بقلم: أحمد عبدالله
استيقظت البلاد صباح الأحد على تفجيرات دامية استهدفت مقار كنسية بأكبر محافظات الدلتا في القاهرة والإسكندرية، وكان ذلك قبل ساعات قليلة من عودة مجلس النواب إلى نشاطه وعقد أولى جلساته بعد غياب في عطلة برلمانية امتدت لأسابيع طويلة، واتسم رد فعل البرلمان هذه المرة بالسرعة اللافتة والمطلوبة.
توالت ردود الأفعال البرلمانية والاستجابات السريعة – ربما بحكم الحدث وحجمه – ونطق النواب في كل الاتجاهات، فالبعض شجب وأدان وقدم التعازي، والبعض الآخر تحرك على الأرض وتفاعل مع الحادث وهرول إلى المواقع الميدانية، وتابعوا كافة تبعات الحدث، وكانت لهم ردود وتقييمات على إعلان رئيس الجمهورية مساءً حالة الطوارئ.
صباح يوم الأثنين تحول البرلمان إلى "خلية نحل"، مجموعات عمل منظمة للغاية يدرك كل منها المسئوليات أمامه، فهذا يقود لجنة نوعية خاصة بشئون الدفاع والأمن القومي، وهذا يعلن إرجاء شأن خاص بالموظفين لانشغال جدول أعمال المجلس، وهؤلاء يمهدون لظهور رئيس البرلمان في الجلسة المشهودة، وآخرون باتوا يتداركون أي تأخير حكومي وبرلماني عن تشريعات أبدى الكثير آمال سابقة في أن تحل مشكلة الإرهاب.
حالة النشاط الطاغي تبدت في كافة أروقة البرلمان، وأحاديث هنا وأقاويل هناك عن ضرورة استدعاء المسئولين على أعلى مستوى، ورغم أن ذلك أصطدم باعتذار مبكر من وزيري "الداخلية والعدل" عن الحضور للبرلمان، رغم توجيه الدعوة لهما من جانب "اللجنة العامة" للمجلس بشكل رسمي، إلا أن ذلك لم يخفف من نبرة ضرورة أن تشارك السلطة التنفيذية نظيرتها التشريعية، في كافة المناقشات والمباحثات عن حوادث بهذا القدر.
وهنا نسأل البرلمان، الذي أمتلك القدرة على التحرك المنظم في الاتجاهات كافة، لماذا لم يتعامل بهذه الكيفية قبل وقوع الحوادث، لماذا واصل رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان شكواه منذ 4 أشهر أن الحكومة لم ترسل له تعديلات هامة سبق وأن طلبها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، من شأنها أن تسرع إجراءات التقاضي وردع الإرهابيين، وعدم تمكينهم من المماطلة والمكوث خارج دائرة العقاب كثيرا.
لماذا لم يوجه البرلمان أي لوم أو تقصير لأي من المسؤولين التنفيذيين، ولا يعني ذلك بالضرورة تخلي عن "وحدة الصف" حاليا أو تفريط في الثقة في أحد المؤسسات، وإنما مجرد ضمان لعدم تكرار ذلك مستقبلا، فالبرلمان الذي لا يدخر أي جهد في التدخل التشريعي لتصحيح الأوضاع، عليه أيضا أن يركز على دوره "الرقابي"، الذي يكفل له تصحيح وتصويب أداء أي من مؤسسات الدولة.