القاهرة - سهام أبوزينة
في أساسيات التخطيط العمراني في العالم، تعد الحدائق والمنتزهات عنصرًا مهمًا وأساسيًا في تخطيط المدن الحديثة، وذلك لما تساهم به المساحات الخضراء والنباتات في تنمية المدن والأحياء من الناحية البيئية، وعدم وجودها أو قلة مساحاتها يؤدى إلى خلل في التوازن البيئى لتلك المنطقة التي تفتقد وجود الأشجار والحدائق.
وفقاً للمعدلات العالمية والتى تختلف من دولة لأخرى حسب الموقع والطبيعة الجغرافية للدولة، من المفترض أن يتوافر لكل 5000 نسمة "أي المتواجدون مثلا على مستوى حي أو مجاورة واحدة" 3000 متر مربع مساحات خضراء، وهي المعدلات المتوسطة التي تنطبق على الطبيعة الجغرافية لمصر.
بتطبيق المعدل المذكور على عدد سكان مصر البالغ 96 مليون نسمة حالياً داخل الدولة، نحتاج لأن يكون متوافرا لدينا نحو 58 مليون متر مربع من الحدائق والمنتزهات، غير أن المساحات الموجودة بالفعل والتي رصدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صادمة وبعيدة تمامًا عن المساحة الواجب توافرها على مستوى الجمهورية.
تمثل المساحات الخضراء الموجودة بالفعل في مصر أقل من 10% من المساحات الواجب توافرها لعدد سكان مصر الحالي والمفترض أن تكون "57 مليون متر مربع، حيث لا يوجد بالدولة – وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء- سوى 5.370 مليون متر مربع فقط، تتنوع بين حدائق نباتات ومتنزهات عامة بخلاف حديقتي "الحيوان والأسماك" وما بهما من أشجار كثيرة ومساحات خضراء.
الأغراض التي تحققها المساحات الخضراء ليس فقط يقتصر على النواحي البيئية المتعلقة بتقليل نسبة التلوث من خلال ما تفعله النباتات من زيادة نسبة الأكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون، ولا لتخفيف وهج أشعة الشمس وحدة الضوضاء خاصة في الأماكن المزدحمة، لكن لها أغراض نفسية تحققها أيضاً، فتوافر المنتزهات العامة والحدائق يتيح إمكانية اللعب والترفيه عن النفس وتوفير مناظر بصرية مريحة للأعين، خاصة لغير القادرين ماديا على الترويح عن أنفسهم.
وإذا حاولنا تركيز الاهتمام بشكل أكبر على النواحى البيئية، سنجد أن الدور الذى تلعبه المساحات الخضراء فى هذا الأمر فى غاية الأهمية، خاصة فى دولة ترتفع نسبة التلوث بها وتعتبر من أكثر الدول تلوثا فى العالم كمصر، بحسب تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2016، إذ كشف التقرير آنذاك تخطى نسب التلوث فى مصر المؤشرات الدولية بمعدل 7 أضعاف، وذلك نتيجة لكثرة المخلفات وعوادم المصانع والسيارات وغيرها من ملوثات البيئة، كما تحتل محافظة القاهرة المركز الـ 34 في قائمة "أكثر مدن العالم تلوثاً".
وبالرجوع للبيانات الرسمية الصادرة حول ذلك الأمر وما يتوافر بمصر من مساحات خضراء، والتي كشفت أرقاما صادمة، نجد أنه لا يوجد بالدولة سوى 1800 منتزه وحديقة سواء تلك التي لها رسم دخول أو بالمجان، هذا بخلاف حديقتى "الحيوان والأسماك" المعروفتين، ويبلغ إجمالى مساحة هذه الحدائق والمنتزهات بما فيهم "الحيوان والأسماك"، 5.370 مليون متر مربع.
والصادم أكثر في أرقام "الإحصاء" ليس فقط قلة عدد الحدائق مقارنة بمساحة الجمهورية البالغة أكثر من مليون كيلو متر مربع، ولا عدد سكانها المرتفع كثافته، ولكن فى وجود محافظات بالدولة لا تتجاوز عدد الحدائق والمنتزهات بها 20 حديقة، كمحافظة الجيزة التى لا يوجد بها سوى 12 حديقة فقط، وقنا والفيوم 17 حديقة بكل منهما، ومحافظة الأقصر 12 حديقة، و 3 فقط بمطروح.
ولم تقتصر قلة أعداد الحدائق والمنتزهات على تلك المحافظات فقط، بل تمتد لمحافظات أخرى ولكن بأعداد أكثر قليلاً من الأعداد المذكور عالياً، كمحافظة كفر الشيخ والتى يوجد بها 25 منتزه، ومحافظة المنيا 32 حديقة ومثلها فى دمياط، بالإضافة لـ 33 حديقة بمحافظة بني سويف، 34 بشمال سيناء، أما جنوب سيناء فخالية تماماً من الحدائق والمنتزهات العامة، وفى العاصمة "محافظة القاهرة" والتى يتجاوز عدد سكانها 9.5 مليون نسمة، لا يوجد سوى 190 حديقة عامة فقط.
ويؤكد البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء حول عدد ومساحة الحدائق والمنتزهات العامة الموجودة في كل محافظة من محافظات الجمهورية، سواء تلك المتاح دخولها برسوم أو مجاناً، والتي جاءت كالتالي: