توقيت القاهرة المحلي 14:45:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسامح الفكري

  مصر اليوم -

التسامح الفكري

بقلم : جمال علم الدين

عالمنا الذي نعيش فية مذهل بأبعاده الإنسانية الجديدة إنه عالم تتضافر فيه العولمة والعالمية والأممية، تتقارب فيه الأمم وتنكمش معه الحدود وتتغير فيه الأشياء على إيقاعات ضوئية اقتضاها اتحاد الزمان والمكان في عقدة كونية واحدة ،فالحدود الجغرافية بين الدول تسقط وتغيب تدريجيا  ويذوب جليد الثقافات في مسار التقارب والتلاحم، ووفقا لهذا المشهد الكونى تضعنا هذه التحولات وتلك التغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية في مواجهة حقيقية مع التعدد والتنوع في الثقافة والقيم وأنماط الحياة، وهو تنوع قائم على مبدأ الصيرورة الخاطفة التي تدمر الصيغ التقليدية للوجود الإنساني، وتؤدي إلى ظهور أنماط اجتماعية جديدة قائمة على عناصر التعدد والتنوع الثقافي والاجتماعي.

وفي دائرة هذا التحول التاريخي فإن أنظمة القيم وطرق الحياة وأنماطها المختلفة، تتقارب وتتآلف وتتعايش في دائرة وحدة كونية وثقافية. فالعالم الذي نعيش فيه عالم التنوع، وبالتالي فإنه يجب على الجميع مواجهة الاختلاف والتنوع، حيث يشكل التعايش مع الآخر والتفاعل مع حضوره الإنساني تحديا يوميا رهانه التسامح الإنساني في أعمق دلالاته الانسانية

تقوم فكرة التسامح على أنه ليس على المرء التخلي عن قناعاته أو الامتناع عن إظهارها والدفاع عنها أو نشرها، بل تقوم على امتناعه من استعمال جميع وسائل العنف والقدح والذم بكلمة يقوم التسامح على تقديم أفكاره دون السعي لفرضها.وعلى المستوى الفكري نلاحظ أن التسامح الفكرى مرتبط بنسبيته الحقيقية، والقبول بتعدد المعاني واختلاف التأويلات وتكاثر القرءات للظاهرة الواحدة أو النص الواحد، وعلى النقيض من ذلك فإن القول بالرأي الواحد والحقيقة الوحيدة أو المعنى الوحيد هو نوع من الاستبداد الفكري الذي يتعين علينا اليوم مقاومته واستبعاده.

إن أشكال التعصب الوطني بل والتعصب الرياضي الذي يبرز على السطح بين فترة وأخرى، تدل على أنه رغم كل الجهود وبرغم كل هذا التراث الروحي والقانوني المؤسسي، فإن التسامح لم يتحول اليوم إلى سلوك يومي، ولم يصبح سلوكًا عامًا لدى كل البشر، إذ ما تزال بقايا النرجسية الفردية والجماعية طاغية ومتفشية بصورة كبيرة، وهو ما يجعل أمر إقرار التسامح مهمة عسيرة، لأنها تتطلب أولا تذويب الكثير من النرجسيات والأحكام المسبقة. في الوقت الذي ينتظر فيه التسامح أن يشكل الإطار الأخلاقي للمختلفين في هذا العالم الذي هو أحوج ما يكون إلى أخلاق التعدد والعيش المشترك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسامح الفكري التسامح الفكري



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 10:24 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حق المنفعة في مخيمات اللجوء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon