القاهرة - محمود حساني
تابعت باهتمام تقرير مجلة " الإيكونوميست" البريطانية، في عددها الصادر الثلاثاء الماضي، والذي جاء بعنوان "مصر على أبواب مصالحة مع جماعة الإخوان"، والتي أشارت فيه أن هناك مصادر حكومية رفيعة، صرحت لها باتجاه الدولة المصرية إلى التصالح مع جماعة الإخوان خلال الفترة المقبلة، في إطار مصالحة شاملة مع مختلف فئات المجتمع، وربط التقرير، بين قرار النظام المصري بتشكيل لجنة للعفو عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، وبين الأحكام الصادرة مؤخرًا من محكمة النقض -أعلى محكمة في البلاد- بإلغاء أحكام الإدانة الصادرة في حق قيادات جماعة الإخوان، والتي كان آخرها الحكم الصادر من محكمة النقض- الاثنين الماضي- بإلغاء أحكام الإعدام والسجن المؤبد في حق الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين من قيادات الجماعة في قضية " اقتحام السجون ".
بعيدًا عن "الإيكونوميست" وما يُثار حولها من جانب البعض بأنها صاحبت توجهات مُعادية للدولة المصرية، لكن ما يمهني بالأساس، المعطيات الموجودة على أرض الواقع، والتي يمكن من خلال الرد على ما تضمنه التقرير، وفي اعتقادي ويتفق معي الكثير من السياسيين المعنيين بالشأن المصري، أن فكرة "التصالح مع جماعة الإخوان"، كانت بالفعل موجودة ضمن أجندات الدولة المصرية، بعد ثورة 30 حزيران/ يونيو 2013، وبالفعل توجهت الدولة آنذاك ممثلة في الرئيس السيسي، عندما كان وزيرًا للدفاع، بدعوة إلى حزب الحرية والعدالة المنحل، الذراع السياسي للجماعة، للمشاركة في بيان القيادة العامة للقوات المسلحة – في 3 تموز/يوليو 2013 - الذي ألقاه الرئيس السيسي عندما كان يشغل منصب القائد العام، واستمرت هذه الفكرة مطروحة حتى قبل فض اعتصام رابعة العدوية والنفض في 14 أب/أغسطس 2013 ، ومع اتجاه جماعة الإخوان إلى العنف وترويع الآمنيين ، ذهبت فكرة المصالحة ، كتوجه رسمي من الدولة ، حتى عادت من جديد وبقوة هذه في 21 حزيران/يونيو 2016، عندما خرج وزير الشؤون النيابية، في حوار صحافي له ، قائلاً :" أن الدستور يلزم الدولة المصرية بإجراء مصالحة شاملة مع مختلف فئات المجتمع، بما فيها جماعة الإخوان"... بالفعل هذه المرة كانت الدولة تنتوي إنهاء ملف التصالح مع جماعة الإخوان، وفي سبيل ذالك انتهت من إعداد قانون العدالة الانتقالية، وكان في طريقه إلى إقراره من مجلس النواب.
ومع تزايد حدة الغضب الشعبي والبرلماني، ورفض الجميع إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان، في ظل تزايد الأعمال المتطرفة التي ترتكبها الجماعة في حق أبناء الدولة، أيقن النظام المصري، أن الشعب لن يقبل التصالح، ومن هنا اتخذت الدولة بإغلاق هذا الملف في اعتقادي مؤقتًا، ربما تعود فكرة التصالح مرة أخرى، ولكن ليس خلال هذه الفترة .
أما القضاء وما يصدر عنه من أحكام سواء بالبراءة أو الإدانة، لا شأن للدولة المصرية به، وخير دليل على ذلك، فمحكمة النقض التي قبلت طعون قيادات الإخوان وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، والرئيس المعزول مرسي، وألغت أحكام الإعدام والسجن المؤبد الصادرة في حقهم، هي ذات المحكمة التي قبلت طعن القيادي في تنظيم "بيت المقدس" المتطرف، عادل حبارة، وألغت أحكام الإعدام الصادرة في حقه، فهل هذا يُعني أن الدولة المصرية قررت التصالح مع "حبارة " ؟!.. بالتأكيد لا ..