توقيت القاهرة المحلي 04:24:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات وسؤال النزاهة..

  مصر اليوم -

الانتخابات وسؤال النزاهة

عبد العالي حامي الدين

الانتخابات الجماعية المقبلة ذات طبيعة خاصة بالنظر إلى السياق السياسي الذي تأتي فيه، فهي أول انتخابات جماعية بعد الدستور الجديد، تأخرت كثيرا لاعتبارات

سياسية أضحت واضحة للجميع..

استحقاقات تفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة، أفرزت مجموعة من الأوراش الكبرى من أبرزها: ما يتعلق بمشروع الجهوية المتقدمة، باعتبارها مدخلا لإصلاح عميق في بنية الدولة المغربية، بالإضافة إلى المقتضيات الجديدة ذات العلاقة باللامركزية وتقوية اختصاصات المجالس الترابية، إذ من المنتظر أن تمثل الانتخابات المقلبة مفتاح انطلاق سياسات التنمية وفق مقاربات جهوية جديدة.

هذا البناء الديموقراطي الجديد يتوقف على النجاح في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة..

وبعيدا عن أية نزعة تشكيكية مسبقة، نستطيع الجزم أن إشكالية النزاهة مرتبطة ارتباطا عضويا بمنظومة القوانين الانتخابية، بالإضافة إلى عناصر أخرى لها علاقة بالمسلكيات التدبيرية للسلطات المشرفة على العملية الانتخابية.

وتظافر هذين الشرطين (القوانين الجيدة والإشراف الجيد) هو وحده الكفيل بضمان مشاركة فعالة ومكثفة للمواطنين..بالإضافة طبعا، إلى مصداقية النخب التي تتصدر المشهد الحزبي، وذلك عطب كبير يقف وراء انسحاب عدد كبير من المواطنين..

وبالنظر إلى السلطات الجديدة والمسؤوليات التي منحها الدستور للحكومة ولرئيسها، فإن الإشراف السياسي انتقل إلى رئاسة الحكومة، لكن الإشراف التدبيري والتنظيمي بقي في يد وزارة الداخلية، وهو ما يستدعي النقاش حول طبيعة الإشراف الحكومي على الانتخابات، وحول حدود الإشراف السياسي وحدود مسؤولية رئيس الحكومة على الآلة التنظيمية التي استأنست بتدبير الملف الانتخابي على الأرض.

إن إنجاح ورش الانتخابات المقبلة يتطلب عملا جديا ومستعجلا على عدة مستويات، أولها: إصلاح النظام الانتخابي بما يضمن تدبير نزيه وشفاف للانتخابات.

في هذا السياق تبرز مجموعة من المحاور التي تشكل عناصر المنظومة القانونية للانتخابات، والتي تحتاج إلى إصلاحات حقيقية وجريئة، فمعالجة اللوائح الانتخابية يعتبر مدخلا أساسيا لضمان سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، ذلك أن أغلب الملاحظات الواردة بخصوص سلامة الانتخابات يكون مصدرها من الشوائب التي لازمت اللوائح الانتخابية، والتي تعود إلى سنة 1992 كآخر لوائح انتخابية تم إعدادها، حيث خضعت لأول مراجعة استثنائية سنة 1997..فهل تكفي إذن المعالجة الاستثنائية كما يقترح علينا مشروع القانون رقم 14 ـ 88؟

أشك في ذلك، ورغم تردد معظم الأحزاب السياسية في تبني مطلب التسجيل الأوتوماتيكي في اللوائح الانتخابية بناء على لائحة الحاصلين على بطاقة التعريف الوطنية، فإن الأساس الذي تستند عليه العملية الانتخابية برمتها سيظل مطبوعا بالنقص والقصور..

كما أن الاجتهاد في اعتماد نمط الاقتراع باللائحة في كل الجماعات بدون استثناء من شأنه تعزيز دور الأحزاب السياسية ودعم التنافس بين البرامج والهيئات السياسية بدل التنافس بين الأشخاص، خصوصا وأن تجربة الانتخابات التشريعية لـ 2002 و2007 و2011 قد أكدت أن ساكنة العالم القروي قد استأنست بهذا النظام، بل إن حجم المشاركة في البادية هو أعلى منه في المدن. ويدعم ذلك أن اللوائح الخاصة بالنساء اعتمدت بسلاسة في العالم القروي خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2009، فالمطلوب إذن، تعميم النمط على جميع الدوائر.

التقطيع الحالي يشكو بدوره من عدة اختلالات، من أبرزها التفاوت الكبير بين عدد أعضاء المجالس الجماعية بين العالم الحضري والقروي من جهة، وتناقص نسبة التمثيلية كلما ارتفع عدد سكان الجماعة، حيث يلاحظ تفاوت كبير بين تمثيلية العالم القروي وتمثيلية الحواضر، فباعتماد المعطيات المتعلقة بانتخابات 2009: هناك حوالي 21100 منتخب يمثلون العالم القروي، أي أكثر من 76% من مجموع المنتخبين، وعدد المنتخبين الحضريين لا يتجاوز عددهم: 6700، أي حوالي 24% من مجموع المنتخبين.

وإذا استحضرنا أن عدد الساكنة الحضرية الذي بلغ 55% من العدد الإجمالي للسكان، حسب إحصاء 2004، يتزايد بوتيرة أسرع، فإن من شأن ذلك أن يُفاقِم من انعدام التوازن بين تمثيلية المجالس الجماعية بين الحضري والقروي وبالطبع التمثيلية على مستوى مجالس العمالات والأقاليم ومجلس المستشارين.

هذه الإشكالية ينبغي ملامستها على ضوء القوانين المنتظرة المتعلقة بالجهوية، وبالتحولات التي ستطرأ على التقطيع الجهوي..وبطبيعة النظام الانتخابي الملائم لانتخاب مجالس الجهات بالاقتراع العام المباشر كما ينص على ذلك الدستور..

لنا عودة للموضوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات وسؤال النزاهة الانتخابات وسؤال النزاهة



GMT 16:18 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 16:33 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 21:23 2019 السبت ,08 حزيران / يونيو

الثانوية الكابوسية.. الموت قلقا

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon