القاهرة - محمود حساني
ما بين مطالب بإجراء تعديل وزاري وأخرى تُطالب بالإبقاء على الحكومة وإعطائها فرصة أخرى، وبرلمان لا يعرف وجهته، كل هذا اللغط انتهى بأداء الوزراء الجُدد في حكومة المهندس شريف إسماعيل اليمين القانونية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإن كنت أتمنى كغيري أن يشمل التعديل الوزاري، رأس الحكومة، بعد الفشل الكبير الذي تسببت فيه سياساته غير المدروسة في ما وصلنا إليه الآن، فلا أجد سببا مقنعا على الإبقاء على المهندس شريف إسماعيل، سوى أن غيره يرفض تماما تولي المسؤولية في تلك الظروف الحرجة التي تشهدها البلاد على المستوى السياسي والاقتصادي.
فليس سرا أن هناك أكثر من 95% من الشخصيات التي تم ترشحيها لتولي حقائب وزارية في التعديل الوزاري الأخيرة، أعلنت رفضها تماما ليس لتولي المنصب بل رفضها للذهاب إلى مجلس الوزراء ولقاء رئيسه للبحث والتشاور، فهي تعلم تماما أن الظروف والإمكانيات الحالية لن تكون في صالحهم، وستكون سببا في فشلهم كما كانت سببا في فشل غيرهم.
على أي حال، أصبحنا الآن أمام مجموعة جديدة من الوزراء من المفترض أنهم يحملون في حقائبهم خططا وسياسات جديدة للملفات التي سيتولونها والتي على رأسها ضبط أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق والتي تشهد ارتفاعا كبيرا كل يوم، في الوقت الذي تخرج فيه أغلب تصريحات المسؤولين بهبوط سعر الدولار الرسمي في البنوك، وهو ما يفترض أن تهبط معه أسعار السلع، فالجميع يعلم أن المواطن المصري يخوض كل يوم معارك في سبيل تدبير احتياجاته المعيشية، إذن لا بد أن يكون ملف "ضبط الأسعار وتوفير السلع"، أولى الملفات التي تعيرها الحكومة اهتماما في ظل توجيهات الرئيس السيسي بالاهتمام بمحدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية.
ثاني هذه الملفات، هو ملف "الاستثمار"، فلم يعد مقبولا أن يظل هذا الملف طوال السنوات الخمسة الأخيرة كما هو لا شيء طرأ عليه، في الوقت الذي تخرج فيه الحكومة بأن هناك تحسنا كبيرا في هذا الملف، دون أن نرى لذلك أثرا على أرض الواقع، فنحن بحاجة إلى تشريعات وقوانين عاجلة كقانون "الاستثمار"، لتهيئة المناخ والظروف لجلب مزيد من الاستثمارات ومنح تسهيلات للمصانع المتوقفة، فدون هذا الملف، ستشفل الحكومة، وسنجد أنفسنا أمام حكومة جديدة بعد شهور، فلن يتحسن مستوى معيشة المواطنين دون الاستثمار، ولن تنهض أوضاعنا الاقتصادية دون الاستثمار ولن يعود للجنيه المصري مكانته دون الاستثمار.
وثالث هذه الملفات هو ملف "البطالة"، ولعلّ هذا الملف مرتبط ارتباطا أساسيا بالملف الثاني "الاستثمار"، فلم يعد منطقيا، أن تظل حالة الإحباط السائدة لدى الشباب، الذي خرج في ثورتين، أملا في تغيير أوضاعه إلى مستقبل أفضل، يُتيح له الحصول على فرصة عمل، أن يظل هذا الملف كما هو بل الكارثي ارتفاع معدلات البطالة وفقا لآخر تقارير حكومية، وهو أمر يُنذر بالخطر الشديد ما لم نحسن التعامل مع هذا الملف، غير ذلك ستفشل الحكومة وسيرحل معها في المرة المُقبلة شريف إسماعيل، وسنجد أنفسنا أمام حكومة جديدة، والتي سترحل بدورها ما لم ننجح في التعامل مع هذه الملفات الثلاثة.