بقلم / وفاء لطفي
لوحظ في الآونة الأخيرة، تزايد هجرة الشباب بطريقة غير شرعية، من خلال "حشر" مجموعة من الشباب من مختلف محافظات مصر، في قارب متهالك، ويلقون بأنفسهم في أمواج بحر متلاطم، أملا في حياة أفضل على الشاطئ الأخر في بلاد قد يعامل فيها الغريب بأسلوب أفضل من المواطن في الدول العربية.
فمن المؤكد أن هناك عدة أفكار خاطئة تسيطر على مخيلة المهاجرين، وتبدأ هذه الأفكار عندما يعتقد المهاجر أن العمل بصورة غير شرعية شوف تقتصر مصاعبه ومشكلاته على الفترة الأولى، وهذا قد يكون غير صحيح في أغلب الأحوال، فالعمل بصورة غير شرعية يحيل حياة المهاجر إلى حياة هروب دائم، وهروب من عمل لعمل أخر".
كما أن اعتقاد المهاجر بأن راتبه في المهجر سيكون مجزيًا، بل فيه فائض يمكن ادخاره، هو تفكير خاطئ أيضًا، لأنه في الواقع أن ذلك وهم أخر، حيث أنه إضافة لغلاء المعيشة في دول المهجر، والمصاريف الكثيرة التي تحتاجها حياة التخفي، هناك ثمن أخر خفي قد يتكلفه المهاجر، وهو ثمن الأضرار والمخاطر بالنسبة لصحته، فعادة ما يتعرض لسوء التغذية، كما يهيمن عليه شعور القلق الدائم من إمكانية افتضاح غلطة الهجرة، مع ما يصاحبها من غياب الاستقرار العائلي وشعور بالاطمئنان والسكينة، كما أن جميع هذه الأمور تؤدي إلى علل جسدية ونفسية واجتماعية ستكون لها آثار سلبية على حياة المهاجر في حاضره وفي مستقبله، حتى وإن عاد إلى وطنه الأصلي مختارا أو مرحلا من قبل سلطات دولة المهجر.
كما أنه ثمة تفكير خاطئ عندما يعتقد المهاجر أنه سيجد في الغربة صداقات جديدة وعلاقات اجتماعية مثيرة وفرحة، وأنه سيكون أكثر حرية في غياب مراقبة عائلته، وأنه سيحصل على فرص ترقيات إلى غيرها من مظاهر!.
فحياة التخفي تعني التنقل الدائم من وظيفة إلى وظيفة، ومن مسكن إلى مسكن، ومن عمل مؤقت في غالب الأحيان إلى بطالة ملازمة في دول المهجر، الأمر الذي يجعل بناء علاقات إنسانية حميمة أمرا شبه مستجيل، وعوضا عن ذلك تهيمن الوحدة ومشاعر الغربة على المهاجر، مما يجعل من الهجرة غير الشرعية ما هي إلا مسلسلا لـ" الهروب الدائم".
وإذا ما تحدثنا عن طرق مواجهة الظاهرة، فطرحت دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر، سؤالا: "ما الذي يجب أن توفره الدولة لكي لا يكررون السفر بتلك الطريقة"، فكانت الإجابة أن 74,3% يطالبون بتوفير فرصة عمل على رأس مطالب الشباب من الدولة، و61,6% يطالبون بتوفير دخل جيد ، و26,9% يطالبون بأن تعاملهم الدولة كإنسان، و26% يطالبون بتسهيل الهجرة الشرعية، في حين يطالب 17,9% بأن يكونوا قادرين على تكاليف الزواج، وطالبوا 12% بامتلاك منزل معيشة.
فهل تتحرك الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية، وتنفذ المطالب السابقة، كوسيلة لمحاربة هذه الظاهرة التي تزاد خطورتها يوما بعد الأخر؟ّ!.