بقلم : أحمد عبدالله
كانت البلاد علي صفيح ساخن تترقب بكل ما فيها حركة تعديلات وزارية لعلها تحدث فارقًا ولو بسيطًا في حياة المصريين، اجتماعات طارئة داخل مجلس الوزراء علي مدار أيام، تصريحات لا تتوقف لنواب البرلمان، محادثات لاتنقطع بين العامة في المصالح الحكومية والشوارع ووسائل المواصلات.
تعويل المواطن علي حركة التغييرات الوزارية تظهر بوضوح مدى حاجة البلاد وأهلها لأي تقدم يُذكر في أي من الملفات التي تعاني ضمورًا حادًا منذ سنوات، سواء الاقتصاد أو التعليم أو الصحة، حتي جاء اليوم الذي أسدل فيه شريف إسماعيل رئيس الحكومة الحالي الستار عن تلك التعديلات التي شملت 9 وزراء وتعيين 4 نواب جدد لآخرين.
عدد من المميزات والسلبيات في المشهد الذي انتظرته البلاد، أولًا هو الانتظار في حد ذاته، لماذا لم تشهد تلك الحركة وضوحًا وسرعة أكثر من ذلك، بمعني أننا نحتاج إلي تبديل وجوه معينة في تخصصات معينة وحقائب محددة بالحكومة، فلماذا "التضارب والتأجيل والتأخير والاعتذرات"، هل عقمت مصر عن وجود بدائل وليس بديل واحد لأي من الوزراء في مواقعهم، ثم لماذا كانت الأطراف التي حري بها أن تكون في مقدمة العالمين ببواطن الأمور من إعلاميين ومحللين ونواب برلمان، كانوا أبعد مايكون عما يجري.
كنا نعهد قديما تغيير وزاري يكون سريعًا وحاسمًا وربما فعالًا، وتجد عدد لابأس به من رجال الدولة يدركون ماسيقع ويبدأون في تحليله قبل أن يحدث، فيستطيع نائب أو إعلامي أو صحافي أو أستاذ علوم سياسية، أن ينير كل منهم الطريق سواء للمشاهدين أو الطلاب أو المواطنين، لا أن يكون الجميع في غفلة حتي لحظة وقوع الحدث.
الأمر السلبي الآخر هو عدم إبداء الأسباب الواضحة والمقنعة والمحددة حول تغيير شخص ما والإبقاء علي آخر، باب القيل والقال يفتح على مصرعيه في هذه الحالة، تجد أناسًا ساخطين لرحيل من ظنوا بهم خيرًا، وآخرين أكثر منهم غضبًا للإبقاء علي من يستحقوا الرحيل فورًا.
الأمر الإيجابي في هذا المشهد تمثل في وجود معارضة قوية ومسموعة تحت قبة البرلمان المصري، حتي ليسوا من أعضاء تكتل 25 -30 المعروف بمناهضته لأغلب القرارات التي تصدرها الأغلبية تحت القبة، وإنما من أعضاء آخرين مشهود لهم وسط الجميع، أصدروا على الفور بيانات الاستهجان ضد التعديل الذي شبهوه بـ"الجري في المكان"، ووصل الأمر إلي حد اتهام أحد الوزراء الجدد بالتورط في شبهات فساد، ولم يكتم لهم صوتًا ولم يمنعهم أحد، وهو أمر إيجابي، لو تم الاستجابة لباقي الملاحظات التي اعترت المشهد.