أحمدعبدالله
جدد المؤتمر الشبابي الذي عقد برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ التساؤلات حول قوة "العالم الافتراضي" مرة أخرى، فبمجرد الإعلان عن وقائع الحدث الرسمي الضخم قابله "مجهودات موازية" على مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية.
ثارت تساؤلات مرة أخرى عن سطوة "البديل الإلكتروني"، وقدرته على التأثير شيئا فشيئا إلى جانب حدث رسمي على الأرض له أطقم إعلامية ومنصات صحافية خاصة له وتتابعه، وحتى وقت قريب كانت تستأثر بكامل التأثير والتوجيه والتحليل، إلى أن ظهر ذلك "الوسيط الجديد".
في السابق كانت المساحات كاملة تتاح لأصحاب الحدث الرئيسيين، وكانوا بمثابة "مرسل وحيد" لمتلقي يتابع خط أوحد للأحداث تحملة وجهة نظر لا تأخذ طابع "التعدد"، كانت كامل الصحف ومانشيتاتها، والمحطات الفضائية وبرامجها، والقنوات الإذاعية وميكروفوناتها تركز الجهود علي "نغمة واحدة".
اعترت تلك الاوضاع تغييرات جسمية منذ بدء ظهور الشبكة العنكبوتية، وبالتالي تعدد الوسائط والقدرات الإلكترونية علي خلق "حدث افتراضي" آخر ربما يكون مناقض تماما لمثيله علي أرض الواقع، فلا تظهر مناسبة أو دعوة إلا تجد "رجع صدي" إلكتروني مضاد في الإتجاه ومخالف لها في الرؤية.
على هامش مؤتمر شرم الشيخ الأخير ظهرت تلك الإشكالية وإن لم تخرج عن "الهامش"، ولكنها ظاهرة وملموسة، وانشغل لها كل فريق، الأول يدافع عن نفسه بوصفه صاحب الحق الأصيل في بلورة أهداف معينة وتدشين المؤتمرات لها ونقلها للجمهور كما يري، معتبرا جهود الطرف الآخر "تضليل" أو "تشويش" على الحدث الأصلي.
بينما ينظر أصحاب المنصات الإلكترونية البديلة للطرف الآخر علي أنهم "متحكرين" للفكرة، لتأتي تحركاتهم في كثير من الأحيان لضرب "التراتبية الهرمية" في السيطرة علي الأحداث وتوجيهها من خلال "مسئولين" لكل منهم مهام محددة بعناية، فتأتي "هاشتاجاتهم" دليلا علي رغبتهم في التصدي لكل أشكال السلطة، بداية من معارضة الحدث وصولا إلي استحواذ السلطة به.
تكفل التكنولوجيا الجديدة الفرصة لكلا الفريقين بأشكال متساوية شريطة "استغلالها جيدا"، فتستطيع الدولة الحفاظ علي حقها في بث ما تراه مناسبا وإخراجه بالشكل الذي تريده ولكن مع "تحديث" كامل لطريقة إدارتها للمشهد، وإيمانها قبل كل شيء بقوة الوسائط التقنية الجديدة، كما يستطيع الفريق الآخر التعبير عن نفسه جيدا وإعلان وجهة نظره رغما عن الجميع، وعلي الطرفين معا عدم إساءة استخدام تلك الإمكانات التي لم تكن متوفرة في السابق، سواء عن طريق "تجاهلها" أو "المبالغة" في توجيهها باستخدام التجريح والمغالطات .