مصطفى أبو زيد
لازالت الفوضى تعم ربوع مصـر وتسيطر على المشهد العام، تُنتهك الحريات باسم الحرية وتأوَّل الديمقراطية بحسب الأمزجة والاهواء، حتى حرمات الله انتهوكها فلا خير يوم طلعت عليه شمس قُدِر ولا شهر الله الحرام عُظِم، ووأدت الاخلاق والفضائل والمكارم وأخذ سوء الظن من العامة مأخذه وتمكنت الكراهية منهم وتسللت العداوة الى نفوسهم فيعادون من خالفهم وان كان صديقا ! ويمقتون من ناصحهم و.. إن كان فقيها !، ويبغضون من يتحدث باسم العقل والمصلحة العامة!
هذان فريقان اجتمعا فـي باطل فكان ما كان، فريق من المنافقين وشرذمة من المرائين أراد كل فريق أن يقلب الطاولة على الآخر، فانقلبت على كلاهما وظهر للعيان سوء نواياهما وسواد سرائرهما، فتشدقوا بالعدالة وهم أبعد مايكونوا عنها، وتضرعوا باسم الشهيد طلباً لأمجاد خائبة وبطولات زائفة وعزة كاذبة، وسعوا في الأرض فساداً وخراباً مستقويّن بجهلهم
متمسكين بغبائهم وبلادتهم لا ناقة لهم ولا جمل في شيء غير أنهم أهل بطالة وهزل وعبث، فلا رزق طلبوا ولا إليه سعوا ولا لأمر دين انقادوا وانتهوا !!
أراد أحدهم أن ينافق العامة من الشعب باسم الشهيد فأصابه حجر ! وأراد الآخر أن يرائي بادعاء استقلال القضاء والحساب فأصابه حجر ! وفي رأيّ... قد أصاب الحجر وأخطأ الخبلان. !! ولو كفروا وباحوا عن مكنوناتهم لتسقط عنهم أوجه النفاق والرياء ويرى الجميع حقيقتهم لكان خيرًا لنا. وماكان اخطر على الإسلام في عصوره جمعاء أكثر من فتنة المنافقين والخوارج.
ولأن الحريات لاتعني بالضرورة الثورة على كائن ماكان، فقد وجب على الدولة المصرية تقنين مثل هذه التظاهرات والاعتصامات وتجريمها ومواجهتها بكل حزم وقوة وبئس، ذلك أن المواطن العربي وبالأخص المصري ظهرت عليه في الآونة الأخيرة ملامح الهرج والجلبة والغوغاء وسلك نهج البربرية السوقية الجلفاء ومثل هؤلاء لا يمنحون الحرية بل إن وجدت فيهم وجَبَ أن تُسلب منهم، وحسبي ان شوقهم ولهفتهم وآنينهم للسياط والمجلدة اكبر بكثير من قدرتهم على فهم الحرية واستيعابها واحترامها وتقديسها، فأهل الحرية هم من يستخدمونها ويسخرونها للبناء والتنمية والسمو، هم من يسعون لبلوغ امجاد ومكانات عالية تباري قمم الجبال وتعانق السحاب، هم من يبتغونها وسيلة تصل بهم الى صفاء النفس البشرية ويتوقون لنقائها وإظهار محاسنها وفضائلها.
هؤلاء هم اهل الحرية حقا، وليست هذه الوجوه الخبيثة التي نشاهدها في الاعلام وفي الشوارع والميادين وملأت الدنيا ضجيجا ونعيقا ونصّبت نفسها بنفسها على زعامة الحريات !!.
ان مااشاهده اليوم على ارض الواقع من تحزبات وائتلافات وحركات وتكتلات ينبأ بكارثة تهدد استقلال هذا الوطن ووحدة اراضيه، فكل فريق يتبنى منهج او يؤمن بفكرة يقاتل لاعلائها واثبات صحتها وابطال مادونها بل انهم على استعداد للتضيحة بارواحهم ودمائهم في سبيل هذه الافكار الخائبة الباطلة المستنسخة من بقايا فضلات الغـرب الفكرية، فإن كانت الشريعة السمحاء والمنهجية الإسلامية الوسطية الغراء لا يعتد بها هؤلاء ولا يحترمونها ولم يقدروها حق قدرها !
