بقلم: أحمد عبدالله
بدأت الانتقادات تجاه مجلس النواب تظهر من داخله، لم يعد الأمر مقتصرًا علي منصات التواصل الإجتماعي، أو البرامج والمحطات الفضائية التييري رئيس البرلمان علي عبدالعال أنها تناصبه شخصيا العداء، وتريد هدم الدولة ومؤسساتها، فليس أكثر دلاله علي الأحوال المضطربة تحت القبة من ملاحظات النواب أنفسهم، اللذين قالوا ماهو نصه عقب قرار الحكومة برفع سعر تذكرة المترو: إحنا اللي إدينا الفرصة للحكومة من البداية، الحكومة تجرأت علينا، وندعو رئيس المجلس إلي تصحيح الوضع، أيضًا قال أحد النواب: نصرخ بمشكلات الناس تحت القبة، ونضع يد المسئول علي بؤرة فساد، وياليتنا "محلك سر"، وإنما نفاجئ بتفاقم الأوضاع واستشراء مزيد من الفساد والإفساد.
مجلس النواب الذي يضم تركيبة فريدة من نوعها، وغير معتادة تحت قبة البرلمان الذي يعود لما قبل 150 عام، لديها فرصة رائعة في إثبات انحيازها للمواطن، والدكتور علي عبدالعال الذي يبرر له البعض – لأسباب نتفهمها – صعوبة المهمة أمامه، لايستجيب لدعوات تعديل أداء البرلمان، ويرفض في أحيان كثيرة "توسعة صدره" لتقبل النقد.
وبات أقل الاختلافات في وجهات النظر تقابل بتعنيف شديد وتهديد واضح، يعقبه إحاله إلي لجنة القيم وهيئة المكتب، وهو مايوحيبملايدع مجال للشك بأن "السمفونية" لاتعزوف بتناغم كامل تحت القبة، وأن الأداء في حاجة مستمرة إلي المراجعة والنقد الذاتي، وهو مابدء بعض النواب القيام به بالفعل.
وفي رأي أية أنتقادات تأتي للنواب من الداخل ستكون أكثر نفعًا للنواب مما لوجاءت تلك الملاحظات من "الشارع"، فالناس قد تترك الفرصة مرة تلو الأخري للمسئولين، ولكنهم لاينسون ذلك أبدًا، وأكثر مايثير غضب رجل الشارع العادي أن يكون هناك خلل في مؤسسة ما، ويعاند القائمين عليها ويصفوا الأحوال بأنها الأروع والأفضل.
نريد أن نري داخل البرلمان قوي للمعارضة وليس بمعناها التقليدي، وإنما معارضة علي كل مايعتبر خروجا عن اللائحة والأعراف والتقاليد البرلمانية، نريد ان نري تصويب وإصلاح بالفعل لا هدم وإنتقاد غير بناء، فنحن لانهدف من وراء ذلك إلا لصلاح أحوال المؤسسة التشريعية الأعرق في الوطن العربي والشرق الأوسط، وعلي رئيس البرلمان أن يكون أول من يدفع في هذا الطريق.
عبدالعال عليه أن يتنازل عن كافة الخصومات مع أعضاء معروفين بـ"مشاكساتهم" داخل البرلمان، عليه أن يستوعب ذلك ويهضمه، وأن يدرك بأنها "الديمقراطية" وحدها هي التي ستطيل من عمر أي تجربة، وأن الرفض والتصلب إزاء الآراء المخالفة، لن يجني سوي الخسارة، ومزيد من الانشغال بأمور فرعية والبعد عن متطلبات الشارع.