بقلم : أحمد عبدالله
يستقبل مجلس النواب عشرات من ممثلي الحكومة ومساعدي الوزراء ومستشاريهم، وذلك لأخذ رأيهم في مختلف القضايا والموضوعات التي يناقشها البرلمان سواء في جلساته أو لجانه النوعية البالغ عددها 25 لجنة في الشؤون الاقتصادية والصحية والاجتماعية. هناك أنواع كثيرة لهؤلاء الممثلين الحكوميين وانطباعات أكثر تعكسها مشاركاتهم ومقترحاتهم وطريقة تفكيرهم، والتي تختلف أيضا طريقة رد النواب عليها والتعاطي معها.
أنواع ممثلي الحكومة اللذين يتم استدعائهم إلى البرلمان كثيرة ومتعددة، منها المدافع الشرس عن القرار أو المقترح الذي يحمله نيابة عن وزير ما، لا يقبل النقد ويضيق صدره بتوجيهات النواب وملاحظاتهم وهم الأغلبية أو القطاع العريض من ممثلي الحكومة بالبرلمان. ولايستطيع البرلمان في أغلب الأحيان أن يعثر علي مفاتيح شخصية مندوب أو ممثل الحكومة الصلب والقوي، وهو ما يشير في كثير من الأحيان إلى ميزان القوى الفعلي والحقيقي بين الحكومة والبرلمان.
النوع الثاني من ممثلين الحكومة هم الحاملين علي مضض لرسائل غير مقتنعين بها تماما، وتشهد مداعباتهم مع النواب الكشف عن ذلك، فهم يصرّحون بأنهم مكلفون بمهمة غير مقتنعين بها أو مؤمنيين بأهدافها، وهو ماحدث مثلا في حالة وكلاء وزارة الصحة اللذين جاءوا حاملين لتعديل تشريعي عبارة عن فصل كامل لتأديب ومحاسبة الأطباء، وأقصى ما يقوم به هؤلاء هو طلب البت أو تأجيل حسم قضية ما، لكسب بعض الوقت أو ربما ايفاد مندوبين غيرهم للبرلمان. ومؤخرا طلب رئيس البرلمان بشكل رسمي من الحكومة تقليل عدد ممثليها ومندوبيها سواء الحاضرين للجلسة العامة أو باللجان الفرعية، وذلك رغم أن عددهم غير كبير أو ضخم في مقابل أعداد النواب أمامهم.
إن التفاعلات الجارية بين نواب الشعب ونواب الحكومة تشير إلى خلل بالغ وعدم تحقيق فعلي لما هو مراد من لقاءات الفريقين، فإذا كان التصلب في الرأي أو عدم الاقتناع بماهو مطروح أساسا من قضايا لن يفرز أي تقدم علي أي صعيد كان. ولذلك فالمطلوب إعادة نظر بشكل كامل في طبيعة العلاقة بين البرلمان والحكومة، والأدوار المطلوبة من كل منهما، وأن تتاح الصلاحيات الحقيقية للخبراء داخل الحكومات، حتي يتسنى لهم التعاطي بمرونة مع نواب البرلمان وأن يقروا مافيه المصلحة العامة للبلاد، لا أن يتحكم الاستعلاء والرؤية الأحادية في مقاليد الأمور، أو أن تكون تلك الزيارات تقليدية ومن باب سد الخانة.