مجرى قناة السويس المصرية

منذ افتتاحها أواخر العام 1869، وعلى مدار 150 سنة، تصدرت قناة السويس مشهد الملاحة والتجارة البحرية في العالم، وكانت حاضرة بقوة على خريطة المستثمرين والأسواق والمستهلكين، حتى في سنوات إغلاقها بين "نكسة يونيو/حزيران" وانتصار 6 أكتوبر/تشرين الأول"، وهي السنوات التى شكلت ضغطًا قويًا على التجارة العالمية، ساهم فى رفع أسعار كثير من السلع وتقليل حجم التجارة المتبادلة عالميًا، وما زالت القناة حتى الآن وبعد 150 سنة منذ انطلاقها، شريانًا مهمًا من شرايين الملاحة، ونهرًا جاريًا من أنهار الاقتصاد والتنمية وموارد الدولة.

تتمثل أهمية القناة في كونها الممر الأسرع للشحن البحري بين أوروبا وآسيا، إلى جانب ما توفره من أمان في ظل الاستقرار السياسي والحالة الأمنية الجيدة للغاية في المجرى الملاحي ومحيطه، وتكلفة الخدمات والتسهيلات التنافسية التي توفرها هيئة القناة، إضافة إلى الجهود الجارية في تطوير المنطقة الاقتصادية لتكون واحدة من أبرز المناطق الاقتصادية والاستثمارية ومجمعات الخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية في العالم، وكلها عناصر صنعت قصة نجاح القناة، وتواصل العبور بها من إنجاز إلى آخر.

وكان مشروع قناة السويس الجديدة تحديًا كبيرًا، في ظل أهميته الاستراتيجية والمعنوية، والفترة القياسية التى أُنجز فيها، والمشروع عبارة عن تفريعة جديدة للقناة بطول 35 كيلومترًا، من الكيلو 61 إلى الكيلو 95. افتُتحت فى أغسطس/آب 2015 بعد سنة واحدة من العمل، وساهمت بشكل كبير فى رفع إيرادات القناة منذ 2016 حتى 2018 بنسب متزايدة عامًا بعد عام، خاصة بعد دورها المباشر في تلافي مشكلات الملاحة في القناة بصورتها القديمة، وأبرزها تأخر بعض السفن بسبب تنظيم العبور على قافلتين من الشمال والجنوب بالتبادل، إذ ساهمت القناة الجديدة في تحويل مسارات إحدى القافلتين لتعبران بشكل متزامن.

بنهاية 2016، حققت قناة السويس إيرادات بلغت 49 مليارا و500 مليون جنيه، بارتفاع نسبته 11% عن 2015، الذى بلغت إيراداته 40 مليار جنيه تقريبًا، وفى 2017 قفزت الإيرادات إلى 93 مليارًا و800 مليون جنيه، بزيادة 89.5% عن العام السابق، تشمل نسبة النمو فى أعمال القناة وعوائدها، إلى جانب آثار تحرير سعر صرف الجنيه.

إيرادات تاريخية في 2018

بعد عامين من العمل ساهمت قناة السويس الجديدة، إلى جانب الدور الراسخ الذى تلعبه القناة القديمة، فى تحقيق إيرادات تاريخية خلال 2018، إذ سجلت عائداتها 5 مليارات و728 مليون دولار، ما يعادل 101 مليار و901 مليون جنيه، وهى أعلى إيرادات للقناة فى تاريخها منذ افتتاحها أواخر القرن التاسع عشر.

إلى جانب الأثر المباشر لهذه القفزة على إنعاش موارد الدولة وموازنتها، وزيادة الإيرادات بشكل يقلص من العجز والفجوة بين الموارد والمصروفات، فإن هذه الإيرادات التاريخية ساهمت فى تحقيق وفرة فى الدولار بنسبة 8% قياسًا على العام 2017، الذى قُدّرت إيرادات قناة السويس خلاله بـ5.3 مليار دولار، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة القناة.

طفرة كبيرة في العائدات

نجاح قناة السويس لا تسجله بيانات الهيئة فقط، وإنما توثقه تقارير وبيانات أخرى صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أكدت حجم الطفرة التى شهدتها إيرادات القناة خلال 2018 مقارنة بـ2017 والأعوام السابقة، ليس فقط على مستوى العام بأكمله، ولكن بمقارنة شهر بشهر.

وأظهرت البيانات الإحصائية، أنه منذ الشهر الأول فى 2018 تحقق قناة السويس إيرادات مرتفعة مقارنة بالشهر المقابل من 2017، إذ سجلت إيرادات يناير 8 مليارات جنيه مقابل 7.3 مليار جنيه فى يناير 2017، بارتفاع نسبته 8.7%، وفى فبراير حققت 7.7 مليار جنيه مقابل 6.4 مليار جنيه للشهر المناظر من 2017، بزيادة نسبتها 16.8%.

وفى مارس 2018 بلغت الإيرادات 8.1 مليار جنيه مقابل 7.4 مليار جنيه فى مارس 2017 بزيادة نسبتها 9.4%، وفى أبريل سجلت 8.4 مليار جنيه مقابل 7.7 مليار جنيه فى أبريل 2017 بزيادة نسبتها 8.3 %. وفى مايو حققت 8.9 مليار جنيه مقابل 7.9 مليار جنيه خلال مايو 2017، بزيادة نسبتها 11.2%، وحققت 8.7 مليار جنيه فى يونيو 2018 مقابل 7.7 مليار جنيه فى الشهر المناظر من العام السابق، وفى يوليو حققت 8.8 مليار جنيه مقارنة 8 مليارات جنيه فى يوليو 2017.