ويجدون دوما في غيرها ملاذهم وامانيهم المغشوشة فقد وجب كذلك على الدولة المصرية تقنين دور مثل هذه التحزبات والحد من تفكك المجتمع باي وسيلة كانت. فبلاد كـ بلادنا انعم الله عليها بـ وفرة في شبابها إن تُرك لهم حرية اختيار المعتقد في ظل هذه الظروف العسيرة فسيسخرون طاقاتهم وقدراتهم وعنفوانهم لخدمة من يقنعهم بفكره ومنهجه، بل لا مانع لديهم للموت في سبيل ما اختاروا وان كان باطلا !!... لا اقول ان نحرمهم حقهم في الاختيار والاقتناع والاعتناق، بل ان نعمل على الحد من انزلاقهم في هاوية ناصح احمق او داعي أرعن أو معلم اخرق او ان يتخذوا من اشباه الرجال قدوة وأسوة..
فكان ولا بد ايضا من ان تعمل الدولة كل مافي وسعها للنهوض بالمستوى العلمي للنشأ تجاورا مع الجانب الخلقي الذي يجب وان يستمد قوته ومصداقيته ومشروعيته من الدين الإسلامي الحنيف.
ولا اشك ابدا في ان يخرج علينا يوما ما احد زعماء الرويبضة الجهلاء ليدس في خطبه ما يبث في نفوس الشباب روح الفرقة والخلاف والنزاع. بل لا استبعد ان يعلنها صراحة وبكل قبح ! فتجد في كلامهم وتصريحاتهم وملتقياتهم الكثير والكثير من الترهات والاباطيل القليل من الوعي والتنوير، فـ يعتمدون على حدث بائد ! أو مصيبة اندثرت ! او قصة لا سند لها
لاثبات ماتنضح به آنائهم المتصدعة. لذا كان لزاما على الدولة تقفي اثر هؤلاء والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه السعي في الوقيعة والدسيسة بين ابناء الوطن الواحد.
ولم يعد يخفى على احد الدور الماكرالخادع الذي تلعبه كبرى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية في سياسات الدول العربية وتشجيع الشعوب على البحث عن الحريات والحقوق حتى وان كانت نتائج ذلك انهيار دولتهم او تقسيمها او حتى قتال ابنائها. !! فاذا كان ديننا النفيث قد حثنا على الصبر في المصائب والاهوال والأذى؟!
كما روي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ : " مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ قَطُّ جَرْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَضَبٍ رَدَّهَا بِحِلْمٍ، وَجَرْعَةِ مُصِيبَةٍ يَصْبِرُ الرَّجُلُ عَلَيْهَا، وَلَا قُطِرَتْ قَطْرَتَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَةِ دَمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَطْرَةِ دَمْعٍ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَهُوَ سَاجِدٌ لَا يَرَاهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا خَطَا عَبْدٌ خُطْوَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ خُطْوَةٍ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَخُطْوَةٍ إِلَى صِلَةِ الرَّحِمِ ".
فكيف باتباع ولي الأمر !! بل ان السلف والصالحين والفقهاء قد أمروا عموم أمتهم بالصبر على الحجاج بن يوسف الثقفي ! وكلنا نعلم من هو الحجاج !! ولكم اتمنى ان يعود في زماننا هذا، ليرى بأم عينه رؤوسًا قد أينعت وفات ميعاد حصادها فتعفنت وأتلفت ماحولها !!.
وإلا تعالوا فلنتحاسب جميعًا على مافعلناه !
فلنحاسب الأحزاب إذا على مافعلته للحياة السياسية طيلة ثلاثون عامًا ! وليس في مئة يوم !!
فلنحاسب الحركات اللعينة الموبوئة المشبوهة المدفوعة كـ حركة السادس من إبريل على سبيل المثال والحصر ! ومافعلته للدولة ! سوى الخراب وإشاعة الفتن وتشتيت شباب الامة وتصدر مشاهد الخروج والاعتصام والاضراب دونما سقوط مصاب واحد في صفوفهم !!؟؟ فلنحاسب انفسنا جميعا على ماقدمناه لـ مصـــــــــــر،،
وماذا قدمنا لـ مصـــر ! لا شيء...
