توقيت القاهرة المحلي 16:15:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تعدّد الأجهزة الرقابية "بيروقراطية الزير"

  مصر اليوم -

تعدّد الأجهزة الرقابية بيروقراطية الزير

بقلم - القاضي عامر حسن شنته

يحكى أن ملكاً مرّ ذات يوم على "زير ماء" في مملكته، فراعه ما رأى من تزاحم الناس عليه، حينها أبلغه مستشاروه أن السبب يعود إلى عدم تخصيص إدارة تعنى بصيانة الزير وتنظيم شؤونه فأمر الملك بإنشاء إدارة "عموم الزير"، ورصدت لها مبالغ ورواتب واحتلت بناية فخمة بجانب الزير.

غير إن الزير بقي على حاله وضج الناس من سوء الخدمة التي يقدمها وتعسف موظفيه، وكان الجواب على الدوام أن التخصيصات لا تكفي وإن الإدارة بحاجة إلى مزيد من الموظفين والأموال، اليوم وفي العراق هناك مخاوف جدية من أن تتحول منظومة مكافحة الفساد، بتعدد مؤسساتها وتداخل صلاحياتها في بعض الأحيان إلى ما يشبه "إدارة عموم الزير". 

إذ يُعنى بملاحقة تلك الآفة المجتمعية وأعني بها الفساد المالي والإداري، كل من "ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين وجهاز الادعاء العام"، فضلاً عن لجنة النزاهة في مجلس النواب ولجان النزاهة في مجالس المحافظات والمجلس المشترك لمكافحة الفساد في الأمانة العامة لمجلس الوزراء والذي يهتم بتنسيق جهود مكافحة الفساد في البلاد.

وذلك ما طبع تلك المؤسسات بطابع الترهل الذي أدى إلى ضياع جهود مكافحة الفساد وتشتتها، وهو مايمكن ان نلمسه من خلال قياس حجم ونوعية الملفات التي تكشفها تلك المؤسسات مع الموازنات التشغيلية التي ترصد لها، والتي لن تكون في صالحها بالتأكيد، وبالإضافة إلى مشكلة الترهل تبرز مشكلة التداخل في الصلاحيات التي قد تشجر بين تلك المؤسسات في بعض الأحيان.

فإذا كانت المادة (21) من قانون هيئة النزاهة، قد وزعت الأدوار بين عدد منها، حين اعتبرت ديوان الرقابة المالية الجهة العليا للتدقيق المالي والمحاسبي والذي يودع جميع الأدلة إلى المفتش العام المختص، والذي يقوم بدوره بأعمال التحري والتحقيق الإداري واعتبار هيئة النزاهة الجهة التحقيقية المختصة لاتخاذ الإجراءات الجزائية المناسبة، فإن الواقع العملي يكشف ضعفاً واضحاً في التنسيق بين تلك الجهات وعدم التمييز بين الملاحظات التقويمية التي يبديها الديوان لتقويم عمل الوزارات، وبين تلك التي تشكل مخالفات يطلب الديوان إجراء التحقيق فيها بموجب قانونه، والتي قد لاتشكل بالضرورة جرائم معاقب عليها بموجب قانون العقوبات.

ويمكن معالجتها من خلال فرض العقوبات الانضباطية، ومايتبع ذلك من إرهاق للجهات القضائية بعدد كبير من الشكاوى التي لاتمثل في جوهرها أية جريمة، وفضلاً عما سبق تثور مسألة آليات التنسيق بين مكاتب المفتشين العموميين، وهيئات الرقابة المالية العاملة في الوزارات من جهة، وبين مكتب الادعاء العام المالي والإداري المشار إلى تأسيسه بموجب المادة (5/رابع عشر)من قانون الادعاء العام من جهة أخرى، والذي يمارس الصلاحيات المنصوص عليها في البند (ثاني عشر) من المادة نفسها، فما هي الحدود التي تتحرك فيها كل جهة من تلك الجهات عند التحقيق في قضية فساد؟ ومن هي الجهة المختصة في الفصل بالتنازع الناشئ بينها؟ لا سيما في حالة التعارض بنتائج التحقيقات التي تجريها كل منها، وعلى أي منها يعول؟ وإذا ما باشر مكتب الادعاء العام في الوزارة التحقيق طبقاً لصلاحيته. 

فإن تلك الصلاحية يمكن أن تسلب منه في أية لحظة إذا اختارت هيئة النزاهة  إكمال التحقيق، والتي يرجح اختصاصها التحقيقي في (قضايا الفساد) على اختصاص الجهات التحقيقية الأخرى بموجب أحكام المادة (11/ثانيا) من قانون هيئة النزاهة، خاصة إذا ما علمنا بأن التحقيقات التي يجريها مكتب الادعاء العام في الوزارة لايمكن ان توصف بأنها تحقيقات إدارية إذ أتاح قانون الادعاء العام للمكتب صلاحية التحقيق طبقاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية بما في ذلك التوقيف؟ من كل ما سبق يتبين أن الجسد الرقابي يعاني من التخمة والترهل والتي تحتاج إلى معالجات واقعية، تتضمن آليات واضحة للعمل وصولًا لمكافحة الفساد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعدّد الأجهزة الرقابية بيروقراطية الزير تعدّد الأجهزة الرقابية بيروقراطية الزير



GMT 02:24 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

دور الإعلام في رصد ملفات الفساد

GMT 08:19 2017 السبت ,22 إبريل / نيسان

لماذا لا تُحارب "داعش" إسرائيل ؟!

GMT 18:44 2017 السبت ,11 شباط / فبراير

هل أتاك حديث الفساد؟

GMT 18:38 2017 السبت ,11 شباط / فبراير

الكويت تحتل العراق ثأرًا لكرامتها!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon