توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حريات إلكترونية

  مصر اليوم -

حريات إلكترونية

بقلم : إياد محسن ضمد

الفوائد الكبيرة التي تقدمها شبكة الإنترنت العالمية والبرامج والتقنيات المتطورة التي رافقتها أدت في الوقت ذاته إلى ظهور نوع من الجرائم التي تهدد أمن وسلامة الأفراد والدول اصطلح عليها تسمية الجرائم الإلكترونية. وهذه الجرائم تختلف عن الجرائم العادية من حيث أثارها ووسائل ارتكابها، فالجريمة الإلكترونية جريمة ناعمة لأنها لا ترتكب باستخدام السلاح أو المواد السامة أو المتفجرة، كذلك هي جرائم سريعة حيث لا تحتاج إلى وقت طويل ويمكن ارتكابها بثوان معدودات كونها، وفي أحيان كثيرة لا تحتاج إلا لضغطة أزرار وهي في النهاية جرائم صعبة الإثبات لأنها لا تترك آثاراً مادية كالبصمات أو البقع الدموية التي يمكن أن تكون محلا للفحص والتحليل والإثبات.

وسائل ارتكاب الجريمة الإلكترونية تتنوع وتتطور بتنوع وتطور وسائل الاتصال كجهاز الحاسوب والهواتف النقالة وما يحتويانه من برامج تعمل على شبكة الإنترنت العالمية. والجريمة الإلكترونية قد تأخذ شكل صناعة ونشر الفيروسات والتي تنتقل عبر الأجهزة المرتبطة بشبكة الإنترنت وتهدف إما إلى سرقة المعلومات أو إتلافها، وقد تأخذ شكل انتحال شخصية معينة واستخدام نفس معلوماتها وصورها في ارتكاب افعال مخالفة للقانون كالتهديد أو الابتزاز.

 وقد تأخذ الجريمة الإلكترونية شكل الجرائم الماسة بخصوصية الأفراد وأسرارهم العائلية بهدف الابتزاز المالي كعمل حسابات وهمية أو حقيقية باسم فتيات وإقامة علاقة بشاب معين، والحصول على تسجيلات فيديوية تظهره بشكل مخل بالحياء، ومن ثم تهديده بالنشر أو دفع مبالغ مالية وقد تأخذ هذه الجرائم شكل الاحتيال المالي، سيما مع الأشخاص الذين يلجؤون للتجارة الإلكترونية، ويتعاملون مع بعض الشركات المصنعة أو المصدرة للبضائع و يتم الإعلان والبيع والشراء والدفع عن طريق البريد الإلكتروني، حيث يقوم مرتكب الجريمة باختراق البريد الإلكتروني للشركة المصدرة، وإرسال رسائل للعملاء بأنه تم تغيير حسابت الشركة التي ستتلقى فيها الأموال لدى المصارف، ويطلب تحويل أثمان البضائع المباعة إلى الحسابات الجديدة التي تعود في حقيقتها لمرتكبي جريمة الاحتيال المالي.

 وقد أظهر موقع أرقام ديجيتال أن عدد ضحايا الجرائم الإلكترونية يصل إلى 556 مليون مستخدم في السنة وأن أكثر من 600 ألف حساب "فيسبوك" في العالم يتم اختراقها يوميا، وهذه الجرائم تهدد أمن وسيادة الدولة والمجتمع وتؤدي في أحيان كثيرة إلى الخلافات بين الأفراد وإلى التفكك الأسري بسبب ما ينتج عنها من إساءة إلى السمعة الشخصية والتشهير، ما حدى بالكثير من الدول إلى تشريع قانون خاص بالجرائم الإلكترونية، وإنشاء وحدات وأقسام فنية تحقيقية متخصصة في كشف هذه الجرائم والتعرف على مرتكبيها ومن ثم تعقبهم وإحالتهم إلى المحاكم.

وفي العراق  جرى إعداد مشروع قانون ينظم الأحكام القانونية لهذا النوع من الجرائم سمي بمشروع قانون جرائم المعلومات، إلا أن هذا القانون لم يجد طريقه إلى التشريع بسبب الانتقادات الكثيرة التي طالت مواده العقابية وحملات المدافعة التي قامت بها مجموعة من المنظمات المدنية، حيث اعتبرته تقييدا كبيرا لحرية التعبير عن الرأي، ومع أني اتفق مع من ذهب إلى أن العقوبات التي جاء بها مشروع القانون عقوبات شديدة وأن بعض نصوصه تحتاج إلى مراجعة وإعادة صياغة، لكني اعتقد أنه لا بد من تشريعه فالمواقع الإلكترونية التي تنتهج منهج الإرهاب أو تنتهك الحقوق الفكرية، أو التي تمارس عمليات ابتزاز مالي، لا بد من حجبها ومعاقبة أصحابها.

 ومثل هذا الحجب وتلك المعاقبة لا يمكن اعتبارهما تحجيم للحريات، وإنما يمثلان خطًا دفاعيًا مهمًا لحماية أمن الأفراد والمجتمع، فحرية التعبير والرأي مقيدة بعدم تعديها على حقوق الآخرين، وحري بالمدافعين عن الحرية الإلكترونية أن يتفهموا أن هناك ضحايا تقع عليهم الآثار السلبية لسوء استخدام الحاسوب وأجهزة الهاتف النقال وبرامجهما "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، وفي الوقت الذي يجب فيه على الدولة حماية حرية التعبير وتوفير مناخاتها المناسبة فإنه يتوجب عليها أيضا حماية الأفراد ممن يسيء استخدام التقنيات تحت ذريعة الحق في التعبير واستخدام المعلومات، فالحريات تكون متاحة بموجب القانون وليست مطلقة كي لا تؤدي إلى الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حريات إلكترونية حريات إلكترونية



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 10:24 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حق المنفعة في مخيمات اللجوء

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon