توقيت القاهرة المحلي 18:11:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"الحتميات المؤجلة" للبرلمان المصري

  مصر اليوم -

الحتميات المؤجلة للبرلمان المصري

بقلم : أحمد عبدالله

نستطيع أن نتفهم تجاهل أو تغافل مجلس النواب عن عدد من الحوادث اليومية العابرة، كالتي تزخر بها صفحات الجرائد يوميا، والأخبار الوافدة من هنا او هناك، عن مشكلة في محافظة ما، او مشاجرة في قرية أو بلدة في قلب الصعيد أو الريف. وعدد الامور المشابهة لذلك لاتعد ولاتحصي منذ بداية انعقاد الجلسات للبرلمان الحالي الذي يجلس على سدته "أستاذ قانون" وأحد أبناء محافظة تشكو من النسيان والتجاهل طوال السنوات الماضية، ولايتوقف كثيرا الخبراء والمراقبون علي قضايا "درجة ثانية" لاترقى الى اهتمام نواب الشعب ولا تشغل بالهم، فالبرلمان الذي قارب العام على تأسيسه، دأب طوال الفترة الماضية على الدخول في عطلات وأجازات برلمانية.

ولكن ما يستعصي على الفهم وما يصعب تقبله بسهولة هو "تعمد تجاهل" قضايا مصيرية من جانب البرلمان، تدخل في صلب أختصاصاته، وفي سياق شبه طبيعي، لاستحوذت عليه كليا، ولاستغرق نوابه وانخرطوا في جلسات مطولة خصيصًا من أجل هذه القضايا، والتي جرى تخفيفها وإبعادها عن حيز إهتمام النواب، سواء جرى ذلك بشكل فيه "تخطيط مسبق" أو يتم ذلك بحكم "العادي" وطبيعة التركيبة الحالية للنواب، التي تفتقد إلى الخبرة والحنكة و"المهارة السياسية" وحسن تقدير الأمور.

المتابع لأعمال البرلمان وانشغالاته طوال الفترة الماضية سيجد "4 ملفات" سقطت من أولويات البرلمان بشكل غرائبي وينافي أبسط القواعد والأعراف البرلمانية رسوخا، فمحكمة النقض التي تعتبر إحدى أعلى الهيئات القضائية في البلاد، لم يكن يتصور أي من العاملين فيها من أكبر قامة قضائية حتى أصغر موظف، ان تلجأ المحكمة يوما إلى شرح حكم لها، وأن تتبعه بتفسير، وأن تلحق التفسير بتوضيح، وأن تواصل بعد ذلك التفنيد والتأكيد على معانيها ومقاصدها في مسألة "وجوب تصعيد الباحث السياسي عمرو الشوبكي" بديلا عن نجل المستشار مرتضي منصور.

شهور طويلة مرَّت في هذه الأزمة، والبرلمان يمارس معها أكثر أشكال "التجاهل" والتسويف، احترافا، ولايزال حتى الان لم يبتَّ في أمر تصعيد الشوبكي، وهو أمر بإجماع الأراء "غير مسبوق".

دستوريًا وقانونيًا، كل الوثائق واللوائح التنظيمية التي مرَّت علي البلاد تشدد على ضرورة عرض أية اتفاقيات اقتصادية على مجلس النواب ، ولايمكن للسلطة التنفيذية أن تلجأ لأية معاملات اقتصادية مؤثرة دون الرجوع إلى نواب الأمة والحصول على موافقتهم بعد "مدوالات ومشاورات" حول الأمر، فصدق أو لاتصدق أن الحكومة تلجأ الى أحد أكثر المخارج الاقتصادية "خطورة"، وتستعين "وحدها" وبقرارها منفردة بسيناريو محل جدل دائم بين الأنظمة المتعاقبة وهو "قرض صندوق النقد".

احراجات متتالية يتعرض لها رئيس البرلمان علي عبدالعال عند سؤاله بشأن المادة 127 من الدستور التي تنص: "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب" .

لايملك عبدالعال أن يستعين على "التناسي والتجاهل" إلا بـ"الغضب وإبداء الاستياء"، وبيقوم بإسكات أي من النواب المطالبينه بتوضيح الأمور، ليكون صندوق النقد أحد أكثر "البديهيات" أو "الحتميات" التي يتعين على البرلمان حسمها، ولكنه يتجاهلها بغرابة

منذ أيام هزت البلاد قضية رفع الجمارك على الدواجن المستوردة، وخرج الخبراء والمراقبون يصرخون من خسائر بالمليارات سيتكبدها قطاع وطني، اتخذت الحكومة القرار، ثم تراجعت عنه، ولم يكن للمؤسسة الرقابية والتشريعية الأولى في البلاد أي دور.

لايقارن كل ما فات بمسألة "تيران وصنافير" التي أخذت فيها أطراف عديدة صولات وجولات، والبرلمان آخر من يعلم، وبسؤال كل قيادات البرلمان بداية من رئيس المجلس ورؤساء اللجان النوعية المختصة، يجيبون : لم تصلنا القضية حتى الان.

لا أدري تماما التبعات المحتملة لتجاهل البرلمان أمورًا في صلب اختصاصاته، وتأثير ذلك على قوته وفعاليته في مقابل أجهزة ومؤسسات أخرى في الدولة، ولكن ما أدركه تماما أن البرلمان أوشك على فقدان كامل رصيده، ليس فقط عند المراقبين والمختصين، وإنما عند رجل الشارع العادي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحتميات المؤجلة للبرلمان المصري الحتميات المؤجلة للبرلمان المصري



GMT 10:04 2017 الأربعاء ,24 أيار / مايو

تعدّد الأجهزة الرقابية "بيروقراطية الزير"

GMT 08:20 2017 الثلاثاء ,28 آذار/ مارس

النقد الذاتي في البرلمان

GMT 14:41 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

الحكومة والبرلمان وجهًا لوجه

GMT 03:07 2016 الأحد ,31 تموز / يوليو

من يحاسب البرلمان وأعضائه ؟

GMT 22:25 2016 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

إلغاء العقوبات هل يشجع على ازدراء الأديان ؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon