بقلم : سمر عبد الرحمن
أيام قليلة و نستقبل عام جديد، ونودع أخرا شهد أحداثاً كثيرة، ستظل تلك الأحداث راسخة في ذاكرتي، أتحدّث عنها لسنوات عمري المقبلة، فبالنسبة لحياتي الشخصية كان عاماً حزيناً مليء بالأحداث المتصارعة والمتلاحقة، أيقنت خلاله أن الحياة عناء، عشت شهوراً من الابتلاء فصبرت، وأياما من الألم متمنية من الله أن يعوضني عنها.
رحل ذلك العام بكل ما فيه من لحظات سعيدة كانت أو حزينة، ودعت والدي إلى مثواه الأخير في منتصفه، وتركني بين متاهات الحياة القاتلة، ترك مكانه فارغاً لكنه سيظل موجوداً بقلبي وروحي وعقلي، سأظل أبكيه طوال حياتي ويرفض قلبي أن يرثيه أكابر أمام أعين الناس من أن أبكي حينما يُذكر اسمه، لكني أعود طفلة عندما اختلى بنفسي وأجهش في البكاء لفراقه، أغوص أحياناً في تفاصيل أيامي، أتناسى لكني دوماً اصحو على وجع رحيله فحين ودعني وهو على صدري آخر يوم في شهر رمضان الفضيل ، لم يعد القلب يضخ الحب ولم يعد يشعر بالأمان ،وحين رحل لم تعد الحياة حياة .
ورحل العام بثوانيه ودقائقه وساعاته وأيامه ورحل معه أبي لينتزع فراقه روحي، رحل وفي القلب غًصة وفي النفس حسرة ،لكني ودعته وأبدلني الله جميل ذكره وحُسن سيرته وكرم أخلاقه، وبرغم رحيله ستبقى هناك أشياءً في قلوبنا لن ترحل ،وخلاله التقيت أيضاً الكثرين الذين مازالوا على قيد الذاكرة فمنهم من رسم في حياتي تفاصيل يصعب نسيانها، وآخرين أريد أن يصبحوا بحكاياتهم في دوائر النسيان.
وعلى المستوى المهني ، أعترف أن هذا العام كان جيداً رغم كل الصعوبات ، التحقت في بداياته بمؤسسة منسجمة مع قناعاتي، شعرت أني أنتمي إليها نفسياً وفكرياً، حققت فيها القليل من طموحاتي ولازلت أقول إن الطريق طويلاً وأن الحُلم يحتاج لجهد وصبر ومصابرة لتحقيقه، تعثرت بعض الوقت لكن زادني التعثر إصراراً ، تمردت على واقعي تمرداً لانهائياً بذلك الحماس الغريب ، وتلك الإرادة التي لم يستطع أحد كسرها، أمنت بالحُلم الذي كًفر به الكثيرون فحاولوا إحباطي، وسرت في طريق رسمه لي والدي ومعلمي ، طريق يصعب فيه أن تكون مهنياً 100%، لكني حاولت الجود بكلمات وموضوعات صادقة وسط خضمً يعجً بالنفاق، وفيه أيضاً حاولت إيجاد حيلً للتغلب على عقبات المسافات البعيدة في الفكر بيني وبين زملائي ممن ارتضوا احتلال المهنة لغير المهنين في محافظتي، ارتضوا وجود أشخاص قضوا على المعايير المهنية والقيم والأعراف التي حكمتها لعقود من الزمن باعتقادهم أنها سهلة ومُستباحة، غير مؤمنين بأنها مهنة البحث عن المتاعب، انا من اللذين يؤمنون بفكرة بناء جيل ثاني وثالث، بالتدريب والتعليم فكنا ولا زلنا متدربين في بلاط صاحبة الجلالة، أريد أن نفسح الطريق أمام تكوين جيل واعٍ ومثقف يتعلم ميثاق شرف وأخلاقيات المهنة لكني أرفض أن تكون مهنة لمن لا مهنة له .
وأحاول أن استقبل عامي الجديد بابتسامة وتفاؤل ورضى بما وصلت إليه وحققته، وأتمنى من الله العلي القدير أن يمُن علي فيه بنجاحات تحقق رغبة والدي رحمة الله عليه وترضي طموحي ، أسلمه أمنياتي وأحلامي، وأحاول جاهدة وبكل ما أوتيت من قوه العمل على تحقيقها، أعتبره فرصة جديدة لتقويم أخطائي وتعويض قصوري، فرصة لإعادة أواصر المحبة المتقطعة، فرصة لأكون أكثر إيماناً بنفسي وما بيدي، أتمنى أن يكون عاماً سعيداً علينا جميعاً وعلى مصرنا الحبيبة وأن تتحسن فيه أوضاع أمتنا العربية.