المنوفية - مصر اليوم
تعاني صناعة الحصير المصري العديد من الصعوبات بسبب غلاء خاماته وعزوف المستهلك إلى الحصير البلاستيك والسجاد والموكيت، باستثناء عدد قليل جدا من الفلاحين الذين يحافظون على استخدامه في المنازل الريفية بسبب متانته وملائمته للبيئة الريفية، فيما يوجه أغلب الإنتاج حاليًا إلى تجهيز الشاليهات والقرى السياحية وتستخدمه بعض الكافيتريات في التظليل والتصميمات الريفية لبعض الأماكن.
" كفر الجلابطة " التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية، ظلت على مدار عقود طويلة أشهر المناطق التي تنتج الحصير المصري كانت فيها المهنة الأساسية التي يعمل بها أهالي القرية حتى تفوقت لسنوات طويلة على الزراعة المهنة الأساسية لأهالي قرى محافظة المنوفية.
مئات الورش صنعت السمعة الواسعة على مدار عقود لم تستطع الصمود في وجه الزمن وتغيراته السريعة بما فيها تغير تطلعات وسلوكيات المستهلكين، فبعد أن كان الحصير المصري يدخل كل البيوت في مصر وخاصة منازل أهالي القرى اتجه المستهلكون إلى الحصير البلاستيك والسجاد والموكيت، لتبدأ أعداد الورش بالقرية في التقلص والتناقص ليستمر بها من لا يعرف حرفة غيرها ويبحثون معها على منافذ لإبقاء الحرفة التراثية الأقدم على قيد الحياة من خلال تصريف إنتاجهم في تجهيز الكافيهات والقرى السياحية وبعض الأماكن التي تجد المنتج يخدم التصميمات بالإضافة إلى حصير صناعة الجبنة بالقرية الذي ما زال حاضرا في أغلب المناطق الريفية.
اقرأ أيضًا:
وفاة شخصين وإصابة 35 آخرين إثر حادث سيارة في المنوفية
"منعرفش نشتغل حاجة تانية غيرها".. بهذه الكلمات بدأ محمد عبدالحميد مرعي، أحد أقدم العاملين بحرفة صناعة الحصر بقرية كفر الجلابطة، مضيفًا أن القرية كانت بالكامل تعمل في هذه المهنة، مشيرًا إلى أن والده الراحل كان يدير 7 مشاغل، والآن وبعد سنوات طويلة من العمل أمتلك نصف مشغل مع شقيقي الأصغر وتساعدني فيه زوجتي.
وأضاف أنه رغم الصعوبات التي تمر بها الحرفة إلا أنه استطاع تربية أولاده منها والذين يدرسون في عدد من الكليات. والآن بعد الغلاء بدأ الشباب في العزوف عن الصناعة والعمل، بسبب أن المهنة شاقة جدا وعائدها المادي قليل، وثبات سعر المنتج على مدار السنوات السابقة، حيث لا تتعدى يومية الصانع فيها 60 جنيهًا والعمل يستمر لنحو 12 ساعة. وأضاف "المهنة دلوقتي مبقتش تأكل عيش ومش مستمر فيها غير اللي بيحبها".
وقال إنها لم تعد حرفة مجزية، كما كانت في السابق، لأسباب كثيرة أولها: المواد الخام التي هي عصب الصناعة، ويطلق عليها "السمر"، وهي نباتات أشبه بالبوص تنمو في عدد من الأراضي المالحة بمحافظات الشرقية والإسماعيلية والبحيرة دون تدخل بشري ويتم حصاده كل عامين وفي الفترة الأخيرة، رفع أصحاب هذه الأراضي، أسعار "عيدان السمر"، بعد أن كان في السابق "ببلاش"، مشيرًا إلى أن الأراضي التي ينمو فيها السمر تتناقص بشكل كبير بسبب استصلاحها وزراعتها أو البناء عليها.
وأضاف أن تغير الزمن وأساليب حياة المصريين كانت سببًا في تراجع المهنة، قائلا إن المستهلكين في كل الطبقات يقبلون على المنتجات المنافسة بداية من الحصير البلاستيك إلى الموكيت والسجاد ولم يعد للحصير المصري مكانا في بيوت المصريين باستثناء عدد قليل جدا من الفلاحين الذين يحافظون على استخدامه في المنازل الريفية بسبب متانته وملائمته للبيئة الريفية، مشيرًا إلى أن الإنتاج حاليًا يوجه إلى تجهيز الشاليهات والقرى السياحية وتستخدمه بعض الكافيتريات في التظليل والتصميمات الريفية لبعض الأماكن.
قد يهمك أيضًا:
"عباس يوجه بسرعة إنهاء الأعمال الإنشائية في طريق "شبين الكوم