إبراهيم حسن
بين ايمان البعض منا بتآمر الغرب علينا ورفض البعض الاخر لأسباب هذا التآمر المزعوم يسوق كل من الطرفين حجج واسانيد تقنع بالحتم غيرهما من جمهور الناس بالأمرين معا أي بوجود المؤامرة ذاتها وفي نفس الوقت بعدم وجودها او على الأقل بانعدام أثرها على الجمهور ولن نتكلم هنا عن حجة كل طرف ولكن سنحاول الحديث عن امر مختلف وهو مشروعية المؤامرة فالأمر اذن بين جمعين كل جمع يتحرك ناحية الجمع الاخر ليوسع مدي خيارات الثروة والقوة لديه ويعظم قدرته على الحركة. فالمؤامرة نتاج الخوف سواء من الاخر او الخوف من المستقبل والذي يتحول الي اتجاه خزن الثروة حتى لو كانت على حساب الاخر وهو ما يراه هذا الاخر جور على حقوق لم يستطع الحفاظ عليها ولكن هل يعني ذلك ان المتآمر عليه لا يستخدم ابدا المؤامرة ليوقع بالطرف الاخر ما اوقعه به والاجابة عن ذلك امر بديهي بطبيعة الحال فوجود المؤامرة ناتج الاختلاف والخوف فليس من المعقول ان ننكر فعل التآمر ونكرس أسبابه ونغديها بادعاء تآمر الغير وعداوته لنا وكأننا لا نقوم بذلك أيضا
وهو ما نشاهده على رقعة الشطرنج
فالقطع الكبيرة البيضاء في الخلف لا تتمتع ابدا بحرية الحركة الا بدفع البيادق امامها ناحية القطع السوداء للاستيلاء علي اكبر قدر من المربعات لتستخدم قدرتها علي الحركة في تحجيم حركة المنافس لتمنعه من تهديدها في النقلة التالية وهو الشيء الذي يراه الأسود تآمرا للأبيض للإيقاع به والفتك بقطعه في الوقت ذاته لن يتوانى الأسود عن الاستيلاء علي الوزير الأبيض ان لاحت له الفرصة محاولا ضرب القطع الضعيفة واستغلال المواقف المتأخرة عند الخصم ويسمي كل طرف سد الثغور في مواجهة الطرف الاخر تآمر . اذن فالمؤامرة من كل الأطراف مشروعة ليصل الدور الا ما لانهاية او التعادل علي الرقعة او الي دوام الحياة علي الأرض وهو الغرض الاسمي لوجود الانسان تصديقا لقول الله تعالي { وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } (سورة البقرة 251)
فألحياه وعمارة الكون هي السر الأكبر والانسان مجرد جزء من ذلك كله فحكمنا على الأشياء يجب ان يكون شاملا ولا يعتمد على ان الانسان هو مناط الحكم الوحيد