محمود حساني
احتفلت مصر منذ أيام بمرور 150 عاماً على بدء الحياة النيابية في مصر ، ونظم مجلس النواب ، احتفالية كبرى ، حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي ، والعديد من الوفود البرلمانية من مختلف دول العالم ،وكانت موفقة للغاية ، وحققت النتائج المرجوة منها على مختلف الأصعدة .
والمطلع على تاريخ البرلمان المصري ، منذ بدء الحياة النيابية عام 1866 ، يعي تماماً أنّ هناك مراحل هامة مرّ بها البرلمان حتى وصل إلى صورته الحالية ، فخلال تلك الفترة ، تولى ٤١ رئيسًا للبرلمان المصري إدارة جلساته خلال ١١ فترة تاريخية، بدأت بتولى إسماعيل راغب باشا في عهد الخديوى اسماعيل، عام ١٨٦٦، إلى أن تولى الدكتور علي عبد العال، رئاسة الجلسات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولعل التاريخ سيقف طويلاً أمام شخصيات بعينها تولوا رئاسة البرلمان ، ليقص مالهم وما عليهم ، كإسماعيل راغب باشا، وجعفر مظهر باشا ، واحمد رشيد باشا ، وحسين رستم باشا ، وعمر لطفي باشا ، ومحمود فهمي باشا ، وأحمد مظلوم باشا ، وسعد زغلول باشا ، ومصطفى النحاس باشا ، وويصا واسف باشا ، ومحمد حسين هيكل باشا ، والدكتور صوفي أبو طالب ، والدكتور رفعت المحجوب .
أما الدكتور أحمد فتحي سرور ، يظل أفضل من تناوب على رئاسة البرلمان المصري ، منذ نشأة الحياة النيابية في مصر ، نتفق أو نختلف حول كونه أحد الأركان الرئيسية في نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك ، الذي ثار عليه الشعب في 25 كانون الثاني/ يناير ، مطالباً بإسقاطه ، لكن يظل فتحي سرور واحد من الذين ساهموا في إثراء الحياة السياسية في مصر ، وكنت أتمنى إذا وجه له مجلس النواب الحالي ، دعوة لحضور الاحتفالية التي أقامها في شرم الشيخ ، كما كنت أتمنى من القائمين عليها ، وضع صور كلاً من الرئيسيين السابقيين مبارك ومرسي ، بيّن صور ملوك ورؤساء مصر عبّر التاريخ الحديث التي زينت قاعة المؤتمر .
وشهدت الحياة البرلمانية في مصر عبر تلك الفترات التاريخية، تغييرات كبيرة من حيث شكل واسم المجالس النيابية وعدد أعضاءها، الذي بدأ بـ٧٥ عضوًا؛ ليصل إلى ٥٩٦ عضوًا، وهو الأمر الذي من شأنه التأكيد على عراقة التاريخ البرلماني للبلاد.
في رأي ويتفق معي الكثير من المعنيين بالشأن السياسي ، أن التاريخ الحقيقي لبداية الحياة النيابية في مصر ، بدأت بعد ثورة ٢٣ تموز/ يوليو، بتشكيل مجلس الأمة في 22 من تموز/ يوليو 1957 ، فجميع البرلمانات قبل هذا التاريخ ، لم تكن صوتاً للشعب ولا معبراً عنه ، بقدر ما كانت أداة في يد الحاكم ، تعبر عما يدور في ذهنع وتنفذ ما يأمر به ، أما بعد ثورة 23 تموز/ يوليو ، جميع البرلمانات التي تم تشكيلها كانت وبحق صوتاً للشعب ومعبراً عنه ، وهو ما يفسر لنا قرارت الحل التي صُدرت في حقه ، ولعل أبرزها قرار الرئيس الراحل أنور السادات ، بحل مجلس الشعب ، بعد اعتراضه أعضائه على اتفاقية كامب ديفيد .
ويظل برلمان 2010 ، أسوء برلمان شهدته الحياة النيابية منذ نشأتها ، وسيبقى برلمان 2015 ، علامة فارقة ومضيئة في تاريخ الحياة السياسية ، فلأول مرة نكون أمام برلمان منتخب بطريقة ديمقراطية شهد العالم بنزاهتها ، معبراً عن آمال الشعب وطموحاته ، شاملاً لجميع طوائف المجتمع ، فلأول مرة نجد المرأة والأقباط والشباب وذوي الإعاقة ، ممثليين تمثيلاً مُشرفاً .