القاهرة-أحمد عبدالله
أثار أعضاء مجلس النواب المصري حالة من الزخم الواسع بسبب تصريحاتهم المثيرة للجدل منذ الأيام الأولى لدخولهم البرلمان، إلا أن الأسبوع الماضي شهد ارتفاع ملحوظ في وتيرة الآراء والتعليقات غير المألوفة التي تفجرت لتصفح عن وجهات نظر غرائبية تجاه أكثر من شأن داخلي وخارجي.
جاء أول وأغرب تلك التعليقات الصادرة عن النائب أبو المعاطي مصطفى، فبينما انخرط أعضاء اللجنة التشريعية والدستورية في مناقشات حامية الوطيس حول إلغاء عقوبات الحبس على ما يسمى "خدش الحياء العام" في القانون الجنائي، كان للنائب سالف الذكر مداخلات عصبية وردود حادة.
ومع احتدام المناقشات وإبداء عدد من النواب تخوفهم من تفشي الانحلال حال تم الغاء عقوبة الحبس في خدش الحياء، ودفاع آخرون عن مطلبهم بإلغائه انتصارا للحريات وتفويتا للفرصة على التنكيل بالمبدعين والأدباء بدعوى خدش الحياء، خرج أبو المعاطي مصطفى متحديا: الكثير من الأدباء يجيب أن يقفوا عند حدهم، وأن يتوقفوا عن إشاعة الفواحش والخروج عن النص.
تفاعل النائب أحمد سعيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية مع النائب أبو المعاطي مصطفى الذي لا ينتمي لحزب النور السلفي، واستفزه سعيد قائلا غير عابئ: نعاقب نجيب محفوظ بقي، لينزل رد مصطفى كالصاعقة على الحاضرين بموافقته على جملة سعيد: الكثير من نصوص الكاتب نجيب محفوظ بها خدش حياء، ولو كان موجودا بيننا الان، لاستحق العقاب، ليكون التصريح الأبرز والأغرب من برلماني مصري خلال الأيام، وربما العقود الماضية.
ثم جاء بعد ذلك تاليا وكيل لجنة الشئون العربية أحمد إمبابي في تعليقه على إقرار الكونغرس مشروع قانون يدعو الإدارة الأميركية إلى معارضة أي مشروع قرار في الأمم المتحدة ضد إسرائيل.
القيادي بالبرلمان استطاع خطف الأنظار بقوله: لن تكسر أمريكا إلا بقدرة إلهية أو حرب عالمية لتكون نهايتها، فهي الحامية الأولى لإسرائيل في العالم، قبل أن يضيف "لو نملك هزيمة أميركا وإسرائيل لتوجهنا إليهم لمحاربتهم وهزيمتهم، لكن لا يستطيع العرب فعل شيء فمهما فعلنا، ومهما صوتنا ارتفع فلن تستطيع عمل شيء لأميركا".
ثم أعقبه النائب احمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان، بصياغته لمبرر مثير للاستغراب في رده على منتقدي قانون الجمعيات الأهلية قائلا "أعطوا لأنفسكم فرصة لالتقاط الأنفاس، فبريطانيا أحد قلاع الحريات في العالم وافق مجلس اللوردات لديها بقانون يسمح للسلطات البريطانية بالتجسس على المكالمات ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو يعد القانون الأكثر إجحافا للحقوق والحريات للمواطنين في العالم، بحسب المعايير التي قاموا هم أنفسهم بوضعها".
وتابع أنه من الغريب استجابة محركات التواصل الاجتماعي مثل جوجل وفيس بوك للقانون البريطاني لإمكانية التجسس على العملاء، رغم أنه من المفترض احترام خصوصية عملائهم، مؤكدا أن دول العالم كلها لا تتهاون في أي أمر يخص أمنها القومي على عكس ما نجد عندنا.
وهو الكلام الذي يناقض حقائق الأمور، وما سبق أن خصص له رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون مؤتمرات صحفية نفى فيها تماما تجسس بريطانيا على مواطنيها بأي شكل.
اللافت للنظر أن سيل التصريحات الغريبة بدأت منذ اللحظات الأولي، وأن مثل تلك التصرفات كانت زريعة لمقاطعة المجلس عدسة الكاميرات ومنع بث الجلسات وإذاعتها، وأنهم حتى أطلقوا تلك التصريحات الغريبة ضد بعضهم البعض، معتبرا الأمر ظاهرة لم تكن معتادة في عهود المجالس السابقة.
والمثير للاستياء في الأمر أن تلك التصريحات تخرج عن شخصيات قيادية في المجلس، وليس عن عناصر حديثة العهد بالعمل بالبرلماني، وأرى أن السبب فيها عدم مراعاة هؤلاء النواب للسياق الذي يشكلون فيه ركيزة أساسية كنواب مسئولين عن هموم الشعب وتطلعاته وما تقتضيه مصالحه التشريعية والرقابية، وليس الفرقعات الإعلامية وإثارة الجدل والزخم.