أكتوبر الأعلى إيرادات

مؤشرات النجاح المتمثلة فى قفزات الإيرادات لم تتوقف، ولم تنحصر فى التفوق على الشهور المناظرة من 2017 فقط، وإنما حققت معدلات قياسية فى بعض الشهور، فمن 8.9 مليار جنيه فى أغسطس مقارنة بـ8.3 مليار خلال أغسطس 2017 بزيادة 7.8%، و8.4 مليار جنيه مقابل 8.1 مليار فى سبتمبر، سجلت القناة مستوى قياسيا فى أكتوبر، بتحقيقها 9 مليارات جنيه، مقابل 8.3 مليار خلال أكتوبر 2017، بزيادة نسبتها 7.7 %.

إيرادات أكتوبر هى الأعلى فى 2018، وتتفوق على كل إيرادات 2017، بل تسجل مستوى قياسيًا فى إيرادات القناة خلال شهر واحد. وبهذه المعدلات الإيجابية تواصل الأداء فى 2018 لتحقق القناة فى نوفمبر 8.2 مليار جنيه مقابل 8.1 مليار فى الشهر نفسه من 2017، لتختتم العام بإيرادات قيمتها 7.5 مليار جنيه.

تطور حجم الملاحة

لم تقتصر إنجازات قناة السويس على قفزات الإيرادات فقط، وتناميها من عام لعام، ومن شهر لآخر، لكنها تبدت بوضوح فى حجم العمل ومستويات الملاحة التى شهدت نموًا ملحوظًا فى أعداد وحمولات السفن العابرة للقناة، خاصة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما يثبت الجدوى الاقتصادية لمشروع قناة السويس الجديدة التى ساهمت فى تطوير آليات العمل وزيادة حجم الإيرادات.

اقرأ أيضًا:

52 سفينة تعبر قناة السويس بحمولات 3.5 مليون طن

وبحسب إحصائيات الملاحة الصادرة عن هيئة قناة السويس، فإن معدلات عبور السفن خلال 2016 سجلت 16 ألفًا و833 سفينة، وبفضل السياسات التسويقية التى انتهجتها الهيئة وفريقها، نجحت القناة فى زيادة معدلات عبور السفن والحمولات خلال 2017 بصورة واضحة ونسب كبيرة، إذ سجلت فى العام الماضى 17 ألفًا و550 سفينة، بزيادة 717 سفينة عن 2016، بما نسبته 4.3%.

مليار طن بدءًا من 2017

القفزات الضخمة التى شهدتها العوائد ومؤشرات الأداء المالية، تُعنى بالضرورة تحقيق نمو كبير فى حجم الأعمال ومستويات العبور وأحجام وقيم التجارة العابرة من المجرى الملاحى للقناة، وعلى صعيد هذه المؤشرات فقد زادت حمولات السفن العابرة بنسبة 6.9%، لتسجل مليارًا و42 مليون طن خلال 2017 مقارنة بـ974 مليون طن خلال 2016، بزيادة 67 مليون طن نسبتها 6.9%، وبحسب تصريحات سابقة للفريق مهاب مميش فإن 2017 هو العام الأول طوال تاريخ القناة الذى تتجاوز فيه الحمولات العابرة مليار طن بضائع.

ومن قفزات 2017 فى حجم التجارة والبضائع والسفن العابرة، واصلت قناة السويس تطورها فيما يخص حجم الملاحة خلال 2018، إذ أظهرت إحصائيات الملاحة الحديثة الصادرة عن هيئة القناة ارتفاع معدلات السفن العابرة إلى 18 ألفًا و174 سفينة، بزيادة 624 سفينة عن 2017، فى حين ارتفعت حمولات السفن العابرة إلى مليار و139 مليونا و629 ألف طن، بزيادة 97.6 مليون طن عن 2017، و164.4 مليون طن عن 2016.

تحولات جذرية فى الهيئة

إلى جانب تطوير قدرات الهيئة الاستيعابية وتوسع حجم أعمالها، ومتابعة تدفقات التجارة والسفن العابرة وتوفير الخدمات والمتابعة الأساسية لها، تعمل هيئة قناة السويس على إحداث تغيرات حقيقية فى بنية المؤسسة وآليات عملها، بالتزامن مع مشروع المنطقة الاقتصادية للقناة الذى سيفتح بابًا واسعًا للتنمية المستدامة، فى ضوء تخطيطه ليكون واحدًا من أكبر المناطق الصناعية والاستثمارية ومناطق التعهيد والخدمات اللوجستية فى المنطقة العربية والعالم.

وعن مشروعات الهيئة ورؤاها المستقبلية، قال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة القناة ورئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فى تصريحات صحفية سابقة، إن الهيئة تشهد تحولات جذرية فى الفترة الحالية، عبر تبنى استراتيجية جديدة تستهدف زيادة العائدات، وعدم اقتصارها على رسوم العبور فقط، لافتًا إلى أن أبرز ملامح الاستراتيجية الجديدة تتمثل فى إقامة مشروعات استثمارية وخدمية فى محور القناة «المنطقة الاقتصادية» بما يعزز تدفقات البلاد من العملات الأجنبية، ويخدم الاقتصاد القومى، ويضمن وضع أسس ثابتة لعملية التنمية المستدامة.

قد يهمك أيضًا:

53 سفينة تعبر المجرى الملاحي لقناة السويس في الإتجاهين

54 سفينة تعبر المجرى الملاحي لقناة السويس بحمولات 3.2 مليون طن