الدكتور كمال الجنزورى

"وزير الفقراء" .. لقب أطلقه محدودو الدخل على الدكتور كمال الجنزورى، الذي رحل عن عالمنا اليوم، ولكن قبل أن يرحل فقد سجل اسمه بحروف من نور في قلوب المصريين، الذين عرفوه بتواضعه وصراحته، واحترافه العمل الإداري و السياسي. خاض الجنزوري الكثير من المعارك الشرسة، ونجح في اختبارات كثيرة، قبل أن يصارع المرض، بمستشفى لقوات الجوية، بالتجمع الخامس، لينهي حياته عن عمر 88 عامًا.

من قريته بالباجور لرئاسة الوزراء

ليس من الغريب أن يمتلئ سجل نعي رئيس الوزراء الراحل، بأسماء من كافة التيارات السياسية والحزبية، والقيادات الدينية، ورجال الأعمال والفنانين، والهيئات المحلية والدولية، أو حتى رجل الشارع العادي، وهو ما يعكس مكانة الرجل، وما يحظى به من احترام وتقدير.

ولد رئيس الوزراء الراحل في الثاني عشر من يناير 1933 بالمنوفية في قرية "جروان" مركز الباجور، الذي اتشحت بالسواد بعد سماع نبأ وفاته، ونعاه أهالي القرية، لاسيما إنه كان رجل متواضع يهتم بالمصلحة العامة، والجلوس مع أهالي قريته والاستماع لهم، وهو ما جعله يحظى بمكانة مميزة في قلوبهم، مثلما حظي بمكانة كبيرة في قلوب المصريين.

أنجب رئيس الوزراء الراحل ثلاث بنات، تخرج بنتان منهما من كلية الهندسة، بينما تخرجت الأخيرة من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

خبرات أهلته لرئاسة الوزراء

تقلد الجنزوري الكثير من المناصب، قبل أن يتم اختياره في عهد الرئيس الأسبق مبارك، رئيسًا للوزراء، هو ما أصقل خبراته المهنية والعلمية والاقتصادية، فكان عضوًا بمجلس إدارة أكاديمية السادات للعلوم الإدارية ثم عضو مجلس إدارة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.

وعمل مستشار اقتصادي بالمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، تولى منصب عضو هيئة مستشاري رئيس الجمهورية، وعضو المجالس القومية المتخصصة للإنتاج والتعليم والخدمات، ثم أستاذ بمعهد التخطيط القومي 1973.

وخلال الفترة 1974 – 1975 عمل وكيلًا بوزارة التخطيط عام 1974-1975، قبل أن يتم اختياره محافظ للوادي الجديد عام 1976، وبعدها محافظ لبني سويف عام 1977، ومدير معهد التخطيط القومي عام 1977.

وفي بداية عهد الرئيس مبارك تم اختياره وزيرًا للتخطيط عام 1982، وبعدها وزيرًا لوزارة التخطيط والتعاون الدولي في يونيو 1984.

حكومة "محدودي الدخل" والمشروعات الكبرى

كل هذه الخبرات أهلته ليقع عليه الاختيار ليتولى رئاسة الوزراء لمدة 4 سنوات، في عام 1996، لتبدأ في عهده مجموعة من المشروعات الضخمة، والإجراءات الاقتصادية، التي انعكست علي رجل الشارع العادي، ليطلق عليه لقب "وزير الفقراء"، لاسيما أن حكومته عرفت بدفاعها عن محدودي الدخل، بعمل توازن في الأسعار، وتوفير الاحتياجات الأساسية والاستيراتيجية.

وضمت حكومة الجنزوري، عددًا كبيرًا من الوزراء المحترفين والمعروفين، في كافة المجلات الاقتصادية والسياسية، لتنفذ الدولة خلال هذه الفترة مجموعة من المشروعات الضخمة، التي ساعدت في توفير فرص عمل للشباب وزيادة الإنتاج.

كان من بين المشروعات الكبرى في عهده مشروع مفيض "توشكى" وشرق العوينات، وتوصيل المياه إلى سيناء عبر "ترعة السلام" لاستصلاح الأراضي، ومشروع غرب خليج السويس.بالإضافة لاستكمال مشروعات الخط الثاني لمترو الأنفاق، بين شبرا الخيمة بالقليوبية والمنيب بالجيزة، مروراً بمحافظة القاهرة.وأثناء فترة تولي الجنزوي لرئاسة الحكومة، تم إقرار مجموعة من القوانين، التي ساهمت في جذب الاستثمارات والقضاء علي البيروقراطية، وهو ما ساهم في تحسين علاقة مصر بصندوق النقد والبنك الدولي، وكان مشروع الإيجارات الجديدة، من أهم وأجرأ هذه القوانين التي تحدد العلاقة بين المالك والمستأجر.

اعتزال العمل السياسي وثورة يناير

عقب ترك حقيبة رئاسة مجلس الوزراء في 1999، اعتزل الجنزوري العمل السياسي، وهو يحظي باحترام كبير في الأوساط الاقتصادية، ومكانة في قلب المواطن المصري ومحدودي الدخل خاصة، لسياساته الاقتصادية المتوازنة، وقدرته علي حل المشاكل بحرفية وشجاعة تراعي كافة الأطراف.

وبعد ثورة يناير 2011، ودخول مصر نفق اقتصادي مظلم، لم يجد المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي، أفضل منه لتكليفه بتشكيل الحكومة، وإعطائه كافة الصلاحيات، في محاولة لحل الوضع المعقد الذي وصلت إليه الدولة اقتصاديًا.

وبالرغم من تقبل قطاع كبير لشخصيته، إلا أن أصوات الاعتراض عليه، جاءت من ميدان التحرير، لاحتسابه علي نظام مبارك.

ولكن رده جاء عليهم في لقاء تليفزيوني في برنامج العاشرة مساء في فبراير 2011 (عقب ثورة 25 يناير) أن نظام مبارك ضيَّق عليه وحاصره إعلامياً بعد مغادرته رئاسة الوزراء حتى أنه لم يتلق ولا مكالمة هاتفية واحدة من أي وزير كان في حكومته.

وعندما وقعت مذبحة استاد بورسعيد، الذي نقلت أحداثها علي الهواء، وراح ضحيتها 73 مشجعًا لفريق النادي الأهلي، تعرضوا لاعتداء مسلح، أصدر الجنزوري قرارًا بإقالة محافظ بورسعيد ومدير أمن بورسعد.وكان أخر منصب سياسي شغل الجنزوري، هو منصب مستشار رئيس الجمهورية للشئون الاقتصادية في يوليو 2013، أبان الفترة الانتقالية.قبل أن يدخل في صراع طويل مع المرض انتهت بوفاته اليوم، بعد تاريخ طويل ومعارك شرسة خاضها الجنزوري، قبل أن يواري جسده الثرى، ليموت وزير الفقراء.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

رئيس البرلمان المصري ينعى الدكتور كمال الجنزوري

تويتر يتحول لدفتر عزاء بعد وفاة كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق