القاهرة – أحمد عبدالله
تعيش مصر الآن واحدة من أكثر فتراتها سخونة ، حيث أن التطرف الأسود يطل برأسه مصاحبًا أزمات اقتصادية طاحنة، وعلى الدولة أن تستعين بـ"حزمة حلول غير تقليدية" ، إن كانت تريد صلاحًا في الأحوال وتنتعاشًا في الأوضاع ، يشعر بها الناس في الداخل ، والمجتمع الدولي في الخارج.
ونقصد بكلمة "حزمة" مجموعة متعددة ومتنوعة من الإجراءات والإستراتيجيات وليست رؤية واحدة أو حل دون غيره ، ونقصد بـ"غير تقليدية" أن تكون مغايرة لأول ماقد يطرأ علي الأذهان عند الحديث عن "مكافحة التطرف".
لا شك أن الحلول والاستعدادات المتعلقة بكل ماهو أمني بشكل صريح "مطلوبة"، ويتم وضعها في الحسبان رقم واحد وقبل كل شئ ، نعم ولكنها ليست كل شئ، في عام 2017 وبكل ماطرأ على البشر من متغيرات على الصعيد التكنولوجي والفكري والاجتماعي، فما كان يصلح سابقًا لم يعد يجدي بفعالية حاليًا.
إذن نحن نحتاج إلى مجموعة من الحلول إلى جانب الأمنية، ونحتاجها تواكب متغيرات المجتمع، وعلينا أولًا دراسة الاتجاهات التي تشكل تفكير المجتمع، وتساهم في تكوين الفرد الذي ينشأ ليصبح متطرف ، ماهي الظروف التي دفعته لذلك، وما الذي ساهم في تطوره بشكل سريع، وماذاغاب عن محيطه لو حضر لغير من مساره.
تحتاج بكل تأكيد إلى "فن جيد"، تحتاج الدولة فورًا إلى رفض كل ماهو مبتذل، تحتاج أن تعيد إلى الشاشة المصرية قيمتها ووزنها مرة أخرى، تحتاج أن تتاح الفرصة أمام أجيال موهوبة تمتلك إمكانيات حقيقية، لتعيد إلى مصر "قوتها الناعمة" مرة أخرى ، تحتاج إلى يوسف وهبي وكمال الشناوي وإسماعيل يس، نحتاج إلى أن نخرج من مستنقع أفلام البلطجة والعشوائيات، وسينما الأكشن والرومانسي المبتذل.
تحتاج مرة أخرى عبدالحليم حافظ ومحمد فوزي ومحمد عبدالوهاب، تحتاج إلى أن تقاتل من أجل ذلك ، وأن تعظم من دور قصور الثقافة ودور الأوبرا ، تحتاج إلي أن تصل بذلك إلى "عمق الصعيد"، تحتاج أن "تمنع" الموسيقي الهابطة ومطربي الفيديو كليب الفارغ وموسيقي العصابات أو المتعارف عليها بـ"المهرجانات، ليلتف الناس مرة أخرى أمام فنون تنفعهم وتهذب مشاعرهم وترقق قلوبهم.
التعليم ومناهج التعليم المتأخرة وتكدس الفصول وهروب التلاميذ وغش الامتحانات قد يكون أخطر من مائة خلية متطرفة ، علينا النهوض بالتعليم، الزحام في الشوارع، وعدم الرقابة على الأسواق، وغياب الرعاية الصحية، وتردي الخدمات المقدمة إلى المواطنين، كلها أمور ضاغطة على المواطن الذي لن يتردد أن يسلم نفسه إلى شيطان اليأس والجمود وجماعات التطرف الهدامة.
تحتاج إلى رياضة حقيقية وأن تفتح آفاق للشباب لتفريغ الطاقات، نعم الدوري المصري قد يكون له دور في مكافحة التطرف ، صعد اللاعبين الموهوبين، أنفق ببذخ على الاستعدادات الفقيرة حتى الآن في إخراج المباريات وإظهارها بالشكل اللائق ، استضف الفرق الكبرى وطور من إعلامك الرياضي ، تحتاج إلى أن تعود المسارح مرة أخرى ، وأن تتوفر الأماكن العامة أمام الناس للتنزه والاستجمام.
وقد تعتبر تلك "الحزمة" رفاهيات ، وقد تصطدم بواقع مرير لدولة تعاني اقتصاديًا من عشرات الأعوام ، ولكن دعونا نجرب إلى جانب الحلول الأمنية الهامة، عناصر أخرى متناغمة قد تشكل منظومة متكاملة تخلق بيئة طاردة ورافضة للتطرف.