توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسامح الفكري

  مصر اليوم -

التسامح الفكري

بقلم : جمال علم الدين

عالمنا الذي نعيش فية مذهل بأبعاده الإنسانية الجديدة إنه عالم تتضافر فيه العولمة والعالمية والأممية، تتقارب فيه الأمم وتنكمش معه الحدود وتتغير فيه الأشياء على إيقاعات ضوئية اقتضاها اتحاد الزمان والمكان في عقدة كونية واحدة ،فالحدود الجغرافية بين الدول تسقط وتغيب تدريجيا  ويذوب جليد الثقافات في مسار التقارب والتلاحم، ووفقا لهذا المشهد الكونى تضعنا هذه التحولات وتلك التغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية في مواجهة حقيقية مع التعدد والتنوع في الثقافة والقيم وأنماط الحياة، وهو تنوع قائم على مبدأ الصيرورة الخاطفة التي تدمر الصيغ التقليدية للوجود الإنساني، وتؤدي إلى ظهور أنماط اجتماعية جديدة قائمة على عناصر التعدد والتنوع الثقافي والاجتماعي.

وفي دائرة هذا التحول التاريخي فإن أنظمة القيم وطرق الحياة وأنماطها المختلفة، تتقارب وتتآلف وتتعايش في دائرة وحدة كونية وثقافية. فالعالم الذي نعيش فيه عالم التنوع، وبالتالي فإنه يجب على الجميع مواجهة الاختلاف والتنوع، حيث يشكل التعايش مع الآخر والتفاعل مع حضوره الإنساني تحديا يوميا رهانه التسامح الإنساني في أعمق دلالاته الانسانية

تقوم فكرة التسامح على أنه ليس على المرء التخلي عن قناعاته أو الامتناع عن إظهارها والدفاع عنها أو نشرها، بل تقوم على امتناعه من استعمال جميع وسائل العنف والقدح والذم بكلمة يقوم التسامح على تقديم أفكاره دون السعي لفرضها.وعلى المستوى الفكري نلاحظ أن التسامح الفكرى مرتبط بنسبيته الحقيقية، والقبول بتعدد المعاني واختلاف التأويلات وتكاثر القرءات للظاهرة الواحدة أو النص الواحد، وعلى النقيض من ذلك فإن القول بالرأي الواحد والحقيقة الوحيدة أو المعنى الوحيد هو نوع من الاستبداد الفكري الذي يتعين علينا اليوم مقاومته واستبعاده.

إن أشكال التعصب الوطني بل والتعصب الرياضي الذي يبرز على السطح بين فترة وأخرى، تدل على أنه رغم كل الجهود وبرغم كل هذا التراث الروحي والقانوني المؤسسي، فإن التسامح لم يتحول اليوم إلى سلوك يومي، ولم يصبح سلوكًا عامًا لدى كل البشر، إذ ما تزال بقايا النرجسية الفردية والجماعية طاغية ومتفشية بصورة كبيرة، وهو ما يجعل أمر إقرار التسامح مهمة عسيرة، لأنها تتطلب أولا تذويب الكثير من النرجسيات والأحكام المسبقة. في الوقت الذي ينتظر فيه التسامح أن يشكل الإطار الأخلاقي للمختلفين في هذا العالم الذي هو أحوج ما يكون إلى أخلاق التعدد والعيش المشترك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسامح الفكري التسامح الفكري



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 10:24 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حق المنفعة في مخيمات اللجوء

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon