السياسة المالية هو ضمان عدم زيادة الطلب وتجاوزه للإمدادات المتاحة بطريقة قد تؤدي إلى المزيد من التضخم على المدى المتوسط». وبحسب بيانات جمعتها «بلومبرغ»، فقدت أسواق الأسهم والسندات البريطانية 500 مليار دولار على الأقل من قيمتها السوقية الإجمالية منذ تولي ليز تراس منصب رئيسة وزراء بريطانية. إذ عززت السياسات المالية الجديدة للحكومة المخاوف بشأن ارتفاع التضخم والاقتراض في الوقت الذي تتزايد فيه أسعار الفائدة سريعاً. وحسب البيانات، فإنه منذ الخامس من سبتمبر (أيلول)، عندما تم تأكيد تعيين تراس كزعيم لحزب المحافظين، فقد كل من مؤشر «فوتسي 350»، و«فوتسي 100» و«فوتسي 250» أكثر من 300 مليار دولار من قيمتها السوقية. كما خسر مؤشر

السندات الحكومية البريطانية أكثر من 160 مليار استرليني (173 مليار دولار) في تلك الفترة أيضاً، وفقدت السندات الاستثمارية المقومة بالاسترليني 29 مليار دولار. ويذكر أن عائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات تجاوز مستوى 4 بالمائة يوم الاثنين، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2010، بعد تعهد وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنغ بالمزيد من التخفيضات الضريبية. وسيتعرض بنك إنجلترا نتيجة لتلك التطورات لضغوط رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر وأسرع، ما يؤدي إلى رفع تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، ويقلل من أموال الشركات للاستثمار والمستهلكين للإنفاق.

قال تورستن بيل، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ريزوليوشن»، وهي مؤسسة فكرية تركز على تعزيز مستويات المعيشة للأسر ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط: «هذا تذكير مؤلم بأن السياسة الاقتصادية ليست لعبة»، بحسب «سي إن إن». بالإضافة للارتفاع السريع في تكاليف الاقتراض للحكومة والشركات والأسر، يتوقع المستثمرون أن بنك إنجلترا سيحتاج إلى زيادة أسعار الفائدة بشكل أكبر بكثير للسيطرة على التضخم. وهم الآن بصدد رفع الأسعار إلى حوالي 6 في المائة بحلول الربيع المقبل.

ولم تكن المعدلات مرتفعة إلى هذا الحد منذ العام 2000. بالنظر إلى أن البنك المركزي بدأ برفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول)، عندما كانت أسعارها عند 0.1 بالمائة، فإن ذلك يمكن أن يتسبب في حدوث انتكاسة اقتصادية كبيرة. وقال بيل: «لقد أضافت الزيادة في توقعات أسعار الفائدة بالفعل 1000 جنيه إسترليني أخرى سنوياً إلى الزيادة القادمة في الرهون العقارية لمقترض عادي، في حين أن انخفاض الجنيه الإسترليني يعني أن الواردات الأكثر تكلفة تتغذى على ارتفاع التضخم». وأضاف أن الأشخاص الذين يعيشون في المملكة المتحدة سيشهدون نتيجة لذلك انخفاضاً في مستويات المعيشة.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الجنيه الإسترليني يسجل تحسنا طفيفا أمام الدولار

وزير الكهرباء المصري يزور المملكة المتحدة لاستعراض فرص الاستثمار في قطاع الطاقة