بقلم : أحمدعبدالله
الدولة المصرية حاليا رغم طابعها الحداثي إلا أنه ينقصها الكثير لكي تسير على درب الدول التي اعتمدت التكنولوجيا والتقنيات منهجا فعالا لها، تسبب في نجاحات وتيسيرات جمة في حياة المواطنين، فهل يعقل أن يصدر قانون جديد بالكامل للمرور في البلاد معتمد على احتساب النقاط للجزاءات وقائم على المكينة إلى حد كبير، دون أن يتم تحديث وحدات المرور بالأجهزة اللازمة لذلك سلفا.
هل يعقل أن أحد أهم التشريعات التي صدرت من داخل البرلمان المصري "الخدمة المدنية" ووصفت جلسة تمريره بـ"التاريخية" يحدث خلل كبير في تطبيقه ويعاني الناس عند ترجمة نصوصه على أرض الواقع، لا لشئ إلا لأنه حدثت أخطاء في "تملية" وتفريغ نصوص القانون التي وافق عليها النواب إلى دفاتر الحكومة، لأن تلك الطريقة لازالت معتمدة على العنصر البشري بشكل كبير.
طوابير من الزحام اليومية ومكدرات الحياة صباحا مساءا في مصر التي باتت تعاني إنسدادا في عديد من شرايينها لا لشئ، إلا لأنه وراء النافذة في شباك التذاكر للمترو أو القطارات أو أفران العيش "موظفين" ليس لديهم أدنى قدرة علي مجاراة الإيقاع السريع الذي باتت تتطلبه الحياة اليومية، والكلام ذاته ينطبق على مؤسسات كبرى كالبنوك أو الوزارات أو الهيئات والشركات والمصانع في مصر.
لماذا لانستلهم ببساطة تجارب دول أخرى سواء في أوروبا أو في الخليج أستطاعت أن تعتمد على نظام حديث لتسيير شئون المواطنين، فتختفي الطوابير وينكمش الزحام وتقل الأخطاء الكارثية التي تنتج عن وجود العنصر البشري غير المؤهل تماما لممارسة دوره المتواجد فيه، ولكن الأمر سهل حال توفرت الرغبة، فالمسألة ليست في استلهام تجربة أو كيفية العثور عليها.
الأزمة العتيدة والضاربة بجزورها في المجتمع المصري متعلقة بـ"الفساد" وأشكاله الأخري "الواسطة والمحسوبية" فلا تقنعني أن مدير شركة ما أو رئيس هيئة ما سيستغني عن جحافل من قام بتعيينهم مجاملة لفلان أو إكراما لعلان، من أجل أن يحل محلهم "الكمبيوتر"، لاتقنعني أن جيوش الموظفين الروتينيين سيسمحون للدولة أن تستبدل أدائهم المترهل بنظم أكثر سرعة ودقة وفعالية.
وبالتالي مطلوب استراتيجية كاملة وإرادة حديدية لإحلال وتجديد كامل الجهاز الإداري للدولة، ومن بعده كافة المعاملات العادية في حياة المواطنين، تبدأ تلك الإستراتيجية بتوفير بدائل للعناصر البشرية التي سيتم إزاحتها من المنظومة، لأنه بالطبع سيكون لهم أداور أخري، وعلى الأقل سيسعدوا بتسهيل حياتهم وتيسيرها، بالإضافة إلي تطبيق شامل وسريع للتحديثات وتشديد القوانين للحفاظ عليها وتجنب الإلتفاف عليها أيضا.