الشيخ محمد العجمي

قام الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف في الإسكندرية، بالتوجه اليوم الجمعة على رأس بعثة دعوية لأداء خطبة الجمعة في مساجد إدارة العجمي والدخيلة، وذلك تنفيذا لاستراتيجية نشر الفكر الوسطى المستنير بالقرآن الكربم والسنة النبوية المطهرة والتي تهدف وزارة الأوقاف تحت قيادة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لنشرها بجميع مساجد الجمهورية.

حيث أدى وكيل أوقاف الإسكندرية خطبة الجمعة في مسجد محمد موسى بالـ"هانوفيل" وتناول في الخطبة التي جاءت تحت عنوان "الإسلام دين الإنسانية والسلام" معاني الانسانية التي توضح أن الإسلام يَقصد الجماعة الإنسانية الشاملة، ولا يتوقَّف عند الجَماعة القريبةِ من الفرد في بيئته المحدودة، ولا حتى جماعة المسلمين مهما بَعُدت بينهم المسافات، إن الإسلام هنا يحرص على تأكيد معنى الإنسانية الشامل حين يومئ إلى الجماعة، ويعمد إلى توضيح العلاقة بينها وبين الفرد، وهو يَحرِص على أن تكون علاقة الفرد سويةً بهذه الجماعة الإنسانية دون نظر محدود إلى معنى الوطن، أو حتى معنى الدين، فالناس جميعًا سواسيةٌ عنده مهما اختلفت أوطانهم وأديانهم، والإسلام يضع هذا التكافُلَ بين الفرد والجماعة بهذا المعنى في نفس المستوى الذي يضع فيه التكافل بين الفرد وأسرته ويجعله لاحقًا به مُتممًا له؛ ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

وأضاف العجمي إن حاجةُ الإنسانية إلى الإسلام، فالمذاهب التي تسُود العالَمَ الآن لا تنظرُ إلا للجانب المادي من الحياة، ومن هنا كانت المصلحةُ والأنانية والاستغلال هي الأخلاقَ السائدة في تنظيم المجتمعات البشرية، وحين تتخلَّى الإنسانيةُ عن المُثُلِ والقِيَم الأخلاقية تُصبِحُ الحضارة والآلة والمخترعات وسائلَ إضرارٍ، وينقلبُ الإنسانُ إلى وحشٍ كاسرٍ. وبين العجمي أن السلام هو الشعار الأول للإسلام؛ ولذا أوجب الله على المؤمنين مسالمة الناس جميعًا؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208].

وأشار وكيل وزارة الأوقاف، إلى إهتمام الدين الإسلامي اهتماماً شديداً بالسلام الاجتماعي، وجعله من مهمات الدين وأساسيات الشريعة الحنيفة لارتباطه الوثيق بالمنفعة العامة للأمة الإسلامية ومصالح العباد، ومن أول وأهم مبادئ السلام الاجتماعي نبذ الظلم والاعتداء على الآخرين، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:57]، وقال: (إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة:51]، وقال: (وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) [المائدة:87].

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث الجامعة التي تساعد المسلمين على إرساء قواعد السلام الاجتماعي والمحافظة عليه وعدم الظلم والاعتداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد الله: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، يأتي هذا الحديث ليرسم للمسلم منهجا تربويا قائما على نبذ الظلم والشح، وبيانا لعاقبتهما في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا سفك الدماء واستباحة المحارم وانعدام الأمن والسلام بين الناص، وفي الآخرة ملاقاة العذاب والظلمات، فالإسلام لا يوجد إلا في ظل إقامة العدل بين الناس ومع النفس، والإسلام لا يكون إلا بالتسامح والعطاء وإرساء مبادئ السلام في المجتمع