توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوم ظهر في أورشليم

  مصر اليوم -

اليوم ظهر في أورشليم

القاهرة - مينا سامي

كالطقس الكنسي المعتاد، يرنم المصلون في يوم أحد السعف اللحن القبطي الشهير "الجالس فوق الشاروبيم..اليوم ظهر في أورشليم"، احتفالاً بعيد دخول المسيح أورشليم – القدس حاليًا- والذي استقبله أهلها بسعف النخيل وافترشوا قمصانهم أرضًا ترحيبًا به، حتى عذّبوه في نهاية نفس الأسبوع وصلبوه – وفق الاعتقاد المسيحي.

بالأمس، توجّه المسيحيون إلى كنائسهم في شتى بقاع مصر، احتفالاً باستقبال المسيح الآتي إلى أورشليم، وبينما يرددون نفس الترتيلة المعتادة، تغتالهم يد الإرهاب الأسود، فيتحول اللحن إلى مرثيّة ممزوجة بالدماء تُبكي القاصي والداني، يتحول الفرح إلى حزن، ويتحول اللون الأخضر – لون سعف النخيل- الذي يرمز للسلام، إلى لونٍ أسود تتشحُ به الكنائس جميعُها، لتبدأ أسبوعًا من الآلام المتضاعفة التي اشترك فيها العبيد مع سيدهم. وبنظرة على منفذي الحادثين، يتضح أن الإرهاب فكرة – مجرد فكرة- والفكرة مع كل أسف لا تموت، ولكن منفذيها هم من يموتون.

والدولة المصرية تحارب الإرهاب – هذا هو الشعار المُعلن- ولكن الحقيقة أن الدولة المصرية تحارب "الإرهابيين" وليس الإرهاب، تُحارب أشخاصًا وليس أفكارًا، تحاربُ جيوشًا غير نظامية، ولا تحارب منهجاً متطايرًا بين لُبٍ وآخر، يتوارثونه أباً عن جد عن إمامٍ عن أميرٍ.

طالما طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتجديد الخطاب الديني، وللحقيقة أن وزير الأوقاف سعى لتجديده – من خلال خطبة موحدة يتم كتابتها وتوزيعها على المساجد- لدرجة أن أحد الأئمة حينما أشاد بحارس المرمى المصري عصام الحضري وقت أن تألق في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، تم إيقافه عن الخطابة ومعاقبته لـ"مخالفته الخطبة الموحدة وحياده عنها"، وسؤالي لوزير الأوقاف: هل تعتقد أنك تخاطب شعبًا جاهلاً معدوم الفكر لهذه الدرجة؟
الحقيقة أن التفكير هكذا في عقلية المواطن المصري هو الذي يدفعه للانضمام لجماعات تُشعره بأن ما سمعه في مسجد أو من فوق منبر، مجرد درس في كتاب صادر عن واضعيه، لا مجال فيه لإعمال العقل، ولكن ما سمعه من "أمراء الجماعات" أكثر إعمالاً للعقل، ورغبة في تدبر ما هو آتٍ في الحياة الآخرة من رغدٍ ونعيم، فيتجه لمثل تلك الأفكار.

أعتقد أن تجديد الخطاب الديني، بات مطلباً حتميًا، ولكن بصورة حقيقية تبدأ من تطهير الأزهر – مؤسسة الوسطية العريقة- من كل الأفكار الوهابية المتطرفة ومن كل الكتب الداعية لتلك الأفكار، والاعتماد على المناهج المستنيرة التي توضح صورة الإسلام الحقيقية السمحة، إذ لفت نظري تعليقًا كتبه أحد الأصدقاء على موقع "فيس بوك" وهو نجل صاحب المقلاه الذي ذبحه متطرف في الإسكندرية منذ بضعة أشهر، قال فيه: "لم يستوصوا بنا خيرًا يا رسول الله"، ويقصد أن أفكار الإسلام الحقيقية الداعية للتسامح والتعايش بذمة ورحمة مع الأقباط، مثلما دعا الرسول، لا تجد الآن طريقًا للتطبيق في مجتمعنا.

أخيرًا، لابد أن أوجه كلمة شكر لشهداء الشرطة في الإسكندرية، على ما بذلوه من أرواحهم فداءً لمئات المصلين داخل الكنيسة، وعلى رأسهم البابا تواضروس، الذي كان هدفًا لعناصر الإرهاب.. ونتمنى أن نشعر – ولو لمرة- بأن العيد يسمى عيدًا وليس مأتمًا تشيع فيه الجنازات بالعويل والصراخ والاتشاح باللون الأسود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم ظهر في أورشليم اليوم ظهر في أورشليم



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 10:24 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حق المنفعة في مخيمات اللجوء

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon