شهدت أسواق العقار في دول الخليج ارتفاعات بعضها وصل إلى 40%، وبخاصة في بعض المناطق في إمارة دبي والسعودية والكويت. ويتوقع خبراء أن يواصل الانتعاش حضوره في مشهد عام 2014، خصوصا وأن العقار من القطاعات الآمنة، ويمثل ملاذا آمنا للكثير من المستثمرين، ورغم أن بعض المطورين العقاريين يشكون من غلاء كلفة البناء ومواد الإنشاء، إلا أن ذلك لا يلغي أن الطلب لا يزال قويا والمعروض لا يكفي في ظل السيولة الكبيرة في الأسواق الخليجية، ودعم قطاع البنوك في التمويل. إلى ذلك، قال الخبير العقاري السعودي باسل أبو السعود إن سوق العقار في السعودية يعيش مرحلة انتعاش على صعيد المخططات "داخل المدن"، بسبب قوة الطلب وقلة المعروض، مؤكدا في تصريح خاص لـ"العربية.نت" أن سوق العقار في السعودية في هذا الجانب شهد ارتفاعا بما بين 20 إلى 30% منذ بداية العام الجاري، وتوقع أبو السعود أن يرتفع العقار بشكل أكبر. وأوضح أبو السعود أن الارتفاع لم يأت على الأراضي البيضاء خارج المدن، وبسبب المضاربات عليها ظلت ثابتة وبعضها هبطت أسعاره. وأشار أبو السعود إلى أن "التمويل البنكي" أدى إلى قلة المعروض في السوق، ومن العوامل التي ساهمت في ذلك أيضا عدم توفر الأيدي العاملة في البناء بشكل كافٍ، وخروج الكثير من العمالة غير النظامية التي كانت أغرقت السوق قبل حملة التصحيح. ارتفاع كلفة البناء وقال أبو السعود إن شركات التطوير العقاري لم تعد مندفعة نحو البناء بعد ارتفاع كلفة البناء وقلة الأيدي العاملة، وقد ارتفعت كلفة البناء مؤخرا إلى أكثر من 50%. وأضاف: "وهو ما دعا الكثير من المستثمرين إلى التردد في الإقدام على الاستثمار، خصوصا وأنهم يرون أن الكلفة عالية في مقابل قلة الربح، فالأراضي ارتفعت أسعارها وأصبحت باهظة، كذلك كلفة مواد البناء. ورأى أبو السعود أن مستوى تمويل البنوك يظل محدودا، وارتفاع العقار ظلم الكثير من شرائح المجتمع، ورغم أن المواطن قبل سنوات لم يكن معتادا على سكن الشقق أو الإقبال على شراء الشقق، فإنه اليوم بدأ يتقبل هذا النوع من العقارات، ورغم ذلك فقد باتت أسعار أيضا مرتفعة، مضيفا أن أحد مشروعاتهم ستطرح شققا من 220 مترا وبأسعار 100 ألف ريال، وهذا السعر كان قبل 6 أعوام تقريبا يبني للأسرة السعودية منزلا مكونا من 4 شقق. وشدد أبو السعود على أن 90% من الأسر السعودية غير قادرة على شراء العقار، ولكن في المقابل هنالك 9% قادرين على الشراء والمعروض لا يتجاوز الـ3%، ومن هنا تأتي قلة وشح المعروض. وبين أبو السعود أن المواطن السعودي وغالبية المستثمرين يتجهون لسوق العقار، باعتباره استثمارا آمنا، بالإضافة إلى أنه القطاع المتوفر في السعودية، فليس لدينا صناعات أو غيرها، كما أنه استثمار له مردود جيد وقد تصل نسبة الربح 100%. وحول ميل المستثمرين إلى أسهم القطاع العقاري، قال أبو السعود إن المضاربين والمستثمرين ابتعدوا فترة بعد أزمة 2008، ولم يعد الكثير منهم، فيما بدأ عامة الناس ترجع للأسواق، رغم أن الثقة لا تزال مهزوزة، فسوق الأسهم لا يزال دون المستوى، بالإضافة إلى توقف الكثير من الشركات عن التداول وتجميد شركات أخرى، وهو أمر يقلق الناس ويجعلهم يترددون في الشراء، وهذا ينعكس على مستوى الاكتتابات، حينما نقارنها باكتتابات السنوات الماضية، فعلى الرغم من أن الاكتتابات الحالية قادرة على التغطية، لكن ليس بقوة السابق، التي كانت تصل إلى ضعفين وثلاثة أضعاف. العقار الكويتي.. الملاذ الآمن من جانبه، قال رجل الأعمال الكويتي سعود صاهود لـ"العربية.