محمد زين
عمدت إدارة شركة "فيسبوك" إلى تسعير خدمات الموقع الاجتماعي الشهير.. فمنذ ظهور الموقع وحتى الآن لم يكن هناك مقابل مادي يذكر، ولكن لاحظنا أن هناك سياسة جديدة تتبعها الشركة، وهذه خطوة تأتي ضمن خطوات متتالية متوقعة في الأمد القريب.
بدأ ذلك الفكر منذ فترة ليست بالبعيدة، بداية بتحديد حجم المشاهدة التي يمكن أن تصل للمشاركات والمنشورات على الصفحات الخاصة، وتحديدها بنسب متصاعدة حسب عدد المتابعين لما تم نشره على الصفحة.
كذلك بدأ منذ أسبوع تقريبًا خدمة محددة السعر لإبراز ما تحب على صفحتك الشخصية بالأعلى، وذلك مقابل 3 دولارات تقريبًا.
إذن، فلنتوقع أنه على أمد ليس بعيد سيتم تحديد سعر للمشاركات والمنشورات والحالات على الحسابات الشخصية، وهذا ينبئ أن استخدام تلك الخدمات سيقل تمامًا للمستخدمين العرب على وجه العموم، والمصريين على الوجه الأخص.
بطبيعة المصري يحب كل ما هو مجاني ويغالي فيه، ويضيع وقته بالكامل في الإعادة والزيادة، وقد تضخم استخدام المصريين من بعد اندلاع الثورة وحتى الآن بطريقة مبالغ فيها.
وبالتحديد على النطاق السياسي، فقد أصبح كل من هب ودب من المصريين شبابًا وشيوخًا رجالاً ونساءً من أمهر وأعظم المحللين السياسيين والخبراء الإستراتيجيين، وتتجلى حنكتهم ومهاراتهم في مشاركات الروابط من المواقع المختلفة المقروءة والمرئية، مع إضافات قوية من خلال التعليقات المبهرة، وذلك كله بفضل مجانية المشاركة والإضافة، وكذلك التعليق على كل الأحداث السياسية الأخيرة في مصر، والنقد الموضوعي المميز، وكان آخره نقد الزنجا في معرفة أسرار المانجة – والمستخلص لتصريحات السيد الرئيس محمد مرسي على إحدى القنوات الفضائية .. وعلى كل مثل من أمثلة الإبهار والإتحاف التي ميزت كل النشطاء المشاركين مجانًا بتحليلاتهم ونقدهم القوي.
ولكن كل هذا سيذهب هباءً مع تسعير مشاركات الموقع الشهير .. وسنجد أن نصف المشاركين الأفذاذ سيتركون الموقع تمامًا ويعودون أدراجهم إلى مواقع أخرى تقدم الخدمات مجانًا، وفي ذلك راحة كبرى ..
أما النصف الآخر فسيضطر آسفًا إلى المشاركة في العمل السياسي والنزول إلى الشارع ليصطدم بواقع لا ينتظر فيه علامة اللايك ولا التعليق البعيد .. ولربما في ذلك فائدة جمة لهؤلاء الشباب، بعد أن أصبحت أفكارهم ونظراتهم افتراضية تبعًا للموقع الراسم لحياة افتراضية .. فالوقت وقت العمل إلى الأمام يا نشطاء الموقع الافتراضي .. تقدموا تقدموا.