القاهرة - مصر اليوم
رغم تأكيد الحكومة أنها لا تعتزم رفع أسعار الوقود خلال السنة المالية الحالية، فإن خبراء يرون أن هناك 5 أسباب قد تجعلها مضطرة إلى هذه الخطوة التي أوصي بها صندوق النقد الدولي، بهدف خفض دعم المواد البترولية.
وحذر صندوق النقد الدولي، في تقرير مراجعته الأول لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، من تجميد خطة زيادة أسعار الوقود حتى العام المالي المقبل، خشية تعرضها لمخاطر زيادة تكلفة المواد البترولية بسبب الأسعار العالمية وسعر الصرف.
ويرصد تقرير المتابعة الذي قدمه الصندوق، مدى التزام مصر ببرنامج الإصلاح الذي تعهدت به، في سبيل الحصول على قرض الصندوق البالغ 12 مليار دولار على 3 سنوات.
ويرهن الصندوق حصول مصر على شرائح القرض، بالتزامها بتنفيذ برنامج الإصلاح، وتنفيذ توصياته. وقالت مصادر حكومية لمصراوي، أمس، إن هناك اتجاها لدى الحكومة برفع الأسعار في الربع الأول من 2018 أو بداية الربع الثاني، حتى تتمكن من ترشيد فاتورة دعم المواد البترولية في الموازنة. واتفق 3 محللون تحدث معهم "مصراوي" على أن الحكومة سيكون عليها رفع أسعار المواد البترولية خلال السنة المالية الحالية لـ 5 أسباب بدلا من انتظار السنة المالية المقبلة، وهي كالتالي:
1- أسعار صرف العملة والبترول لا تشمل فاتورة دعم المواد البترولية في الموازنة الحالية، الزيادة في أسعار الصرف والبترول الحالية، لذلك سيكون على الحكومة مراجعة الأسعار التي تقدمها، وفقا لريهام الدسوقي، كبيرة محللي الاقتصاد في بنك استثمار أرقام كابيتال. وتقدر الحكومة سعر الدولار في الموازنة العامة للعام المالي الجاري بـ 16 جنيها، في حين أنه يسجل اليوم في المتوسط 17.70 جنيه بالبنوك.
وتقدر مصر سعر برميل البترول في موازنة العام المالي الجاري عند 55 دولارا، فيما بلغ سعر البرميل في آخر تعاملات 57.5 دولار. ويقول نعمان خالد، المحلل بشركة سي آي أستس مانجمنت لإدارة الأصول، إن ارتفاع الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة بطىء جدا، وفي المقابل ارتفعت أسعار البترول خلال الفترة الأخيرة. وستدفع هاتان الزيادتان في أسعار الصرف والبترول، إلى زيادة النسب المقررة لارتفاع أسعار المنتجات البترولية خلال السنة المالية المقبلة، إذا لم ترفع الحكومة أسعار الوقود في العام المالي الجاري، بحسب نعمان. ويقول "كلما أرجأنا توقيت زيادة الأسعار، كلما زادت النسب المقررة للزيادة بناء على التغييرات الأخيرة في أسعار الصرف والبترول".
وقال خبراء الصندوق في توصياتهم لمصر إن "التزام الحكومة بإلغاء دعم المواد البترولية في يونيو 2019، هو أمر مشجع، لكن تأجيل أي زيادة جديدة حتى عام 2018-2019 ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بارتفاع سعر البترول العالمي وأسعار الصرف".
2- تعويم الجنيه التهم تأثير زيادة الوقود في نوفمبر ويوليو بعد تعويم الجنيه، رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية في شهري نوفمبر ويوليو الماضيين، لكن هذه الزيادة التهمها فقدان الجنيه أكثر من 50% من قيمته أمام الدولار، وهو ما دفع فاتورة دعم المواد البترولية للارتفاع، حسب قول نعمان خالد.
ويقول تقرير الصندوق "نتيجة لتعويم الجنيه.. لم تكن هذه الزيادات في أسعار الوقود كافية لتحقيق خطة الحكومة لخفض دعم الوقود كنسبة من الناتج المحلي، ورفعت التكلفة لمستويات ما قبل إعداد برنامج الإصلاح الاقتصادي". وقال طارق الملا، وزير البترول، في تصريحات سابقة إن فاتورة دعم المواد البترولية ارتفعت بنهاية العام المالي الماضي بنسبة 140% لتبلغ 122.4 مليار جنيه، مقابل 51 مليار جنيه خلال العام المالي 2015-2016.
