أحمد عبد الفتاح
هل كان يعلم أعضاء لجنة الخمسين لوضع دستور جمهورية مصر العربية برئاسة عمرو موسي أن ألغاما قد وضعت ضمن بنود مواده التي وافق عليها المصريون بنسبة تتجاوز ٩٨٪، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المادة ١٥٦ التي تعد قنبلة موقوتة سيواجهها مجلس النواب المقبل وقد تهدد كل القوانين والتشريعات التي صدرت في غيبته.
ويقول خبراء دستوريون إن المادة "اللغم" أوقعت البرلمان المقبل في مأزق كبير بسبب ضيق الوقت المحدد لمراجعة وإقرار جميع القرارات بالقوانين التي صدرت في غيابه، والتي حددها الدستور بمدة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا، مما قد يجعل مجلس النواب القادم مضطربًا في إعداد لائحته، ومضطرًّا للموافقة على القوانين من أجل المصلحة العليا للبلاد.
كما أشارت دراسة أعدها المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية إلى ثلاث إشكاليات قائمة يصعب تجاوزها بسهولة، أولاها عامل الوقت، حيث إن إلزام البرلمان بمناقشة ما يقرب من 300 قرار بقانون خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا بمعدل 20 قانونًا يوميًّا.
أما الإشكالية الثانية فهي شكل البرلمان فقد يلعب عدم وجود أغلبية مسيطرة داخل المجلس، وانقسام المجلس إلى كتل غير متجانسة يصعب أن تتحالف فيما بينها، دورًا مهمًّا في تجاوز تلك الأزمة؛ حيث إن انقسام البرلمان إلى كتل صغيرة لا يزيد عدد نواب إحداها عن 30 نائبًا قد يعمل على تجاوبها مع مطالب السلطة التنفيذية، وبالتالي قد لا تتشدد في المناقشة التفصيلية للقوانين ولا تأخذ موقف الرفض من إقرارها، في المقابل، فإن وجود أغلبية حزبية داخل البرلمان غير متوافقة مع توجهات السلطة التنفيذية، قد يدفعها نحو تغليب مصالحها الخاصة ، وقد تسعى إلى صدام مبكر مع السلطة التنفيذية من خلال تفويت الفرصة على مناقشة تلك القوانين، أو تعرض ولا تُقر، وبالتالي يزول بأثر رجعي ما لها من قوة القانون.
أما الإشكالية الأخيرة فتكمن في إقرار اللائحة الداخلية المنظمة لطريقة عمله وفقًا لنص المادة 118 من الدستور، ففي حالة استهلاك البرلمان الـ15 يومًا الأولى في إعداد وإقرار لائحته، فهذا يعني أن ذلك قد يفوت الفرصة عليه في مناقشة وإقرار تلك القوانين.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قال لي د. فتحي فكري، أستاذ القانون العام في جامعة القاهرة وعضو لجنة الخبراء لوضع الدستور، إن لجنة الخمسين لم تلزم بكل ما قدموه وقامت بعديل مواد كثيرة من بينها المادة ١٥٦، والتي لم تحدد لجنة الخبراء فيها مدة الأسبوعين لإقرار القوانين، فضلا عن مواد أخرى كالتي سمحت لاختيار رئيس مجلس النواب من بين المعينين، ومنع محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء في قضايا الجنح.
كل ما سبق يعد ألغامًا دستورية ستواجه مجلس النواب، يجب معالجتها أو على الأقل تعديلها بالطريق الذي رسمه الدستور بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب لسد أية ثغرات قد تعرقل المسيرة التشريعية أو تتسبب في إحداث تضارب ما.