بقلم : أحمد عبدالله
البرلمان هو إحدى السلطات الثلاثة الأبرز في البلاد إلى جانب التنفيذية والقضائية، وفي بلد مثل مصر بكل ماتحمله من أزمات ومشكلات متسارعة ومتواترة، يبرز للبرلمان أدوار غاية في الأهمية تتمحور حول التشريع بما يعالج تلك المشكلات، ودور الرقابة، بما يحمي التوجهات التي تريد الدولة إقرارها، ضمانًا لتنفيذها ومحاربة لفساد يعطلها.
مجموعة من أبسط وظائف البرلمان وأكثرها بديهية غائبة تمامًا عن البرلمان الحالي الذي يرأسه الدكتور علي عبدالعال المنتمي لائتلاف الأغلبية البرلمانية "دعم مصر" ، فنوابه يتحدثون منذ قرابة الشهرين عن تعديلات وزارية محتملة، تخفت النغمة ثم تعاود الصعود، ينتفض الأعضاء علي إثر أزمة هنا أو احتقان هناك، وما أكثر ذلك خلال الفترة الأخيرة بسبب أزمات اختفاء السلع الأساسية والارتفاعات الجنونية في الأسعار وانهيار الجنية مقابل الدولار، ولا زال دور النواب مجرد الحديث والتعقيب وإبداء الرأي، مجرد الرأي، دون تأثير فعال يذكر في أي ملف.
انتظر المواطنون من البرلمان أن يكون صاحب السبق في الإطاحة بمجموعة وزارية معينة قد تكون الاقتصادية، أو المتعلقة بالتعليم والصحة، وأن يكون صاحب المبادرة لتحريك مياة الحكومة الراكدة، ولكن تحرك نوابه عقب تلميحات من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بإجراء تعديل وزاري محتمل، تحدث بعدها النواب بثقة عن ذلك التعديل، ثم قاموا بتعديل دورة انعقاد المجلس، الذي كان يعمل لإسبوع ثم يغيب لإسبوعين، ليعود هذه المره، بداية تلك الإسبوع دون أية إجازات، لإقرار التعديل الوزاري الجديد.
وتثار هنا التساؤلات عما إذا كان لنواب الشعب أية خلفية أو تفسيرات عن الإطاحة بهذا الوزير دون غيره، ولماذا الإبقاء على آخر دون غيره ، وماهي سلبيات من سيغادر وكيف سيتم محاسبته عليها، وماهي إيجابيات من سيستمر في منصبة وما الذي حققه.
ما معيار أختيار الوزراء القادمين، ماهي مؤهلاتهم، ومالذي يميزهم عن سابقيهم، ماهي ضمانات عدم فشلهم مرة أخرى ، ماهي خططهم ، على أساس تقوم فلسفتهم ورؤيتهم في الإدارة أو التحكم في الملفات التي سيتولونها، هل يدرك أي من النواب المختارين والممثلين عن الشعب ذلك، وهم أولى الناس أن يكونوا جميعهم أصحاب السبق في امتلاك تلك المعلومات ومصارحة الناس بها، وطمأنة الرأي العام.
قد يظن نواب البرلمان أن عواقب تهميشهم بهذا الشكل ستكون لها آثار محدودة أو أنهم سيعتمدون علي ذاكرة "السمكة" التي أبتلي بها المصريون، ولكنهم يفقدون أكثر من خساراتهم القريبة الذاتية، عوضًا عن فقدانهم لثقة الناخبين في أية استحقاقات انتخابية قادمة ، ولكنهم يضعفون من هيبة وتعويل المصريين على المؤسسة التشريعية ككل على المدى البعيد ، المؤسسة التي لم تسهم بأي شمل في انقاذهم من اوضاعم المتردية، المؤسسة التي لم تكن معهم وقت التفاعلات الهامة والتغييرات الحاسمة في خريطة الحكومة، سيكون من الصعب على جيل آخر من النواب أن يسترد هيبة ودور وفاعلية البرلمان مرة أخرى.