وزارة الاوقاف

توجهت قافلة دعوية التي أطلقتها مديرية أوقاف الإسكندرية، بقيادة الشيخ محمد العجمي، وكيل الوزارة، صباح اليوم الجمعة، بمساجد إدارة أوقاف محرم بك لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان "فهم مقاصد السنة النبوية ضرورة عصرية لمواجهة الجمود الفكرى"، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بنشر مقاصد السنة النبوية المطهرة وبيان ما بها من التوجيهات الربانية التى تتقدم بها الأمم.   وقال العجمى، إن مقاصد السنة النبوية هي جزء مُتمِّم، وشريك مُكمِّل لمقاصد الشريعة بشكل عامًّ، وكلُّ مقصدٍ تمَّ استنباطُه وتقريرُه إنَّما مرجعه في الأساس إلى القرآن والسنة، فكلاهما أصلٌ في تقريرِ قواعد هذا العلم، وتحديدِ ملامِحِه وحدودِه وأهدافِه، ووضعِ ضوابطِه ومعاييرِه، وبيانِ آلياتِه، ووسائلِ تطبيقه.   وأوضح العجمي، أن الحديث عن "مقاصد السنة النبوية" لا نقصد من ورائه الفصل بين "مقاصد السنة" وبين "مقاصد الشريعة" أو حتى التَّمييز بينهما، وإنما قَصَدْنا إلى إبراز هذا الجانبِ من السنة النبوية المشرفة؛ ليتَّضح للجميع شمولُها واتِّساعُها واستيعابُها لكلِّ أركان الشريعة، وعلى هذا، فإنَّ الحديث عن "مقاصد السنة" هو نفسه الحديث عن "مقاصد الشريعة" بشكل عام، إذ هما في النهاية تعبيرٌ عن أمرٍ واحد، ويتَّضح ذلك جلِيًّا من خلال المباحث التي نتناول من خلالها "عظمة مقاصد السنة".    وأشار إلى أن تنقسم المقاصد في السنة النبوية إلى قسمين: مقاصد عامة تتحقق فيها مصالح الخلق جميعًا في الدنيا والآخرة، من خلال جملة أحكام الشريعة الإسلامية، ومقاصد خاصة وهي الأهداف التي تسعى السُّنة إلى تحقيقها في مجال خاصٍّ من مجالات الحياة؛ كالنظام الاقتصادي، أو الأسري، أو السياسي.. إلخ، وذلك عن طريق الأحكام التفصيلية التي شُرِعت لكلِّ مجال على حدة.   وعن فوائد معرفة مقاصد السنة، قال العجمي، إنها تدل على كمال التشريع وشموله في السنة النبوية؛ أمَّا كمالها؛ فلأنَّها بُنيت على مقاصد رفيعة في كلياتها وجزئياتها، ولا ريب أنَّ الحكم إذا كان عن مَقْصَدٍ وعِلَّةٍ وفائدةٍ فإنه كمال، خلافًا لما كان عَارِيًا من ذلك، وأنها تفيد معرفةً بمراتبِ المصالح والمفاسد، ودرجاتِ الأعمال في الشرع والواقع، وهذا مُهِمٌّ عند الموازنة وتزاحم الأحكام، وأنها نافعةٌ في تَعْدية الأحكام؛ كقياس فرعٍ على أصلٍ عُرِفتْ عِلَّتُه، وأنها تزيد النَّفس طُمَأنينة بالسُّنة النبوية وأحكامها، والنفس مَجْبولةٌ على التَّسليم للحُكم الذي عُرِفَتْ عِلَّتُه.    أما عن مصالح الناس من حيث الأهمية، فقال العجمى: "إن مصالح الناس من حيث الأهمية تكون على ثلاث مراتب المصلحة الأُولى الضَّرورية: وهي ما لا يستغني الناس عن وجودها بأيِّ حالٍ من الأحوال، ويأتي على رأس المصالح الضَّرورية: الكليات الخمس المُعتبرة شرعًا، وتُسمَّى الضَّروريات، وهي: الدِّين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، والمصلحة الثانية: الحاجيَّة: وهي ما يحتاج الناس إليه لتحقيق مصالح مهمة في حياتهم، يؤدي غيابها إلى المشقة واختلال النظام العام للحياة، دون زواله من أصوله؛ كما يظهر في تفصيلات أحكام البيوع، والزواج، وسائر المعاملات، والمصلحة الثالثة: التَّحسينية: وهي ما يتم بها اكتمال وتجميل أحوال الناس وتصرفاتهم؛ مثل الاعتناء بجمال الملبس، وإعداد المأكل، وجميع محاسن العادات في سلوك الناس.    واختتم العجمى حديثه ببيان اهتمام الشريعة الإسلامية بما يحقِّق هذه المصالح فيه عدَّة أمور أوَّلًا الاهتمام البالغ برسم منهج حياةٍ متكاملٍ للبشرية قائمٍ على ما يُحقِّق لهم المصالح ويضْمَن لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة بقوة الشرع، ومراعاة الاختلاف والتنوع البشري، وهذا الاختلاف والتنوع يرتبط به اختلافٌ في القوة والضعف، ومن ثَمَّ ضَمِنَ الشرع تحقيق مصالح ضرورية، أكَّدها وغَلَّظَ في أحكامها وما يترتب عليها من أحكامٍ ضمانًا لتحقيق نوعٍ من التوازن بين القوى الاجتماعية، والتي لو تُرِكت بلا رادعٍ من شرعٍ وعقاب لربما أدى إلى تناحرِ وتطاحنِ هذه القوى، ومن ثَمَّ عدم استقرار المجتمعات وانتشار الفوضى والصراعات.