وحددت موازنة العام المالي الجاري 2017-2018 قيمة دعم الوقود بمبلغ 110.14 مليار جنيه، إلا أن وزارة البترول توقعت أن تتراوح قيمتها بين 100 و105 مليارات فقط، مستفيدة من قرار زيادة أسعار المواد البترولية في يونيو الماضي.
3- الرفع التدريجي أفضل وتقول ريهام الدسوقي، إن الحكومة عليها رفع أسعار المواد البترولية بشكل تدريجي بدلا من رفعها مرة واحدة بنسبة كبيرة جدا في بداية العام المالي المقبل.
وتضيف ريهام "في حال تفضيل الحكومة الانتظار لرفع أسعار المواد البترولية، خلال السنة المالية المقبلة، ستكون خطوة ذات تاثير أكبر على الاقتصاد كله والمعيشة، مقارنة برفعها تدريجيا خلال السنه الماليه الحالية والسنه القادمة". وتقدر نسبة رفع أسعار الطاقة التي تحتاجها الحكومة "ليس أقل من 50%، إن لم يكن أكثر"، بحسب قولها.
ويقول نعمان خالد، "من الأفضل أن ترفع الحكومة الأسعار، تدريجيا لأنه في حال رفعتها مرة واحدة ستكون زيادة كبيرة جدا". وكشفت وثائق الصندوق، أن دعم الوقود، في موازنة العام المالي المقبل سينخفض بنحو 56.4%، مقارنة بالعام الجاري، وهو ما يعني رفع الأسعار.
وبحسب وثائق الصندوق، فإن الحكومة تخطط لزيادة أسعار البنزين والسولار للوصول إلى استرداد التكاليف بالكامل والقضاء على دعم الوقود في 2018-2019 باستثناء البوتاجاز. ويقول الصندوق إنه يفضل زيادة مبكرة في أسعار الوقود.
4- الوصول للفجوة التمويلية المتوقعة تقول إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي ببنك استثمار برايم، إن الحكومة ستكون مضطرة لرفع أسعار المواد البترولية خلال العام المالي الجاري، للوصول إلى مستهدفاتها ولضمان عدم زيادة الفجوة التمويلية. وعدّل صندوق النقد من توقعه للفجوة التمويلية خلال العام المالي الحالي، إلى 1.9 مليار دولار، مقابل 9.4 مليار دولار في توقعات سابقة. وتتابع إيمان "من أين سيأتي تمويل هذه الفجوة، في حين أن الحكومة لم تحقق بعد كل مستهدفاتها من استثمار أجنبي مباشر وعائدات سياحة، لذلك سيكون رفع الأسعار هو الحل".
ووفقا للصندوق من المقرر أن يساهم في سد الفجوة التمويلية، إلى جانب مصادر العملة المستدامة، في حصول مصر على دفعات جديدة من صندوق النقد الدولي، والبنكين الدولي والأفريقي، وطرح سندات بالدولار واليورو في الخارج. وتسعى الحكومة لخفض نسبة العجز في الموازنة العامة وهو الفارق بين إيراداتها ومصروفاتها، إلى 9.1% في العام المالي الجاري بدلا من 10.9% في العام الماضي، من خلال السيطرة على فاتورة الدعم والأجور بشكل أساسي، وتعظيم إيراداتها الضريبية.
5- أسباب سياسية يتوقع نعمان خالد، أن تقدم الحكومة على رفع أسعار المواد البترولية في بداية العام المقبل، لأسباب سياسية.
ويقول "أتوقع أن ترفع الحكومة أسعار المواد البترولية أول السنة الميلادية، حتى تتجنب رفعها في بداية العام المالي في يوليو بعد انتخابات الرئاسة مباشرة". ومن المتوقع أن تجرى انتخابات الرئاسة القادمة في يونيو المقبل، وتبدأ السنة المالية في كل عام من 1 يوليو وتنتهي في 30 يونيو.
لكن بعض الخبراء يرى أن رفع الأسعار قد يكون بعد انتخابات الرئاسة أي خلال السنة المالية القادمة، حتى لا تثير الحكومة أي سخط شعبي قبل الانتخابات.