نت" إن سوق العقار في الكويت منتعش منذ عامين تقريبا، ولا يزال يواصل ارتفاعه، فقد أثبت العقار أنه الملاذ الآمن، والعقار برأيي "يمرض ولا يموت" ونفى أن تكون الأسعار مبالغا فيها في الكويت، مؤكدا أن الأسعار طبيعية ويحكمها العرض والطلب. وحول عدم قدرة المواطن الكويتي على شراء المسكن حاليا، خصوصا وأن القرض الإسكاني لا يتجاوز الـ70 ألف دينار، بينما البيت العادي في الكويت يصل سعره إلى 300 ألف دينار (مليون دولار)، قال صاهود إنها مشكلة الدولة، فما هو معروف أن الحكومة تهيمن على 90% من الأراضي وعليها أن تحررها إذا ما أرادت مصلحة المواطن. وحول سوق الأسهم العقارية، قال صاهود إنني لا أثق بالأسهم لغياب الشفافية، فالكثير من المتنفذين بالبورصة قاموا بتخريب البورصة وتلاعبوا بالأسهم وسرقوا الملايين ولم يحاسبهم أحد، وكانت للأسف سرقاتهم قانونية، خصوصا في ظل قوانين بائدة وضعت في الستينيات وعلى زمن عملة "الروبية" وليس الدينار، وهي قوانين جامدة، في حين أن الزمن يتطور والقوانين تتطور في بلدان العالم، بينما في الكويت مكانك سر. وشدد على أن سوق الأسهم بحاجة إلى مزيد من القوانين لتحفيز المستثمرين الذين بدأوا بالهروب إلى دول خليجية وأوروبية، والاستثمار في العقار هناك، خصوصا وأن أسواقنا تعج بالفساد والتأخير والبيروقراطية والأرضية غير المشجعة. وقال صاهود إن دبي والسعودية على وجه الخصوص قاما بنهضة كبيرة في هذا القطاع، وفتحا المجال للمستثمرين ومنحهم تسهيلات كبيرة مع استقرار، لافتا إلى أن الكويت عليها فتح المجال لتملك المستثمر الأجنبي إذا ما أرادت التطور، خصوصا وأن المستثمر سيقوم ببناء أبراج وبنايات وعقارات لا يستطيع أن يحملها ويعود إلى بلاده، بل يساهم في التطوير والبناء وتشغيل الأيدي العاملة وتحريك السوق. العائد عنصر جاذب للمستثمرين من جهته، قال خبير العقارات في الإمارات علي رحمة إن توجه المستثمرين الأجانب والخليجيين إلى سوق العقار في إمارة دبي على وجه التحديد لا يتوقف على أنه ملاذ آمن، خصوصا وأن هنالك بلدانا كثيرة تعتبر ملاذا آمنا، بل هنالك 3 ركائز مهمة تتميز بها دبي. وأضاف رحمة في تصريح خاص لـ"العربية.نت" أن الركيزة الأولى الأساسية والمشجعة تكمن في العائد على الاستثمار، والذي يصل إلى 8%، وهو دافع يستقطب الكثير من المستثمرين ورؤوس الأموال. وأشار إلى أن بعض الدول قد تقدم عوائد أكبر، لكن حالة التذبذب لا تجعلها أسواقا مطلوبة، بعكس دبي التي تنمح المستثمر استقرارا كبيرا في النمو. وبين رحمة أن الركيزة الثانية هي القوانين المحلية فهي قوانين مشجعة غير طاردة، بينما الركيزة الثالثة، وهي مهمة جدا، تتمثل في أن دبي تتمتع ببنية تحتية على مستوى عالٍ جدا، وهو ما يجتذب غالبية المستثمرين. وحول قطاع العقار في بورصة دبي، قال رحمة إن أسهم هذا القطاع مشجعة جدا، وتجتذب الكثير من المستثمرين، خصوصا بعد تصريح شركة إعمار اليوم (أمس) وإعلانها عن أرباح صافية وصلت إلى 2.5 مليار درهم، حيث سنرى ردة فعل كبيرة وإيجابية اليوم في بورصات الإمارات. وعن سوق العقار في دول الخليج، أشار رحمة إلى أن بعض الدول الخليجية تشهد ارتفاعات جيدة، بيد أن لكل بلد خليجي خصوصيته وقوانينه، بيد أن العقار في البحرين في تذبذب بالآونة الأخيرة، ومجموعة من المستثمرين البحرينيين بدأوا التوجه إلى أسواق جديدة، وخصوصا إلى سوق العقار السعودي.