توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشعب العجيب

  مصر اليوم -

الشعب العجيب

بقلم: أحمد عبدالله

إن أردنا وضع تعريف إجرائي لـ"اللامعقول" الذي يصيبك بأقصي درجات الحيرة، فلن نجد أفضل من النظر في أحوال مصر والمصريين الآن، فالشعب الذي يتعرض لأقسي أنواع المشكلات والأزمات، لايزال قادرا علي النهوض صباحا من نومه، ومواصله أعماله، والحديث عن آلامه، وكأن شيئا عادي يحدث.

الشعب بمختلف فئاته يعيش أزمة اقتصادية طاحنة، ترجع في رأي المتواضع إلي العام 2000، فالمعاناه ليست وليدة الثورات كما يشاع، وإنما شعر الناس بموجات الغلاء والأزمات المعيشية منذ مرض مبارك، وترك المجال أمام الحرس الجديد في الحزب الوطني ممثلا في نجله جمال مبارك ومن معه، ليزيد عدد محدودي الدخل، وتهبط الطبقة الوسطي إلي نظيرتها الفقيرة.

ورغم ذلك فإن جرعات "العذاب اليومي" زادت بشكل لاينكره أحد عقب ثورتي يناير ويونيو، حيث بلغت معدلات التضخم مداها، وأشتعلت الأسعار، وبات الشعب يغفو ليصحي علي خبر زيادة جديدة أصابت سعر مستقر لسلعة أو مادة يعتمد عليها الناس بشكل رئيسي.

زادت الأمراض والأوبئة، فحالات تسمم جماعي ضربت طلاب المدارس، وقبلها فيروسات عالمية خطيرة وجدت البيئة الخصبة في مصر، كأنفلونزا الطيور والخنازير، ناهيك عن الأرقام المفزعة لنسبة المصابين بالسرطانات المختلفة والفشل الكلوي، بالإضافة للحوادث بمختلف أنواعها وأشكالها، بداية من تصادم القطارات بأطفال المدارس، مرورا بنزيف يومي بل لحظي علي الأسفلت نتيجة أنهيار البنية التحتية.

التعليم حدث ولا حرج، فمصر تكاد تكون"خارج الزمن" حرفيا بالنسبة لمناهج وجودة التعليم في الكثير من بلدان العالم، متوسطة التقدم وليست المتقدمة كليا، وهكذا الحال بالنسبة للمستشفيات، ومدرجات الجامعات وأقسام الشرطة، وبيئة العمل في أي مكان، وأنتشار القمامة الذي تطلب أن تكون أحد الأعمدة الرئيسية لكافة مرشحي الرئاسة بعد الثورة، هل تستطيع أن تتخيل ذلك، في العام 2017 وبينما تصنع حولنا البلاد "معجزات" حقيقية، نضع اليوم "القمامة" تحدي صعب أمام دولة مركزية عمرها 7000 سنة، وأصدمك بالقول، أننا عاجزين حتي اللحظة عن إيجاد حل لإنتشارها وتسيدها بدلا عن الجمال والنظافة في أكثر شوارع القاهرة شهرة.

وبالنظر إلي السياسة العامة في البلاد، فلن تجد أحزاب أو حركات شبابية أو تيارات جامعية، وباقي مؤسسات الدولة لا أظن أنها ستحوز علي إعجاب ورضي الشعب المصري، فالناس بالفعل "فقدت الثقة تماما" في الكثير من المؤسسات حولها، وعند الحديث عن الخاسر الأكبر سنجد "الإعلام"، الذي يجتهد القائمين عليه في السير عكس مايريده الناس، وتجميل صورة أبعد ماتكون عن الواقع.

ورغم أن تلك السطور التي لو زادت لمليون ضعف لن تكفي لتعرية "1%" مما هو حادث واقعيا، إلا أن الشعب الذي يضرب أغرب الأمثلة في استكمال واستئناف حياته اليومية، لايزال يعافر ليستيقظ من نومه، ويمر بأحد أسوأ التجارب في تاريخه "مواصلات سيئة في زحام شديد"، ليذهب إلي عمله الذي لايسد احتياجاته لنصف شهر، ليعود ويجلس أمام التلفاز، ليهضم وجبة إعلامية أو فنية، يتحسر معها علي زمن "الفن الجميل"، أو زمن "الشعب الجميل".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعب العجيب الشعب العجيب



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 18:09 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هل الزيادة السكانية عائق للتنمية أم السياسات الخاطئة

GMT 16:20 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

أراجوزات الانتخابات

GMT 18:01 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

الانتصارات الصغيرة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon