بقلم : مينا سامي
ضربت فرنسا نموذجًا مثاليًا في اختيار القائد الشاب الذي يؤسس لدولة شابة فتيّة، ويكون ممثلاً لها في المحافل الدولية وعاكسًا لصورتها الشابة التي انتصرت بها فرنسا على غيرها من دول العالم العظمى، باختيارها إيمانويل ماكرون رئيساً في سن التاسعة والثلاثين.
النموذج الفرنسي الرائد، أضحى مثالاً فريدًا أمام العالم العربي الذي يعاني من "شيخوخة" تضرب أعماقه، إذ يتخطى عمر أكبر رئيس عربي التسعين عاماً، بينما يحتل أغلبهم المسافة بين أوائل الستينيات وأواخر الثمانينيات، وهي معدلات كبيرة جدًا مقارنة بالنموذج الفرنسي، خاصة وأن العمل الدؤوب والتواجد المستمر بالشارع وسط الجماهير، يحتاج لرئيس شاب، متحرك، ديناميكي، لديه القدرة على العمل بعيدًا على المكاتب.
فوز إيمانويل ماكرون برئاسة فرنسا، يعيد إلى الأذهان صورة القائد الفرنسي الشاب نابليون بونابرت، الذي يعتبر بطلاً للثورة الفرنسية، وانتصر في العديد من الحملات العسكرية الشهيرة بفضل قوة "فرنسا الشابة"، وهو أيضاً صاحب فكرة قوس النصر، الذي بدأ العمل به في بداية القرن التاسع عشر، وأراده نابليون بونابرت رمزًا يخلد انتصارات الجيوش الإمبراطورية.. أما ماكرون، فقد جدد أهمية قوس النصر، باحتفاله وسط أنصاره بالقرب منه في ساحة الشانزليزيه.
قبيل الانتخابات الفرنسية، اعتقد البعض أن مارين لوبان ستفوز، أسوة بما حدث في الولايات المتحدة الأميركية، بفوز ترامب اليميني، إلا أنني أود لفت النظر إلى أن فوز ماكرون أمر طبيعي في فرنسا.. فماكرون أجندته كانت مبادئ الثورة الفرنسية (الحرية - المساواة - الإخاء) التي يؤمن بها كل الفرنسيين أكثر من إيمانهم بأي دين، لذلك فاز.. أما "لوبان" فلعبت على مشاعر الخوف من خطر الإرهاب ظناً منها أن هذه هي الورقة الرابحة خصوصاً بعد فوز ترامب في أميركا بنفس المنطق.. فكان طبيعي أن تخسر، لأن باختصار، أوروبا ستبقى أوروبا ولن تتغير بسهولة.
نتمنى أن تنظر الشعوب العربية، للشعب الفرنسي، وتحتذي بالفكر الشاب، القائم على التجديد والدماء الشابة القادرة على التغيير، وليس دول العواجيز، غير القادرين على تحريك أي مياه راكدة سوى بالتصريحات فقط.