ولذلك يتهرب الجميع من المسائلة، في محاولات بائسة تفرضها الذاتية على انفس تعلم تمام العلم انها مسئولة ومسؤولة عما كانت تعمل وتقول، وهل يكب الناس في النار على وجوهم إلا حصائد ألسنتهم. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول تعالى في كتابه الكريم :
( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) التوبة 105.
فـ ماذا صنعنا ! وماذا عملنا ؟! يااهل المظاهرات والاعتصامات والمطالبات ! ماذا عملتم حتى تواجهوا به رب العباد.!يا اهل الميادين والشوارع والساحات ! ماهي حججكم واين براهينكم !؟!! اتمنى ان تواتيكم الشجاعة حينها لتقولوا حق الشهيد يارب. !!!
فيا اهل السياسة الخبثاء لا تعلموا شبابنا ان ينافقوا كما نافقتم من قبل..
لا تعلموهم ان يراءوا كما فعلتم وكما داهنتم وتملقتم من قبل..
لا تعلموهم من اين اكتسبتم اموالكم ومناصبكم ومن اين لكم ماانتم فيه ؟!
واكثركم من اجهل الجهلاء واغبى الاغبياء واسفه السفهاء!!.
قولوا خيرا او اصمتوا واخرسوا عليكم من الله ماتستحقون.
وياشباب مصر، اصبروا وصابروا ورابطوا وظنوا خيرا وطهروا قلوبكم ونقوا فطرتكم واستنيروا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم واتركوا عنكم المفتنين الخائبين الداعين للخروج الى الشوارع والميادين، اتركوا عنكم الافكار المتحررة الرجعية انفضوا عن عقولكم غبار الجهل والطيش وتصافوا وتحابوا وتهادوا ولا تباغضوا ولا تشاحنوا. وتذكروا ان الله قد انعم علينا بنعم وفيرة، بنعمة الإسلام وكفى بها نعمة. بنعمة الحرية. بنعمة الامن، بنعمة الوحدة
بنعمة كونك مسلما عربيا مصريا ! تحيا وتتعايش على ارض عريقة اصيلة وطأها انبياء الله وذكرها الله في كتابه الحكيم ووصى بها نبينا الكريم. استشعروا عظمة الإسلام وجمال اخلاقياته وسلوكياته. استشعروا العزة بالله.
ان الفرصة لا تأتي الا قليل واني اراها قد جاملتنا في عديد المناسبات وابدت لنا ما لم نكن ننتظر ونرتقب فهلا تخلينا عن العصبية الجاهلية المقيتة وتحلينا بروح التآخي والود الإسلامية ؟!
ونصيحتي للجميع ان الشريعة الإسلامية ليست حكرا على احد. ولا يمثلها الا من ارتضاها واقتنع بها ولا يطبقها ولا يفرضها الا عالم باوامر الله اهلا للثقة اجمع عليه علماء الامة وفقهائها.
فيا من تريدون الإسلام لاتتخذوه درعكم وسيفكم لمواجهة من يخالفونكم تبطشون بهم وتستحلون دمائهم ! وانبذوا من كان فيكم يدعوا بمثل هذا وافتكوا به ان لزم الامر.
ويامن تحاربون الإسلام عن جهل وبمفاهيم خاطئة اعطوا انفسكم فرصة للفهم والتأمل والتدبر ولا تجعلوا بغضكم وكرهكم لاهل الدرع والسيف يقف حائل بينكم وبين ما ارسله الله لكم عبر نبيه المصطفى الطاهر الامين وتذكروا ماشاقه وتحمله وتجلده من اجل اتمام الرسالة..
ويامن تحاربون الإسلام تحت مسميات واهية كثيرة اصابتكم من المدنية الغربية اللعينة اتقوا الله وتذكروا يوما تردون فيه إليه وما اخزى يومها من عذر أقبح من ذنب !...
واقولها لكم بكل ما تعني كلماتي من معنى. لا داعي أن نندم، يوم لا ينفع الندم ولايفيد !!
حفظ الله مصر وشعبها، وسلم الامة الإسلامية من كيد اعداء الدين
ورد كيدهم في نحورهم وأضلهم واعمى بصيرتهم، واعزنا بالإسلام قائمين مجاهدين لانخشى في الله لومة لائم.
اللهم اني استودعتك وطني فاحفظه لنــا.